المنتدى السياسي رفيع المستوى: إطلاق دعوات لأجل نزاهة نظام الأمم المتحدة للتنمية
يجب أن يتمتع نظام الأمم المتحدة بمزيد من النزاهة إذا كنا نريد تحقيق أهداف الأمم المتحدة التي نحتاجها، وذلك من خلال دعم الركائز الأساسية الثلاث لميثاق الأمم المتحدة (الأمن والسلام، والمضي في التنمية، وحقوق الإنسان) في وقت واحد. وكانت هذه واحدة من الرسائل الرئيسية التي قدمها التحالف الدولي للموئل - شبكة حقوق الأرض والسكن، للمنتدى السياسي رفيع المستوى (HLPF)، بمقر الأمم المتحدة (نيويورك)، في يوليو/تموز 2024، أثناء الاستعراض السنوي لأداء الدول في تنفيذ أجندة 2030، وأهداف التنمية المستدامة (SDGs).
على الرغم من الوعود بإعادة تموضع نظام الأمم المتحدة للتنمية (UNDS)، لتحقيق أجندة 2030، فإن الثقافة السائدة في الأمم المتحدة، تقوض الطبيعة الموحدة المنشودة للنظام. وتكمن أفضل فرصة متبقية - وربما قد تكون الوحيدة - لاستعادة نزاهة النظام، في الجهات الفاعلة المدنية، لسد الفجوة التي تم إنشاؤها، والحفاظ عليها بين هذه الأهداف الأساسية الثلاث.
ويمكن لنظام الأمم المتحدة للتنمية، والدول التي يتألف منها، أن تتعلم من الأمثلة التي توضح كيف أن تنفيذ الالتزامات والأدوات المتعلقة بحقوق الإنسان، يعزز أداء التعهدات التنموية. وكان من الممكن أن يركز المنتدى السياسي رفيع المستوى، على مثل هذا النهج، لكنه لم يفعل.
ومن الممكن أن يكون تحقيق المزيد من الديمقراطية في الأمم المتحدة، أحد السبل لاستعادة البناء الموحد، والمستوحى من ميثاق الأمم المتحدة، في المنتدى السياسي الرفيع المستوى، كما أن هناك مجال للتحسين.
ويسعى التحالف الدولي للموئل - شبكة حقوق الأرض والسكن، إلى تقديم أمثلة حول الوفاء، و/أو الإخفاق، في الالتزامات المرتبطة بالعهود الدولية لحقوق الإنسان، خاصة تلك المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، من خلال تقييم تقارير المراجعة الوطنية الطوعية (VNRs) المحددة سلفاً. ويوفر هذا الطلب، أمثلة حول تنفيذ موقف قمة التحالف الدولي للموئل من أجل المستقبل.
كما يمكن أن تكون المزيد من المجموعات الرئيسية، وأصحاب المصلحة الاخرين (MGOs)، مركزًا لتنمية القدرات، وتعزيز الوعي بهذه المعايير الشاملة للنظام. ومن بين المجموعات الـ 21 لأصحاب المصلحة التي تشكل جزءًا لا يتجزأ من أجندة عام 2030، كما هو منصوص عليه في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، 290/67، أعربت المجموعة الرئيسية للأطفال والشباب(CYMG) ، والمجموعة النسائية الرئيسية (WMG)، بشكل أكثر وضوحًا، عن مطالبها من أجل أمم متحدة قائمة على حقوق الإنسان وذات طابع ديمقراطي.
الأطفال والشباب
وفي الجلسة الافتتاحية للمنتدى السياسي رفيع المستوى، لهذا العام التي عقدت في 8 يوليو/تموز 2024، دعا المنظمون مجموعة الأطفال والشباب الرئيسية (MGCY)، باعتبارها دائرة تأسيسية ديموغرافية، وليست دائرة تأسيسية وظيفية مثل دائرة صغار المزارعين، أو التعليم والاوساط الأكاديمية، أو قطاع الأعمال والصناعة، حيث أن مجموعة الأطفال والشباب الرئيسية (MGCY)، ومثل المجموعة النسائية الرئيسية (WMG)، تتخذ مواقف جماعية بشأن قضايا عدة تتنوع ما بين الحرب و تغير المناخ، والشؤون الإنسانية، وحقوق الإنسان، والهجرة. وقد تحدثت شانون ليزا (Shannon Lisa )، ممثلة مجموعة الأطفال والشباب الرئيسية، عن الظلم بين الأجيال والأزمة الوجودية في جلسة قاعة المدينة.
