English عن التحالف اتصل بنا الإصدار العاشر - تموز / يوليو 2014 الرئيسسة
تطورات عالمية

سياسات الإخلاء والتقشف أمام الاستعراض الدوري الشامل

أدى الانهيار المالي العالمي في 2007-2008، إلى إظهار فشل العولمة و المؤسسات المالية، وأخفقت السياسات الوطنية في دعم مصالح المواطنين. كما سارعت الحكومات بتقديم الدعم البنوك والطبقة الثرية، و تنحت الطبقة المتوسطة جانباً، بينما سحقت بالفعل الطبقة الفقيرة من السكان في فجوة أكثر عمقاً.

وقد عالجت العديد من البلدان أزمات ميزانيتها الوطنية، من خلال فرض تدابير تقشفية، لإعادة هيكلة السياسات الاجتماعية، وسياسات والعمل، في حين انحيازها إلى الشركات، والبنوك، وغيرها من الهيئات الخاصة، من خلال وضع خطط إنقاذ و تدابير أخرى مع الموارد العامة. وفي الواقع، فإن تلك التدابير قد فرضت خفض شديد للإنفاق الاجتماعي داخل الموازنة العامة، من بينها برامج الرعاية، والغذاء، الإسكان الاجتماعي، التعليم وغيرها من أشكال المساعدة الاجتماعية. وعبر أنحاء أوربا، تزايدت معدلات العاطلين، واستتبعه أن جعل الأشخاص غير قادرين على تحمل نفقات احتياجاتهم الأساسية، والرهون العقارية والإيجار. نتيجة لتغاضي الحكومة عن تنظيم القطاع الخاص، ومسائلته، وما صاحبه من فشل في حماية المستأجرين، و تحمل المساعدة الاجتماعية، تزايدت حالات الإخلاء القسري بشكل غير مسبوق.

وقد انضم التحالف الدولي للموئل – شبكة حقوق الأرض والسكن، بجانب أعضائه وشركائه في أوروبا لتأكيد على أن الحكومات هي التي تتحمل المسئولية عن أزمة السكن الحالية الناتجة عن إتباع برامج التقشف. حيث قُدمت تقارير مشتركة أمام الاستعراض الدوري الشامل لدولتي إيطاليا وإسبانيا في 2014. وركزت تلك التقارير على مسئولية كل دولة في احترام، وحماية و إعمال حقوق الإنسان، المنصوص عليها في العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لا سيما المادة 11 التي تضمن حق كل شخص في مستوى معيشي لائق ... بما في ذلك السكن اللائق... وحقه في التحسين المتواصل لظروفه المعيشية. وقد تجاهلت بشكل كبير بعثات الدول بمجلس حقوق الإنسان، حق الإنسان في السكن الملائم في الدورات السابقة للاستعراض الدولي الشامل لكلا من البلدين.

قبيل الأزمة، كان التوجه في أنحاء أوربا قائم على تسهيل الحصول على السكن من خلال عروض تمويلية جذابة، أو بشكل واضح ديون. في أسبانيا أثناء فترة فقاعات الإسكان في الفترة 1997 – 2007، زادت ديون المواطن من 55% إلى 130%. وفي إيطاليا مع تخاذل الحكومة والمصالح الخاصة بالبنوك، تم الدفع بسياسات مماثلة تجاه ملكية المنازل، إلا أن، المشكلة الأكبر في إيطاليا كانت تكمن في إتباع الخصخصة غير المنظمة، وضعف السياسات الخاصة بحماية حقوق المستأجرين، وشهدت المدن عبر أنحاء إيطاليا زيادة القيمة الإيجارية إلى 50% على الصعيد الوطني. وفي الوقت ذاته، بلغت تلك الزيادة في المدن الكبرى إلى 85%، مع ارتفاع حاد وصل 200% في كلا من روما و ميلانو، بل وصلت في بعض الحالات إلى زيادة تجاوزت 300%. بينما فشلت الرواتب في تحقيق ارتفاع بنفس المعدل، مما جعل ألاف من الأسر يواجهون التهديد بالإخلاء لعدم قدرتهم على دفع تلك الإيجارات المرتفعة.

وقد شكل ارتفاع الإيجارات والديون بالتزامن مع الخصخصة، وخفض الخدمات الاجتماعية، وانعدام فرص الحصول على عمل، أمرا كارثياً في كل من إيطاليا وإسبانيا، حيث شهد البلدين ارتفاعاً حاداً في عمليات الإخلاء القسري بسبب التأخر في دفع الإيجارات والرهون، و شكلت تلك الحالات 89% من عمليات الإخلاء السنوية في إيطاليا منذ عام 2011، و 57% في إسبانيا. لذلك، فالقدرة على تحمل التكاليف هو عنصر رئيسي في حق الإنسان في السكن الملائم، ومن الواضح أن كلا من إيطاليا وإسبانيا، وغيرهم من الدول الأوربية، لا تقوم حكوماتها على تلك الاحتياجات، ولا على الوفاء بالتزاماتهم.

