English عن التحالف اتصل بنا الإصدار العاشر - تموز / يوليو 2014 الرئيسسة
المقال الافتتاحي

ما العمل؟

سؤال العدد، مع مساعي الإجابة

ينشأ هذا السؤال عادة من التناقض بين معرفة المعايير الراسخة التي تمدنا بكثير من الجوانب النظرية والفجوة بينها وبين التطبيق والممارسات.

بالرغم من المعاهدات وغيرها من الأدوات في القانون الدولي التي تحكم سلوك الدول، فإن المصالح القوية تنحرف انحرافًا سحريًا عنها، ليس فحسب لا وتفلت محصنة. ولعل هذا العام الذي يشهد الذكرى العاشرة لصدور الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية حول جدار الفصل العنصري العابر للضفة الغربية المحتلة في فلسطين، يعظم من هذا الوضع المنحرف. فبالرغم مما يجسده هذا الجدار من لا شرعية فجة، فإنه يواصل تمثيله كرمز وحقيقة لسياسة الفصل العنصري الإسرائيلية فوق تراكمات من نزع ملكية الشعب الأصلي الفلسطيني.

بهذه المناسبة، من الصعب تجنب التفكر أيضًا في الأنواع الأخرى من الاحتلال في منطقتنا، من قبرص إلى الصحراء الغربية. حيث تعاني الأخيرة من فصل ما يقرب من 80 في المئة من أراضيها تحت نظام الاحتلال المغربي، وذلك بما نصبه النظام من جدار بطول 2.700 كيلومتر. أما قبرص فهم يحيون أيضًا هذا الصيف الذكرى الأربعين منذ أن شنت تركيا غزوها في العشرين من تموز/يوليو مواصلة احتلالها لنسبة 36.2 في المئة من جزيرة قبرص.

وتعد قضايا الأرض والموارد الطبيعية في هذه الحالات قضايا ساطعة، وكذلك القانون، مثلما أوضحت محكمة العدل الدولية من عشر سنوات مضت، واضح لا يعتريه أي غموض. فالنظرية القانونية تدعو جميع الدول للاعتراف بـ والتعاون مع الوضع غير القانوني الناتج عن ممارسات الاحتلال، وجميع الأطراف السامية المتعاقدة في اتفاقية جنيف الرابعة على احترام وضمان احترام بنودها. ومع ذلك، فمع حلول الذكرى لهذه الوقائع وفي مواجهة كثير من الجدران الخرسانية والدبلوماسية، تفشل جميع الدول في الوفاء بواجباتها ذاتالصلة وهي المسئولة والملومة على ما ينتج من انتهاكات.

وأحوال الأرض إنما تلقي بالضوء على التناقضات التي تكتنف هذه القضايا عبر إعادة تقديم للتطورات التي تؤثر على الأرض والموارد وما يدور حولها من صراع في هذه الفترة. ولكن الأكثر من ذلك، أن المقالات المتضمنة في العدد تقدم أمثلة على ما ينبغي عمله.

عشر سنوات على حكم محكمة العدل الدولية على جدار الفصل العنصري، وثمة مبادرة الآن من أساتذة القانون الدوليين الأكثر ضمير في العالم يدعون الأمين العام للأمم المتحدة وأجهزتها المختلفة لرفع الحصانة عن الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وإعمال القانون الدولي في فلسطين وتفعيل حكم المحكمة. وهم في ذلك يوفرون الإطار القانونية للتحرك الملموس وانصياع الدولة، والوارد في مقال من أجل هذه الذكرى العاشرة، لنقم بتحرك ملموس.

إن خطوة للأمام لإنقاذ الأرض من مزيد من الدمار في طريق جدار الفصل العنصري يرد أيضًا في هذا العدد ضمن مقال حول إقرار منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة UNESCO، بقرية باتير الفلسطينية، بنظامها الزراعي القديم الفريد ، باعتباره أحد مواقع التراث العالمي. والمقال الذي يغطي هذا التطور في الأحداث يأتي في هذا العدد تحت عنوان معركة باتير.

