الفصل العنصري على فلسطين
في ديسمبر/كانون الأول 2019، أنهت لجنة الأمم المتحدة المعنية بمعاهدة القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري، استعراضها الدوري الأخير، لأداء إسرائيل في تنفيذ معاهدة القضاء على التمييز العنصري. وقد أشارت اللجنة إلى أشكال متعددة من التميز المادي المؤسسي في السياسات والممارسات الإسرائيلية، خاصة التي أضرت بحقوق الإنسان في السكن الملائم والموارد الطبيعية. ففي دورتها المئة، لاحظت لجنة القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري الطابع العنصري لهياكل الفصل والعزل القائمة في القوانين، والمؤسسات شبه الحكومية، بغرض نزع الملكية، وإلغاء الوجود الوطني للشعب الفلسطيني على جانبي الخط الأخضر ( خط الهدنة 1948).
وقبل عملية الاستعراض، اشتبكت مجموعة من منظمات المجتمع المدني الفلسطينية، والإقليمية، والدولية، مع اللجنة في الفريق العامل لما قبل الدورة، وتقديم تقرير موازي مكتوب، فضلا عن مشاورات شفهية مع اللجنة. وضمت تلك المنظمات، مركز الحق، والبديل، والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، ومركز الميزان لحقوق الإنسان، وأدامير، والتحالف المدني لحقوق الشعب الفلسطيني في القدس، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والتحالف الدولي للموئل- شبكة حقوق الأرض والسكن. وقد تضمن تقريرهم الموازي المشترك المكون من ستين صفحة، تفاصيل عن المؤسسات المؤسسة لدولة إسرائيل، والتشريعات والسياسات التي بلغت ذروتها في جريمة الفصل العنصري.
محو الخط الأخضر في ظل الانتهاكات عبر الحدود
وفي ديسمبر/ كانون الأول 2019، قد قدمت مجموعة منظمات المجتمع المدني، في تقريرهم وبيانهم المشترك إلى اللجنة، فحصاً حول السياسات والممارسات الإسرائيلية، تجاه الشعب الفلسطيني أجمع، والذي أدى إلى التشتت السياسي، والقانوني، والجغرافي والاجتماعي، المفروض على الفلسطينيين، كركيزة لنظام الفصل العنصري الإسرائيلي. وبدورها في اعتمدت اللجنة مجموعة من الملاحظات والتوصيات، التي توضح التزامات إسرائيل الفردية، والجماعية، والمحلية، والخارجية، لإنهاء الفصل العنصري والعزل العنصري، وبالأخص، فيما يتعلق بالشعب الفلسطيني على جانبي الخط الأخضر، بالإضافة إلى لأولئك الذين يعيشون في الشتات كلاجئين منذ عام 1948.
وفي إطار متسق مع الاستعراضات السابقة، حثت اللجنة إسرائيل في فقرتها الثالثة، على ضمان عدم التمييز في سياساتها وممارساتها سواء من حيث الهدف أم النتيجة ضد المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل، و الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة. بالإضافة إلى ذلك، دعت اللجنة إسرائيل إلى أن تتحمل التزاماتها دعت اللجنة إسرائيل إلى الوفاء بالتزاماتها تجاه الشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة بحسن نية ووفقاً لنص وروح الاتفاقية والقانون الدولي (الفقرات 9-10).
الحق في السكن، الأرض، الملكية، وغيرها من الموارد الطبيعية
دعت اللجنة إسرائيل إلى إعمال حقوق الفلسطينيين على جانبي الخط الأخضر، في الأرض والملكية والسيادة على الموارد الطبيعية، وإلى مراجعة قوانينها العنصرية المتعلقة بالتخطيط وإنشاء المناطق المغلقة، معربةً عن قلقها بشأن استمرار هدم المنازل في جنوب النقب وفي الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، والتي تؤدي إلى تهجير الشعب الفلسطيني الأصلي ونزع ملكيته. وعلى وجه الخصوص، دعت اللجنة إسرائيل إلى اتخاذ جميع التدابير اللازمة... لوقف هدم المنازل وإخلاء البدو من منازلهم وأراضي أجدادهم (الفقرة 29)، كما حثت الدولة الطرف على متابعة تنفيذ هذه التوصية في غضون عام (الفقرة 54). كما أشارت أيضاً إلى عدم شرعية المستوطنات الاسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة، وفي الجولان السوري المحتل، وأعربت كذلك اللجنة عن قلقها إزاء استمرار مصادرة الأراضي الفلسطينية وفرض القيود على الوصول... للموارد الطبيعية، بما فيها الأراضي الزراعية، والإمداد الكافي بالمياه (الفقرة 42).وشددت اللجنة على أن المستوطنات الإسرائيلية ليست فقط غير شرعية بموجب القانون الدولي، ولكنها تشكل عقبة أمام تمتع الجميع دون تمييز بحقوق الإنسان فيما يتعلق بالأصل القومي أو العرقي (الفقرة 4).