وقد حددت الآنسة ليزا، خمس أولويات عاجلة لمجموعة الأطفال والشباب الرئيسية:
- أن تتوقف الحكومات عن تمويل المجمعات الصناعية العسكرية، وتنفيذ وقف إطلاق نار فوري ودائم في جميع النزاعات الجارية.
- أن تقوم الدول بسد الفجوة البالغة 500 مليار دولار أمريكي، في تمويل أهداف التنمية المستدامة، كما ورد في تقرير أهداف التنمية المستدامة لعام 2024، وأن تأخذ على محمل الجد الالتزام بـ عدم ترك أحد يتخلف عن الركب، وتوجيه التمويل إلى المجتمعات الأكثر تأثرا وتضرراً.
- التوقف عن دعم الإجراءات التي تدمر كوكبنا، وأن تتوقف وكالات الأمم المتحدة عن تلقي التمويل من صناعات الهيدروكربونات، والبلاستيك، والوقود الأحفوري، وغيرها من الصناعات المشاركة في التدمير على نطاق الكوكب، والانخراط في علاقات وثيقة معها، والانضمام إلى حركة معاهدة عدم انتشار الوقود الأحفوري.
- إنهاء المساحات المغلقة في منظومة الأمم المتحدة، بما في ذلك التمثيل المختار بعناية (لمجموعات الشباب)، وأن يكون التمثيل على أساس دوائر جماعية، عالمية، ومنصفة، وقائمة على الحقوق.
- ضمان إدراج مؤشرات الشباب في جميع الخطط.
وفي أثناء افتتاح الجلسة رفيعة المستوى من المجلس الاقتصادي والاجتماعي(ECOSOC) ، في الجلسة الوزارية في 15 يوليو/تموز 2024، دعى سامح كامل، الشريك المنظم لمجموعة الأطفال والشباب الرئيسية (MGCY)، إلى الحوكمة الخاضعة للمساءلة، وتعاون الشباب مع الحكومة. بالإضافة إلى ذلك، دعا الشريك المنظم للمجموعة الى الحماية الاجتماعية الشاملة، وأن يكون تركيز الأمم المتحدة على الأمن أكثر طموحاً، وفاعلية مع إصلاح مجلس الأمن، وإتاحة مشاركة الشباب فيه. وأكد على أن مجتمعات في الخطوط الأمامية، يجب أن تلعب أدوارًا قيادية دائمة، وحث على تطوير الاقتصاد الدائري، وحماية المدافعين عن البيئة وحقوق الإنسان.
كما طالب السيد كامل من قمة المستقبل وميثاق المستقبل المقبل ما يلي:
- إصلاح عاجل للهيكل المالي العالمي؛
- إيجادنماذج أكثر تقدمية لـ التفاعل والمشاركة؛
- مراجعة الرصد الخاص بالشباب؛
- إنشاء بند في جدول الأعمال لتعزيز المشاركة، بالإضافة إلى دليل لجميع وكالات الأمم المتحدة لتمكين التنظيم المباشر والذاتي للشباب والمجموعات الرئيسية الأخرى؛
- وقف إطلاق النار بشكل فوري ودائم، وإنهاء النزوح في جميع النزاعات الجارية، حيث أن غالبية الضحايا هم من النساء والأطفال والشباب؛واختتم بقوله نحن بصفتنا من الشباب، نرفض أن نكون الضحايا الجماعيين للمجمعات الصناعية العسكرية.
مجموعة النساء الرئيسية
وهي تعد كذلك مجموعة تأسيسية ديموغرافية أكثر منها مجموعة من المجموعات الرئيسية والجهات المعنية الأخرى (MGOS) المصنفة حسب وظيفتها (مثل المنظمات غير الحكومية أو المزارعين الصغار)، وقد أظهرت كذلك، المجموعة التأسيسية للنساء، تماسكًا داخليًا في موقفها تجاه الأمم المتحدة وأجندة 2030. ودعت مجموعة النساء الرئيسية بشكل عاجل، في 3 يونيو/حزيران 2024، إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة، وتحرير فلسطين، مع الإشارة تحديدًا، إلى إسرائيل كدولة استعمارية استيطانية، وإلى أفعالها المتمثلة في الإبادة الجماعية وتدمير البيئة. ووجهت المجموعة انتقادات إلى حكومات عالم الشمال، وخاصة أستراليا وكندا وفرنسا وألمانيا وهولندا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وغيرها، لتورطها الفادح، في توريد الأسلحة، والمساعدة، والتحريض على الإبادة الجماعية، والتطهير العرقي للفلسطينيين. وأشار البيان إلى أن تلك الدول كانت تفخر بشكل غير مستحق بسجلاتها في مجال حقوق الإنسان، وسياساتها الخارجية، والتنموية النسوية، بينما تقوض عمدًا السلام والأمن والعدالة الدولية، من خلال دعمها غير المشروط، للمشروع الاستعماري الاستيطاني الإسرائيلي. وبذلك، أدخلت المجموعة التأسيسية للنساء، الجانب الذي غالبًا ما يُغفل عنه في الالتزامات والواجبات الخارجية للدول في أجندة 2030، خاصة فيما يتعلق بالهدفين (16، 17).
