English عن التحالف اتصل بنا الاصدار 13- تشرين الأول / أكتوبر 2015 الرئيسسة
تطورات اقليمية

الموئل الثالث والجزائر: وعود وهمية التزام منقوص

إذا كان  العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في المادة (11)، قد دعى بشكل عام كل الدول الأطراف بتوفير كل ما يفي من الإمكانيات لإعمال حق كل شخص في الغذاء والكساء والمأوى، فإن الحق في السكن يبقى شرطا تبنى عليه كل الحقوق الاجتماعية الأخرى سواءا الحق في التعليم أو الصحة، ومعيارا حقيقيا لقياس مستوى الحياة المعيشيةللإنسان.

في الجزائر، يعتبر السكن معضلة اجتماعية حقيقية وموضوع سياسي محوري في مختلف الحملات الانتخابية من البلدية إلى البرلمان وصولاً إلى الانتخابات الرئاسية، وبالرغم من الأموال الضخمة التي رُصدت لعملية الإسكان في الـ15 سنة الأخيرة، وبلوغ ميزانية وزارة السكن في قانون المالية 2015، حدود 22.600.480.000 دجأي ما يعادل (000.166€189.)، وتسليم أكثر من مليون وحدة سكنية في الفترة 2004–2009، حسب الأرقام الرسمية، فإن الأزمة متواصلة ولا أفق حقيقية لحلها، ليبقى السكن أهم سبب للاجتجاجات الاجتماعية التي تشهدها البلاد في السنوات الأخيرة.

إن قطاع السكن في الجزائر تميزه ثلاثة مظاهر لافتة إلىالقضايا الراهنةالتي سيتم تقييمهاضمن الخطابالمؤديإلىالعملية الدولية نحو الموئلالثالث:

غياب استراتيجية سكنية وطنية

بالرغم من ظهور مراكز حضرية جديدة  في السنوات الأخيرة مثل مدينة علي منجلي وماسينيسا بالشرق وعين تموشنت بالغرب إلى جانب مدينة سيدي عبد الله وبوينان بالعاصمة،  وتنوع الصيغ (سكن اجتماعي، بناء ذاتي، سكن منجر من قبل مرقين عقاريين، بناء ريفي، صيغة البيع بالإيجار عدل)، تبقى المخططات التوجيهية للتهيئة العمرانية ومخططات شغل الأراضي، تخضع للتغيير المستمر ما يؤثر في عملية الإنجاز والمتابعة، بل حتى الصيغ نفسها تخضع بشكل فجائي للحذف أو التعديل بدون سابق إنذار للمواطنين.

فعلى سبيل المثال تم إنشاء الوكالة الوطنية لترقية السكن وتحسينه /AADLعدل سنة 2001، واستطاعت هذه الوكالة أن تحقق نتائج مرضية في بدايتها، و لكن سرعان ما تم التخلي عن برامجها سنة 2004 بدون سابق إنذار من طرف الحكومة، ليعود العمل مرة أخرى بهذه الصيغة في سنة2013، كما تم رفع نسبة دفع الشطر الثاني لصيغة سكنات الترقوي التساهمي ( Logement Promotionnel Public  ̶ LPP)، بنسبة 100% (من000050 دج إلى 1 مليون دج) ما خلق حالة من التذمر والرفض الشديدين لدى المستفيدين من هذه الصيغة وعجزهم عن الوفاء بتسديد هذا الشطر الثاني المبالغ فيه.

نظام توزيع غير شفاف

لا تكاد تخلو أي عملية توزيع للسكنات الاجتماعية المخصصة للفئات الهشة من احتجاجات كبيرة للمواطنين بسبب استفادة أشخاص من هذه السكنات عن طريق المحسوبية والرشوة مقابل حرمان ذوي الحقوق من هذه السكنات، حيث يعتبر قطاع السكن ميدانا خصبا لأصحاب المال الفاسد والمضاربين و بيئة حاضنة للرشوة والفساد.

كما أن نظام التوزيع يقصي بشكل كبير المنتخبين المحليين والمجتمع المدني من أي دور فعال في هذه العملية، مقابل صلاحيات كبيرة للسلطات الإدارية، ما يغلق في كثير من الأحيان باب الحوار بين المواطن والإدارة ويزيد من حجم التوترات الاجتماعية.

وعود وهمية

كثيرة هي الوعود التي قطعتها السلطة على نفسها أمام الشعب في مختلف المحطات السياسية، حيث كان قد صرح وزير السكن والعمران السابق نور الدين موسى في نهاية 2009 بأن أزمة السكن على وشك الزوال، والحقيقة عكس ذلك، فمثلا مكتبو وكالة عدل ومنذ 2001 لازال عشرات الآلاف منهم لم يستلموا سكناتهم برغم مرور 15 سنة على إيداع ملفاتهم،  و ضحايا زلزال بومرداس 2003 القاطنين في شاليهات ينتظرون ترحيلهم منذ أكثر من 12 سنة إلى سكنات لائقة رغم الوعود المتكررة للسلطات بالقضاء على آثار هذا الزلزال.

وفي غياب تقييم موضوعي ودوري من قبل المسؤولين في الجزائر لمختلف الممارسات والمشاريعالمنتهجة في هذا القطاع، تبقى الحلول المقترحة من قبل السلطة مجرد مسكنات لأزمة مزمنة عايشها المجتمع الجزائري لعقود وعجزت الكثير من الحكومات حتى من التخفيف من حدتها.


Back
 

All rights reserved to HIC-HLRN