كما وعبرت اللجنة عن قلقها إزاء المركز والأنشطة غير الواضحة لبعض الكيانات شبه الحكومية، التي تؤدي مهاماً محددة في صنع القرار دون أن تكون جزءاً من الهيكل التنفيذي (الفقرة 17)، على غرار المنظمة الصهيونية العالمية، والوكالة اليهودية، والصندوق القومي اليهودي، والتي أُنشأت للقيام بالتمييز المادي ضد الأشخاص من غير اليهود، والتي تعمل خارج الحدود الإقليمية، كمؤسسات خيرية معفاة من الضرائب، في أكثر من خمسين دولة هم أطراف في معاهدة القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري. وبناءً على ذلك، أوصت اللجنة بأن تضمن الدولة الطرف امتثال جميع المؤسسات التي تمارس مهاماً حكومية امتثالاً كاملًا للالتزامات القانونية الدولية للدولة الطرف، وأن تكون مسؤولةً على قدم المساواة مع الهيئات التنفيذية الأخرى (الفقرة 18 (ب)). كما ودعت اللجنة إسرائيل إلى تقديم المعلومات ومتابعة تنفيذ هذه التوصية في غضون عام (الفقرة 54).
وفي إطار عملية الاستعراض، خضعت أيضاً إسرائيل لاستعراض آدائها بموجب التزاماتها الناشئة عن العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. حيث قدمت إسرائيل كدولة عضو تقريرها الرابع إلى اللجنة المعنية بالعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في 2018، والذي أغفل تناول غالبية الأسئلة والتوصيات المعلقة. وبالتوافق مع الملاحظات السابقة، دعت لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في ملاحظاتها الختامية بشأن إسرائيل في عام 2019 إلى:
الكف فوراً عن جميع سياسات الاستيطان وبناء المستوطنات وعكس مسارها في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وفي الجولان السوري المحتل، وإلغاء السلطات المفوضة للمنظمات التي تيسر الاستيطان مثل المنظمة الصهيونية العالمية والصندوق القومي اليهودي، ووقف دعم هذه المنظمات (الفقرة 11(د)).
كما نظرت لجنة مناهضة التميز العنصري، إلى مزيدا من التحليل، والذي يشير إلى كيف يشكل المجلس الإقليمي للتخطيط، واللجنة المعنية بالقبول، جنباً إلى جنب مع السلطات القانونية، وسياسات المؤسسات الصهيونية، الأدوات المؤسسية، لاستبعاد المواطنين الفلسطينيين، من التملك، واستخدام الأراضي، فضلا عن الوصول والاستخدام للمسكن الملائم.
وبخصوص الوضع داخل الأرض الفلسطينية المحتلة، بقيت اللجنة قلقة من حيث عواقب السياسات والممارسات التي ترقى إلى حد الفصل، مثل وجود ... نظامين قانونيين بمؤسساتهما، منفصلين بالكامل، في المجتمعات اليهودية في المستوطنات غير الشرعية من جهة، والسكان الفلسطينيين الذين يسكنون البلدات والقرى الفلسطينية من جهة أخرى.
وعبرت كذلك، اللجنة عن طشعورها بالفزع من الطابع المُحكَم في الفصل بين المجموعتين اللتين تعيشان في نفس المنطقة، من حيث عدم تمتعهما باستخدام متساوٍ بالنسبة للطرق والبنية التحتية والوصول إلى الخدمات الأساسية والأرض وموارد المياه. كما أوضحت اللجنة، بأنه يتجسد الفصل من خلال فرض خليط معقد من القيود على الحركة التي تتمثل في الجدار والمستوطنات وحواجز الطرق ونقاط التفتيش العسكرية ووجوب استخدام طرق منفصلة ونظام تصاريح والذي يؤثر سلباً على السكان الفلسطينيين. إذ تصل هذه الممارسات إلى حد سياسات الفصل العنصري (الأبارتهايد)، انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية (الفقرة 22).
|