نمط كروبورو Crowborough
تدل حالة التطوير في البنية التحتية في مدينة هراري الكبرى، على وجود نمط من انتهاكات الحق في السكن، في جميع أنحاء زيمبابوي. فدوائر الحكومة المختلفة، مسؤولة عن الآلاف من عمليات الإخلاء القسري نفذت بالفعل، أو مهددة ضد الأسر المعيشية، التي استقرت على مدار سنوات وبموافقة المجالس المحلية، والتي أُجبرت على تسليم منازلها، واستثمارها الكبير لجرافات جيل جديد من بارونات/أباطرة الأراضي، كما هو معروف محلياً.
يوجد أرض زراعية سابقة كانت مملوكة لمجلس مدينة هراري، وتقع على بعد حوالي 20 كم غرب منطقة الأعمال المركزية في هراري (CBD) . وقد استضافت قطعة الأرض محطة معالجة مياه الصرف الصحي في المدينة، التي تعمل بالاشتراك مع مزرعة ماشية تعرف باسم مزرعة كروبورو. وخلال عملية معالجة المياه، كان الجزء الأكبر من المياه المعالجة يستخدم لسقي المزرعة، وآلاف الرؤوس من الماشية. ومع ذلك، انهار نظام الصرف الصحي في المدينة في نهاية المطاف، وأصبحت المحطة ومزرعة الماشية المجاورة بالية وغير مستخدمة. واحتلها في وقت لاحق الباحثون عن مأوى في الانتخابات العامة في 2013.
ووسط العجز الحالي في زيمبابوي البالغ 1.3 مليون وحدة سكنية، بجانب قائمة انتظار المساكن، التي تضم أكثر من 500.000 فرد، لم توفر مدينة هراري منزلا واحدا، للباحثين عن المأوى، المحتاجين منذ عقدين من الزمن. وفي نفس الوقت، ارتفع الطلب على المساكن، مما مكن من ظهور بارونات الأراضي عديمي الضمير في سوق الطلب المرتفع. ويُقال إن هؤلاء هم في الغالب سياسيون، مرتبطون بكل من الحزبين الحاكم والمعارض، ومسؤولي المجالس المحلية. ومن خلال صفقات مشكوك فيها يسهلها السياسيون المحليون، يستحوذ هؤلاء المضاربون من القطاعين العام والخاص، على أراضي الدولة، والمجلس في المناطق الحضرية، بما في ذلك الأراضي المخصصة لأغراض عامة أخرى، لإعادة بيعها للباحثين عن المأوى البائسين. ومع مرور الوقت، تطورت هذه المخصصات إلى تعاونيات سكنية متطورة، كما هو الحال في مزرعة كروبورو.
في عام 2016، سعى مجلس مدينة هراري للحصول على 23 حكمًا قضائيًا ضد تعاونيات الإسكان في مدينة هراري، منها 16 في مزرعة كروبورو. وقد هدمت المدينة بالفعل وشردت قسراً أحد هذه المجتمعات المحلية التي تشمل 190 أسرة في قرية بوديريرو Budiriro القريبة. كان هذا عملاً محظوراً [باللغة العربية] طبقا لالتزامات زيمبابوي بموجب معاهدات حقوق الإنسان، لكنه نُفذ في خضم انتشار الوباء العالمي، وموسم الأمطار في ديسمبر/كانون الأول 2020. وبعد فترة وجيزة، وضعت الحكومة المركزية عمليات هدم التعاونيات الـ 22 الأخرى في حالة تعليق، ولكن حتى نيسان/أبريل 2021 (نهاية موسم الأمطار 20/21).
وفي ذات الوقت، من المقرر أن يقع، ما مجموعه حوالي 40 تعاونية أخرى في جميع أنحاء المجالس الحضرية في البلاد، التي تؤوي الآلاف من الرجال والنساء والأطفال، ضحايا لهذا الانتهاك الجسيم، ولم يتمكن أي من الضحايا من هذه الحالات من التماس التعويض عن الخسائر والتكاليف والأضرار التي يستحقونها بموجب القانون الدولي.
