English عن التحالف اتصل بنا الإصدار العاشر - تموز / يوليو 2014 الرئيسسة
تطورات اقليمية

لجان معالجة الأراضي في إطار العدالة الانتقالية في اليمن

لا تزال قضية الأراضي والربيع العربي واحدة من أكثر الموضوعات الخلافية حول المصالحة الوطنية من قبل الأحزاب الحاكمة السابقة. و هذا الإرث لا يزال موضوع نقاش محتدم، وهناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به لمعالجة تلك القضية في اليمن.

عقب الانتهاء من نتائج توصيات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، والذي سيطرت بنسبة كبيرة القضية الجنوبية على أغلب موضوعاته، فشل أعضاء الفريق المعني بالعدالة الانتقالية في التصويت على التقرير النهائي لأعمال الفريق بسبب وجود خلافات جوهرية مع حزب المؤتمر في جوانب العدالة الانتقالية والعزل السياسي، والحصانة، وجبر الضرر وكشف الحقيقة والاعتذار للضحايا، وهو ما أدى أيضا إلى تعثر إصدار قانون العدالة الانتقالية.

و تضمن التقرير نقطتين هامتين فيما يتعلق بنهب الأراضي، وهما أن قضايا الأموال والأراضي المنهوبة لا تسقط بالتقادم، وإنشاء هيئة وطنية مستقلة لاسترداد الأموال والأراضي المنهوبة العامة والخاصة، ومنحها صلاحيات استثنائية تمكنها من ممارسة عملها في مختلف مؤسسات الدولة.

إلا أن الرئيس اليمني المؤقت أصدر قرار رقم (2/2013)، في يناير 2013 بإنشاء لجنتين لمعالجة قضية الأراضي والموظفين المبعدين في الجنوب، وكذلك قرار رقم (6/2014)، بإنشاء لجنة لمعالجة الأرضي بمحافظة الحديدة في فبراير/شباط 2014.

وعلى الرغم من انتهاء مدة عمل لجنة معالجة أراضي الجنوب، حيث نص قرار الإنشاء، على أن تنتهي أعمال كل من اللجنتين  في خلال فترة لا تتجاوز سنة واحدة من تاريخ نفاذ هذا القرار، فقد بلغ إجمالي القضايا التي تلقتها اللجنة 100 ألف قضية، حازت محافظة عدن وأبين النصيب الأكبر منها، كما تلقت لجنة معالجة أراضي الحديدة 2025 ملف تظلم. و في نوفمبر 2013، أصدر الرئيس اليمني المؤقت قرارا باعتماد توصيات اللجنة التي قدمتها في أكتوبر/تشرين الثاني 2013، يقضي بمعالجة أكثر من 11 ألف حالة تظلم من قضايا نهب الأراضي بالمحافظات الجنوبية.

و سوف يتم صرف أراض تعويضية لـ11157 شخصاً من المدنيين والعسكريين من أبناء المحافظات الجنوبية الذين تم الاستيلاء على أراضيهم عقب حرب صيف 1994، وكذا استعادة الأراضي التي صرفت بمساحة تزيد على مساحة المسكن لعدد 360 حالة كدفعة أولى.

وبالرغم من تلك الخطوات الهامة لحل القضية الجنوبية وتعزيز حالة الاستقرار، والتي تمثل 5 % فقط من مجمل عدد القضايا المتعلقة بنهب الأراضي والتي سجلت عددها 221 ألف حالة نهب مسجلة لأراضي الجنوبيين، إلا أن البعض يرى أنها خطوة ناقصة وتفتقر إلى آليات واضحة لتنفيذها، و إلى رؤية شاملة لحل قضايا الأراضي التي نهبت بشكل ممنهج، وتخوفهم من تحول تلك التوصيات إلى مثيلتها من توصيات لجنة باصر –هلال، والتي تم تشكيلها في عهد على صالح، حيث تم تجميد الملف دون اتخاذ أي إجراء، بعد أن قام بتحديد أسماء الشخصيات النافذة التي نهبت أراضي الجنوب.     

فضلا عن أنه لم يعالج المناطق الأكثر إشكالية في قضية الأراضي، مثل قضية الأراضي الاستثمارية، والأراضي التي تم حل نزاعها من قبل المتمردين الإسلاميين في محافظة أبين من خلال الفرض الصارم للشريعة الإسلامية، كما أنه لم يحدد نوع المصادر القانونية التي يستند عليها في معالجة الأرضي الجنوبية، سواء الدستورية أو قوانين ذات المرجعية إسلامية مثل قانون الأوقاف، أو القانون العرفي وهو القانون السائد الذي حكم النزاع على ملكية الأراضي.

وتواجه كذلك لجنة أراضي الحديدة نفس العوامل المتعلقة بآلية تنفيذ توصيات اللجنة، ومدى سلطاتها في مواجهة أجهزة الدولة، خاصة في معالجة أراضي حرم ميناء الحديدة، وكذلك ملف أراضي التهامة، حيث رفض مدير عام فرع الهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط المقال بالحديدة، من تسليم ختم المكتب إلى لجنة معالجة أراضي الحديدة.

 كما شهدت الحديدة في شهر يناير الماضي قيام قوات عسكرية تتبع اللواء العاشر، باقتحام مبنى المحافظة والذي كان غرضه إجبار المحافظ عطية على توقيع محضر التسليم الخاص بحرم أبار مياه الشرب منطقة البيضاء ليكون مدينة سكنية لأفراد اللواء العاشر رغم صدور قرار وزاري بتحديد حرم أبار المياه وحرم البناء والاستخدام لأغراض عمرانية أو صناعية، إلا أن رئيس الهيئة خالف ذلك القرار فنجمت إشكالية بين المواطنين وقوات اللواء العاشر، حدت بقوات اللواء إلى اقتحام المحافظة.

وقد أكد قاضي لجنة أراضي الحديدة بأن هناك تشريعات قانونية خاطئة استخدمت من بعض الأطراف أدت إلى انتشار ظاهرة نهب الأراضي تحت مسميات مدن سكنية وأرضي استثمارية ومدن صناعية لا وجود لها على الإطلاق.

قضايا الأرض والملكية في اليمن هي سبب الصراع في المجتمع الواحد وبين المجتمعات المختلفة. ولذلك، يبدو أن قرارات إنشاء لجان معالجة الأراضي وما تقدمه من حلول، تحتاج إلى إعادة النظر فيما يتعلق بجديتها في تطبيق مبدأ العدالة الانتقالية، ومدى إرسائها لقواعد القانون والمحاسبة، لإيجاد حلول فعالة لقضايا الأرض وتنفيذها من قبل الأطراف المعنية.


Back
 

All rights reserved to HIC-HLRN