الأمم المتحدة تكشف عن الشركات المتواطئة جنائياً
بعد عملية دامت أربع سنوات، وممارسة ضغوط كبيرة من قبل بعثة الولايات المتحدة الأمريكية، وإدارة ترامب، وأعضاء من الكونجرس الأمريكي، أصدر مكتب مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، تقريره عن الشركات والكيانات التجارية التي تدعم أنشطتها الاستعمار الإستطياني الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة. فبموجب التفويض الصادر بقرار من مجلس حقوق الإنسان في مارس/آذار 2016، تلقى مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، بيانات مجمعة بشأن 321 كياناً تجارياً، وفقاً لمنهجيتها المنشورة. وقد أرجأ المفوض السامي السابق زيد بن رعد نشر هذا التقرير، حتى تولي المفوض السامي الحالي ميشيل باتشليت ولايتها في سبتمبر/أيلول 2018.
وأثناء إعداد قاعدة البيانات والتقرير، أجرى مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، مجموعة من المشاورات مع الفريق الأممي العامل المعني بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان، ونقاشات مع الدول المعنية، والمجتمع المدني، ومؤسسات الفكر والبحوث، والأكاديمين، والشركات المعنية. وبعد تنقيح التقرير المنشور مرتين، تم تخفيض القائمة لتصبح 112 كياناً تجارياً، لدى مكتب مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، أسباب معقولة لاستخلاص أن تلك الكيانات لديها نشاط واحد أو عدة أنشطة متعلقة بالاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي.
والأسباب القانونية، لوضع قائمة بوكلاء كيانات القطاع الخاص تلك، في مؤسسات المستوطنات الاستعمارية، هي الحظر في القانون الدولي الإنساني (المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة)، والقانون الدولي الجنائي، ضد الجرائم الجسيمة لنقل السكان، والمتمضنة زرع المستوطنين والمستوطنات لسلطة الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة. فعواقب حقوق الإنسان الناجمة عن تلك الجرائم والخروقات الجسيمة موضحة في دراسة اللجنة الأممية الفرعية لمنع التمييز وحماية الأقليات الصادرة في عام 1993. فمنذ عام 1980، دعى مجلس الأمن جميع الدول إلى عدم تقديم أية مساعدة لإسرائيل، لكي تُستخدم بشكل خاص فيما يتصل بالمستوطنات في الأراضي المحتلة. وقد أعاد مجلس الأمن تكرار هذا الموقف القانوني في قراره الصادر في 2016، وإذ يـدين جميـع التـدابير الراميـة إلى تغـيير التكـوين الـديمغرافي وطـابع ووضـع الأرض الفلسـطينية منذ عام 1967، ويؤكــد أنــه لــن يعتــرف بــأي تغــييرات في خطــوط الرابــع مــن حزيـــران/يونيه 1967، بما في ذلك مـا يتعلـق بالقـدس، سـوى التغـييرات الـتي يتفـق عليهـا الطرفـان مـن خلال المفاوضات.
كما أوضحت لجنة القانون الدولي ... تُجرم الفقرة الفرعية (ب)، توطين مستوطنين في أراضي محتلة وتغيير التكوين الديمغرافي لأراض محتلة، وهناك عدة أسباب دفعت اللجنة إلى إدراج هذه الأفعال ضمن الحرب الجسيمة للغاية. ففيما يتعلق بتوطين مستوطنين في أراض محتلة، يشكل الفعل تعسفاً بالغ الخطورة في استعمال السلطة وخصوصاً لما قد ينطوي عليه من نية معلنة لضم الأراضي المحتلة. أما بالمسبة إلى لتغير التكوين الديمغرافي لأراض محتلة، فقد رأت اللجنة أن هذا الفعل يتسم بجسامة الإبادة الجماعية.
وقد صرحت المفوض السامي لحقوق الإنسان، ميشيل باتشليت، أنني على دراية بأن تلك القضية كانت وستظل مثيرة للجدل. وقد هددت الولايات المتحدة الأمريكية مجلس حقوق الإنسان بعواقب وخيمة في حالة تضرر أية شركة أمريكية نتيجة لنشر تلك القائمة. وتتضمن القائمة شركات تتخذ من إسرائيل، وفرنسا، ولوكسمبرج، وهولندا، تايلاند والولايات المتحدة الأمريكية مقراً لها.
ويرحب التحالف الدولي للموئل، وأعضائه، ومنظمات حقوق الإنسان بشكل عام، بنشر قائمة الشركات المتواطئة كنصر لمسألة تلك الشركات. ومع ذلك، هذه القائمة ليست شاملة، فقد حذفت، شركات عدة معروفة ومرتبطة بجرائم إسرائيل في نقل السكان، ومن بينها تلك شركات مقرها دولاً أخرى. علاوة على ذلك، أسقطت منهجية التحقيق لمكتب المفوضية السامية الكيانات المسجلة بصفة غير هادفة للربح، ومن بينها المؤسسات الإسرائيلية شبه الحكومية ، مثل المنظمة الصهيونية العالمية، الوكالة اليهودية، والصندوق القومي اليهودي، والتي تكرس أشغالهم للاستعمار ومشروع نقل السكان، وتدار كمؤسسات خيرية معفاة من الضرائب في حوالي خمسين دولة أخرى، من بينهم سبعة عشر دولة على الأقل أعضاء في مجلس حقوق الإنسان.
وسيعتمد اتخاذ مزيد من الخطوات في دراسة واستخدام البيانات المستخلصة على الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان، الذين كانوا من المفترض أن يقيموا التقرير في الدورة 43 للمجلس، في مارس/آذار 2020، إلا أنه، عقب زيادة القيود المفروضة على الاجتماعات والتجمعات في جنيف بسبب جائحة كوفيد-19، تم تعليق الجلسة إلى أجل غير مسمى، في يوم الجمعة 13 مارس/آذار 2020.
الصورة: موقع واشنطن بوست
|