كما أصدرت مجموعة التأسيسية للنساء في اليوم التالي، ورقة موقف للمنتدى السياسي رفيع المستوى 2024، وأشارت إلى أن حقوقنا وأجسادنا وكوكبنا في خطر، حيث تتحمل الفئات الأكثر تهميشًا من الناحية الهيكلية عبء الأزمات المتقاربة والتي تؤدي إلى تفاقم التفاوتات الموجودة مسبقا. كما أشارت الورقة الى تصاعد النزعة العسكرية والحروب، وانتشار انتهاكات حقوق الإنسان، وتفكيك الخدمات الاجتماعية الأساسية اللازمة لتلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية، مما يخلق طبقات جديدة من الضعف، خاصة للنساء والفتيات والأشخاص ذوي التنوع الجنسي. ولمعالجة هذا الاتجاه، طالبت المجموعة التأسيسية للنساء، بإعادة توجيه للنفقات العسكرية بشكل عاجل نحو الإنفاق الاجتماعي، وتسريع الجهود نحو السلام، ونزع السلاح، والتغيير النسوي، ودعت الحكومات إلى إنهاء الاحتلال الإمبريالي، ودعم حق الشعوب في العدالة، وتقرير المصير، والتنمية المستدامة. (وقد أثبتت هذه القضايا أيضًا أنها مثيرة للجدل في النقاش الدائر نحو اعتماد الإعلان الوزاري.)
وخاطبت المجموعة التأسيسية للنساء، قمة المستقبل في هذا العام، لتؤكد أن العلم لم يعد قادرًا على تجاهل الأنظمة المعيبة للتنمية الرأسمالية النيوليبرالية، والنمو غير المحدود الذي يفضل الربح الخاص، على حساب الناس والكوكب، مما يفاقم التأثير الكارثي لأزمة الكوكب الثلاثية، على سكان عالم الجنوب. وأكدت مجموعة النساء في موقفها، أنه على الحكومات أن تبذل المزيد من الجهود، لدعم القوانين والتعهدات الدولية، التي تم إنشاؤها لحماية حقوقنا الإنسانية، بما في ذلك الصحة والحقوق الجنسية والإنجابية، وحماية الأنواع الأخرى، وكوكب الأرض. وناشدت المجموعة التأسيسية للنساء، وبصفتها ناشطات نسويات، ومدافعات عن حقوق الإنسان، حكومات عالم الجنوب، بأن تكون جريئة وطموحة، وترفض الحلول الزائفة، وتطالب بتمويل مناخي مُجد وكافٍ للأزمة البيئية التي تسبب فيها جشع الرأسمالية.
وفي ضوء دعوة المجموعة التأسيسية للنساء المناهضة للعسكرية والإمبريالية، تجدر الإشارة إلى أن فعالية واحدة فقط فى البرنامج الرسمي للمنتدى السياسي رفيع المستوى، والتي نظمتها منظمة YouNGO، تناولت موضوع نزع السلاح، وهو موضوع ذو أولوية في قمة المستقبل. ومع أن المجموعات الرئيسية، والجهات المعنية الأخرى تعكس قاسما مشتركا غير ضار بين مجموعات المصالح في جلسة وجهات نظر المجموعات الرئيسية واصحاب المصلحة (MGOS) فقد تناقض ذلك مع وضوح وتماسك الرسائل التي قدمتها مجموعة النساء الرئيسية (WMG) ومجموعة الأطفال والشباب الرئيسية (MGCY).
الصورة: جلسة المجموعات الرئيسية، والجهات المعنية الاخرى MGOS، في المنتدى السياسي رفيع المستوى (HLPF)، 15يوليو/تموز 2024.
المصدر:UN web TV
|