قدمت اليمن مثالاً لإرساء الأرضية المطلوبة من أجل استعادة الأراضي والممتلكات التي استولى عليها النظام السابق وحاشيته للثراء من وراءه على حساب الشعب. المقال بعنوان الأراضي اليمنية والعدالة الانتقالية وهي تقدم أحدث المعلومات حول ما أنجزه اليمن وما تبقى من عمل ينبغي انجازه لتحقيق جبر الأضرار للمضارين.

وتظل الأسئلة مع دوام الوضع والملابسات الخاصة بآلاف اللاجئين الفلسطينيين من سوريا ممن وقعوا في مأزق قانوني أثناء بحثهم عن اللجوء في الرقعة المتسعة من النزوح. والملامح العريضة لوضعهم نصفها ونحللها في مقال بحثًا عن سلام- ومكان.

ومن ثم، وفي ظل الصراعات، والبؤس الاقتصادي والانتهاكات التي تلم بحقوق الأرض والسكن التي يزخر بها هذا العدد، فإننا نلقي الضوء أيضًا على بعض التحركات الحالية في سبيل المعالجة والإنصاف. فالتغيرات السياسية الحديثة في مصر تعد بفرص جديدة لمجابهة الأحوال المشينة للسكن في البلاد. ومن هنا تأتي مقال تحالف العمران في القاهرة ليبين كيف يطرح التحالف المدني، بمشاركة شبكة حقوق الأرض والسكن- التحالف الدولي للموئل والوزارة الجديد للعشوائيات ديناميات جديدة للحوار حول السياسات.

ولا تقف المشكلات والتناقضات عند حد المنطقة، بل تمتد إلى العالم أجمع. لذا ضمنا هذا العدد كما اعتدنا دائمًا تحليل للصلة بين ما يجري في المنطقة وما يقابلها في العالم. ومن ثم نستعرض تقرير المراجعة الدورية الشاملة UPR لتركيا وبعض الخطوط الملفتة الموازية للتيارات الحكومية في بلدان أخرى متأثرة بالحث على خصخصة السلع والخدمات العامة. ونستعرض في هذا السياق مخاطر الاستجابات السياسية سيئة التوجه في المنطقة الأوروبية كموضوع لمقال الإخلاء والتقشف في المراجعة الدورية الشاملة.

أما مقال الأنظمة الغذائية لمنطقة المدن والتنمية العمرانية المستدامة يعيد توجيه الدعوة إلى تحرك عالمي جماعي من منظمات المجتمع المدني التي تسعى إلى بلوغ الأنواع المهملة من التآزر في المتصل الريفي الحضري والتكافل الذي وجد في نظام الغذاء المدينة- الإقليمي. وهذه المبادرة تدمج بين الجهود الموجهة لأولويات أهداف التنمية المستدامة ما بعد 2015 ولجنة منظمة الأغذية والزراعة/ الفاو حول الأمن الغذائي العالمي، متطلبة مقاربات متكاملة لاستخدامات الأرض وإدارتها، ولكنها تميز تلاقي من نوع خاص تحقق في المنتدى الحضري العالمي الأخير الذي عقد في مديين بكولومبيا.

 في المنتدى الحضري العالمي أيضًا، عقدت شبكة حقوق الأرض والسكن لقاءً جمعت فيه الفاعلين في المجتمع المدني للتفكر والتعامل مع الحاجات المختلفة والتوقعات التي لديهم من عملية الموئل الثالث والمؤتمر الذي ستعقده الأمم المتحدة باتساعها بهذه المناسبة في عام 2016. المقال هنا بعنوان توقعات التحالف الدولي للموئل من الموئل الثالث ويضم تقريرًا مختصرًا حول ما تم في هذا اللقاء، فضلا عن وصلات الكترونية تقود القارئ إلى معلومات ومادة توفر الخلفية المطلوبة لمعرفة عملية الموئل لفهم المحتوى والقضايا الإجرائية التي تدافع عنها منظمات المجتمع المدني والحركات الاجتماعية في مستقبل السياسات الإنمائية الحضرية والسكنية العالمية.

 نكرس هذا العدد من أحوال الأرض إذن لاستعرض التناقضات الكثيرة بين المعايير القائمة والممارسات المستمرة. وفي هذا السياق، نقدم أيضًا بعض الإجابات على ما يمكن علمه للتوافق بين شقي المعادلة.

 

نتمنى أن تسعدوا بالقراءة.

 


Back
 

All rights reserved to HIC-HLRN