English عن التحالف اتصل بنا العدد 17- آذار / مارس 2019 الرئيسسة
تطورات اقليمية

فلسطين /اسرائيل : العدالة الزائفة

في أوائل سبتمبر/أيلول 2018، وبعد سنوات من الإجراءات القانونية، قرر قضاة المحكمة العليا الإسرائيلية، عدم وجود عقبة قانونية أمام هدم المباني في مجتمع الخان الأحمر، والذي يقع على بعد كيلومترين، جنوب مستوطنة كفار أدوميم. وخلصت المحكمة في حكمها إلى أن بناء الفلسطينيين في قريتهم كان غير قانوني.

إن تقرير حكم المحكمة، بأن تدمير المجتمع لا يتعدى كونه مسألة إنفاذ القانون، يعكس كيف صاغت إسرائيل سياستها ضد البناء الفلسطيني في فلسطين التاريخية.فالسلطات الإسرائيلية تصف تدمير المنازل الفلسطينية، بأنه ليس أكثر من مسألة بناء غير قانوني، كما لو أن هذا التصور كان بعيدًا بشكل ما، عن هدف إسرائيل بعيد المدى، والمتمثل في إلغاء الوجود الفلسطينيي من أرضهم وبلدهم. فمن التمييز المادي المستهدف، الذي تم تأسيسه في المؤسسات الوطنية في إسرائيل؛ والعقيدة العسكرية الإسرائيلية المتمثلة في استهداف منازل، وملاجئ، وطالبي المأوى من الفلسطينيين؛ منع اللاجئين من حقهم في جبر الضرر، بما في ذلك العودة؛ إلى التطهير العرقي المستمر لمنطقة النقب؛ إلى الافتراض التشريعي لـ القانون الأساسي الجديد: دولة القومية اليهودية، تدهس أنظمة العدالة المدنية والعسكرية الإسرائيلية باستمرار حقوق الإنسان الفردية والجماعية لملايين الأفراد، وتحرم الشعب الأصلي الفلسطيني من سبل عيشهم الخاصة.

كما أغفلت المحكمة الإسرائيلية العليا، هذا المعتقد الأيديولوجي. فهناك المئات من الأحكام والقرارت الصادرة على مر السنين، هدمت منازل الفلسطينيين، فالعدالة تراعي سياسات إسرائيل المتعلقة بالتخطيط، باعتبارها قانونية ومشروعة، فدائما ما يعتمدون على الأمور الإدارية والفنية فيما إذا كان مقدمي الالتماس من الفلسطينيين لديهم تصاريح بناء أم لا. مرة تلو الأخرى، تتجاهل العدالة النية التمييزية والمستحوذة التي تستند عليها السياسات الإسرائيلية، وحقيقة ذلك، في الممارسات، أن تلك السياسات تفرض حظراً شاملاً، على بناء وسكن الفلسطينيين.

وقد تجاهل القضاه، عواقب سياسات دولة إسرائيل المتعلقة بالأراضي والسكن والتخطيط للفلسطنيين؛ منها، انتهاك حقوقهم الانسانية في السكن اللائق كأفراد، وبشكل تراكمي حرمان الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره. فالقيام بنقل السكان، والتلاعب الديموغرافي، والحرمان من تقرير المصير، ينتهك القواعد اللآمرة للقانون الدولي والتي هي من بين أمور أخرى، لا يمكن تبريرها تحت أي ظروف.

كما غض قضاة المحكمة العليا الإسرائيلية البصر، عن الظروف المعيشية المزرية في كثير من الأحيان، التي وجدت للفلسطينيين الأصليين في أرضهم، مما اضطرهم إلى بناء منازل دون تصاريح داخل دولة ليست من مواطنيها ولا لهم.

وفي الآونة الأخيرة، نشرت منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية، بيتسيلم تقريراً جديداً بعنوان العدالة الزائفة، مركزاً على المسؤولية التي يتحملها قضاة المحكمة العليا الإسرائيلية، عن الهدم الإداري لمنازل الفلسطينيين، ونزوح الأفراد والمجتمعات الفلسطينية من أراضيهم. ويتخصص هذا التقرير، في نمط العدالة الإدارية في الضفة الغربية، التي تم غزوها عام 1967 وما زالت محتلة. كما تناول تقرير بتسيلم، الأحكام الفردية الصادرة عن المحكمة العليا في الماضي، لكن هذه هي المرة الأولى التي تكرس فيها تقريرًا كاملاً لدور المحكمة في التحقق من صحة ممارسات الاحتلال الإسرائيلي المطولة والمحظورة في القانون الدولي.

ويشير التقرير إلى الخطأ التأسيسي الذي أصدرته المحكمة العليا، في الحكم على التغييرات الإسرائيلية في قانون التخطيط الأردني الأصلي منذ عام 1967 بأنه قانوني. مما يتعارض هذا الحكم فعليًا مع حظر لوائح لاهاي لقوة الاحتلال تغيير النظام القانوني في الأقاليم التي يتم احتلالها/ غزوها (المادة 43). كما أن ذلك، يتعارض مع أحكام المحكمة العليا بأن لوائح لاهاي (1907) جزء لا يتجزأ من القانون المحلي لإسرائيل.