وعادة يتم تشكيل كل من هذه التعاونيات السكنية من قبل مجموعة من الناس الذين يجتمعون معا لشراء قطعة أرض وبناء مساكن خاصة بهم، والتي تتألف عادة من 100 إلى 1000 شخص. في العقد القريب من ذلك الذي عاش فيه سكان كروبورو على أرضهم، تمكنوا من بناء منازل دائمة بمبادرة خاصة بهم. وقد قام البعض ببناء طرق خدمية وكهرباء ومياه صرف صحي ووصلات مياه، بل أن بعضهم دفع إلى مجلس المدينة. والبعض الاخر في سبيله بالفعل الى إضفاء الطابع الرسمي على توطينهم قانونيا. وهذا من شأنه أن يضمن للسكان الذين استثمروا عشرات الآلاف من الدولارات الأمريكية من الدخل الذي اكتسبوه بشق الأنفس في هذه المستوطنات.
إضفاء الصبغة الرسمية على الإسكان الحضري من خلال توفير البنية التحتية المطلوبة والمرافق والملكية هو حجر الزاوية في الحقوق الأساسية للسكن. ومن واقع التجربة الأخيرة لعمليات الهدم في بوديريرو (كانون الأول/ديسمبر2020) في هراري، ورغم تأكيدات السلطات المحلية والمركزية على حد سواء، لم يتمكن الضحايا من الحصول على أي شكل من أشكال المساعدة الإنسانية للتعويضات حتى الآن.
وتشمل الأسباب الرسمية للتهديد بالإخلاءات، اتهامات بأن المنازل مبنية على أراض رطبة محمية، وخطوط صرف صحي ومواقع مخصصة للمدارس والعيادات وغيرها من التسميات للأغراض العامة، ومطالبات ملكية متعددة. وفي هذه الحالات، يشير تعقيد هذه المنازعات إلى كيف اوجدت مختلف السلطات هذه التناقضات التخطيطية. وفي هذه المرحلة، تقع المسؤولية الآن على عاتق الحكومة المركزية لحلّها.
تعهد رئيس زيمبابوي إمرسون دامبودزو منانجاجوا Emmerson Dambudzo Mnangagwa، علناً بأنه سيدخر كل جهده لاعادة التعقل للسلطات المحلية في البلاد وقال إنها خذلت زيمبابوي. وفي 25 شباط/فبراير 2021، قدم التحالف الدولي للموئل – شبكة حقوق الارض والسكن رسالة نداء إلى الرئيس منانجاجوا، يشجعه فيها على العمل على ضمان تنظيم هذه المستوطنات البشرية العضوية والتعاونيات السكنية في مزرعة كروبورو. وقد حث التحالف الدولي للموئل – شبكة حقوق الارض والسكن، على تنفيذ هذا الخيار عن الإخلاء القسري، من أجل الامتناع عن انتهاك التزامات الدولة الرسمية لزمبابوي بموجب المعاهدة، لا سيما هذا العام لاستعراض أهداف التنمية المستدامة لزيمبابوي قبل المنتدى السياسي الرفيع المستوى في تموز/يوليه 2021.
وفي ذات الوقت، تشكل قضية مزرعة كروبورو، نمطا من التواطؤ من قبل الدوائر الحكومية المركزية والمحلية، وبارونات الأراضي المتحالفة التي تستفيد على حساب الأسر المعيشية في جميع أنحاء زيمبابوي. وعلى الرغم من الأوقات الاقتصادية القاسية في البلاد، وفي حين تتهرب السلطات من مسؤولياتها العامة، فقد تمكن هؤلاء الضحايا من التعويض عن اختلال الحكومة المحلية والمركزية، وبنىوا أنفسهم على مستوى الوحدات السكنية والمجتمعات المحلية.
ومع ذلك، كل ما يحصلون عليه في المقابل من سنوات من الاستثمارات هو جرافات وركام، وانقاض. يدعو المجتمع المدني المحلي، والمدافعون عن حقوق الإنسان، مثل حركة حقوق شعب زيمبابوي فى الارض، إلى وضع حد لنمط الانتهاكات التي تجسدها مزارع كروبورو، وسبل الانتصاف التي تشمل خطة واضحة للتعويضات أو إضفاء الطابع الرسمي عليها، حيثما أمكن قبل عمليات الهدم والإخلاء القسري ونزع الملكية وتدمير الممتلكات وحياة الأسر المعيشية المكافحة في زيمبابوي.
|