وقد ازدادت حالات عدم القدرة على الدفع، بسبب الافتقار إلى خيارات الإيجارات المعقولة، والسكن الاجتماعي في كل من البلدين. وتميل سياسات الإسكان في كل من إسبانيا وإيطاليا، إلى دعم الملكية الخاصة على الاستئجار. ففي إسبانيا يمكن إيجاد السكن الاجتماعي بشكل أساسي من خلال (مشاريع الإسكان ذات الحماية العامة) حيث تؤصل تلك المنهجية لجعل تمويل الإسكان أكثر يسراً للمشترين، من خلال دعم بناء المساكن وترميمها. وتمثل المساكن المملوكة 85% من مجمل المساكن، بينما معدل المساكن المؤجرة هي الأدنى في أوربا بنسبة 11%، وتتركز بالأساس في المدن الكبرى مثل برشلونة، مدريد. وأقل من 2% من إجمالي المساكن مخصص للإسكان الاجتماعي. وكذلك الأمر في إيطاليا، حيث أن 18% من إجمالي المساكن مؤجرة، ومن ذلك الجزء، يوجد ربع فقط مخصص للسكن الاجتماعي.   

فيما تواجه الحركات الاجتماعية والمواطنين تحديات في العمل نحو إلغاء تلك التدابير، وأن مطالبهم تتمتع بالمشروعية ولها ما يبررها. فمن الضروري إيجاد سياسات للإسكان تعالج الوضع الحالي لعمليات الإخلاء، تتضمن زيادة الأطر التي تحكم عملية الخصخصة، وتركز بالأخص في مشاريع الإسكان القومي، وتزيد من إجراءات حماية المستأجرين و النظام الإيجاري، وكذلك الدعم لفئات محدودي الدخل.

وتشير الأوضاع في كل من البلدين على أهمية زيادة الإسكان الاجتماعي/ المدعوم، ولكنها أخفقت في إيجاد الاستثمارات الضرورية في العقارات المتوفرة لتنفيذ تلك البرامج. وبالأخص، لآلاف المنازل عبر أنحاء البلدين التي لا تزال فارغة/ وشاغرة، وتطالب الحركات الاجتماعية بأن يتم تحويلها لإسكان الأسر محدودي الدخل، وبما يتفق مع الوظيفة الاجتماعية للملكية. كما يطالبون حكومات البلدين لإجبار المؤسسات المالية وشركات إدارة الأصول العقارية، وخاصة مع تلك الشركات التي تم دعمها من المال العام، بأن تلبي التزاماتها في الخدمات العامة، وتقوم بتخصيص عقاراتهم الشاغرة لسسكن الاجتماعي الإيجاري.

وقد جرم القانون عمليات الإخلاء القسري، واعتبرها انتهاك جسيم في القانون الدولي لحقوق الإنسان، إضافة غلى أن، الإخلاءات لأسباب اقتصادية في ظل تلك الإخفاقات السياسية قد يضعها في ذات الفئة المحظورة. لذلك، فمن الضروري، أن تعمل الدولة على ضمان بدائل مناسبة وتوفير أماكن إعادة التوطين. فمعايير حقوق الإنسان تتطلب بأن لا يسفر الإخلاء عن التشريد، أو يجعل الأفراد معرضين لانتهاكات حقوقية أخرى. فالتعليق العام رقم 7 للعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ينص على في حال عجز المتضررين عن تلبية احتياجاتهم بأنفسهم، يجب على الدولة الطرف أن تتخذ كل التدابير المناسبة، وبأقصى ما تسمح به مواردها، لضمان توفير مسكن بديل ملائم لهم، أو إعادة توطينهم أو إتاحة أراضي منتجة لهم، حسب الحالة.

ويسعى تقريري الاستعراض الدوري الشامل، لإلزام الدو سلطات الدولتين والمجتمع الدولي، لمعالجة الأزمة الجارية في إطار التزاماتهم التعاقدية المتعلقة بحقوق الإنسان، و العمل على تخفيف الآثار الخاصة على تحقيق حق الإنسان في السكن الملائم.  وسوف يستمر التحالف الدولي للموئل – شبكة حقوق الأرض والسكن، في العمل مع شركاءه في أوروبا، للمساهمة بتقارير في المنتديات الدولية والإقليمية لمزيد من دفع تلك القضايا.

للمزيد عن تحليل أوضاع السكن والتقشف في أوروبا، يرجى الإطلاع على: تقرير الرابطة الدولية للفنيين، الخبراء والباحثين السكن في أوروبا: حان الوقت لإخلاء الأزمة.

لمعرفة المواعيد النهائية لتقديم تقارير أصحاب المصلحة أمام الاستعراض الدوري الشامل، وغيره من المعلومات: OHCHR  UPR و  www.upr-info.org

للمزيد من الاستفسارات يرجى التواصل على hlrn@hlrn.org


Back
 

All rights reserved to HIC-HLRN