يشير تقرير بتسيلم إلى آلاف القرارات والأحكام، التي أشار فيها قضاة المحكمة العليا، إلى نظام تخطيط غير موجود. بموجب هذا النظام الوهمي، يمكن لأي شخص - بما في ذلك الفلسطينيون - التقدم بطلب للحصول على تصريح بناء، والنظر في طلباتهم بعناية، ومن ثم منحها أو رفضها. بعد اختيارهم الاعتماد على هذه الرواية، نفى القضاة مئات الالتماسات، وتعاملوا مع مقدمي الالتماس من الفلسطينيين بشكل قاطع على أنهم منتهكون للقانون (أو، في مثال النقب، المتعدون – شبكة حقوق الأرض والسكن) ، وأظهروا غضبًا للفلسطينيين الذين أخذوا القانون في أذهانهم. ببناء منازل دون تصاريح إسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة.

كما تشير بتسيلم إلى أن الواقع على الأرض مختلف تمامًا. فجهاز التخطيط الفعلي الذي وضعته إسرائيل للفلسطينيين، يفعل العكس تماماً، باستثناء أي إمكانية تقريبًا للبناء القانوني. يشير تقرير بتسيلم إلى أنه تم منح 4٪ فقط من الطلبات الفلسطينية، للحصول على تصاريح بناء. لذلك من المنطقي أن معظم الفلسطينيين لا يثقون في النظام المفروض، ولا يكلفون أنفسهم عناء التقديم، ولا يوجد خيار آخر، فيبنون دون تصاريح الاحتلال الإسرائيلي.

وتهدف إسرائيل، إلى تقييد وحرمان الفلسطينيين، من البناء والتنمية، قدر الإمكان، ضمن حدود إسرائيل والمناطق الخاضعة للسيطرة الفعالة. وفي الوقت نفسه، يسمح بشكل سخي بإنشاء وتوسيع مستعمرات المستوطنين اليهود على نفس الأرض، التي يضعها نظام التخطيط الحضري في إسرائيل، خارج حدود البناء والسكن الفلسطيني.

لقد هدمت إسرائيل الآلاف من منازل الفلسطينيين. خارج القرى 459 (على الأقل)، والمناطق السكنية الفلسطينية التي قامت القوات الإسرائيلية بتهجير سكانها وهدمها بين عامي 1947 و 1963، داخل دولة إسرائيل الرسمية (داخل خطوط الهدنة / الخط الأخضر)، كما أن الفلسطينيون في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، ضمن موضوع تقرير بتسيلم. ويذكر أن عشرات الآلاف من الفلسطينيين يعيشون في تهديد من هدم المنازل وعدم اليقين التام بمستقبلهم.ويؤكد التقرير أن مئات الآلاف من الفلسطينيين، يعيشون في ظروف متكدسة بشكل لا يطاق، لأن إسرائيل ترفض الموافقة على التوسع - بما في ذلك النمو الطبيعي - في المجتمعات الفلسطينية القائمة. فهناك حاجة لإنشاء مجتمعات جديدة، ولكن ذلك ليس خيارًا للفلسطينيين الخاضعين تحت نير الاحتلال الإسرائيلي.

نفس المبدأ ينطبق داخل الخط الأخضر. ومع ذلك، يحافظ تقرير بتسيلم، على تركيزه على الأراضي الفلسطينية المحتلة من قبل إسرائيل في الضفة الغربية.

وبالتجاهل المتعمد لتلك الحقيقة، ورفضها استخلاص استنتاجات قانونية واضحة، توصلت بتسيلم إلى أن قضاة المحكمة العليا لا يفشلون فقط في أداء واجباتهم، بل يلعبون أيضًا دورًا نشطًا في مشروع الاستيطان، وفي تجريد الفلسطينيين من أراضيهم و تعزيز الاحتلال طويل الأمد، وما يصاحب ذلك من تدمير.

ويعد هذا التقرير جزءًا من سلسلة أصدرتها منظمة بتسيلم في السنوات الأخيرة، وهي تدرس كيف تمكنت إسرائيل من إنشاء شرعية وهمية، لإساءة استخدامها على نطاق واسع لحقوق الإنسان، والقواعد الآمرة، لجعل تلك الانتهاكات أكثر قبولاً، سواء في الداخل، أو في خارج البلاد. وتلك الواجهة هي التي مكنت إسرائيل، من الاستمرار في الحكم على ملايين الأشخاص، مع حرمانهم من حقوقهم الأساسية لأكثر من خمسين عامًا. وأوضح مدير الأبحاث في بتسيلم يائيل شتاين: لهذا السبب فإن كشف هذه الآليات أمر حيوي لإنهاء الاحتلال، وهذا ما يدور حوله هذا التقرير.

 

راجع ترجمة المخلص باللغة الإنجليزية بالنسخة ال pdfوعلى موقع بتسيلم الإلكتروني.

 

عدالة زائفة: مسؤولية قضاة محكمة العدل العليا عن هدم منازل الفلسطينيين وسلبهم

 

للإطلاع على التقرير (بالعبرية)


Back
 

All rights reserved to HIC-HLRN