التقدم المحرز في مشاورات البنك الدولي مع منظمات المجتمع المدني

تفاعلاً مع التغيرات الهائلة التي تشهدها الساحة السياسية للعالم العربي، أجرى البنك الدولي استعراضه حول كيفية القيام بمشاريعها في الإقليم. و جزء من هذا الاستعراض ينطوي على إتاحة المزيد من التبادل و المشاورات مع منظمات المجتمع المدني، ليس فقط باعتبارها أطراف فاعلة في مجال التنمية، ولكن أيضاً باعتبارها معيار قياسي للمواقف الشعبية التي لم تكن محسوبة سابقاً في تحليل النمو الاقتصادي. ومن بين الإجراءات التي يتخذها البنك في إقليم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، هو وضع خريطة لمنظمات المجتمع المدني عبر أنحاء الإقليم. و في الوقت الحالي هناك 201 مشروع على المحك يقوم بتمويلهم البنك في عدد من بلدان الإقليم منها ( جيبوتي، مصر، العراق، الأردن، لبنان، فلسطين، تونس، واليمن). 

منذ اجتماعات الخريف للبنك الدولي والمنتدى الخاص بمنظمات المجتمع المدني في واشنطن في أواخر أكتوبر/تشرين الثاني الماضي، تعاونت منظمات المجتمع المدني المحلية مع مركز معلومات البنك الدولي BIC، في كل من اليمن، مصر، وتونس، للمشاركة في صيغ التشاور الجديدة، مع مسئولي البنك الدولي، حيث اتخذت تلك الصيغ من المشاورات أشكال متنوعة.

وقد جاء التقاء منظمات المجتمع المدني حول القضايا التنموية المرتبطة بالبنك الدولي، في أعقاب نشر انتقادات هامة لأحد مشاريع البنك التي تؤثر البنية البيئية المصرية، والاشتراك مع لجنة تفتيش البنك الدولي في المشاكل الناجمة عن محطة الطاقة الممولة من قبل البنك في شمال الجيزة. (أنظر الحالة المرفقة حول تعويضات قرية أبو غالب في تلك القضية.)

في مصر على سبيل المثال، حتى الآن، تشمل عملية التشاور مجموعة من اللقاءات المباشرة وجها لوجه، وتطوير دراسات استقصائية من أجل تقييم منظمات المجتمع المدني، المساهمة في رسم خرائط البنك حول منظمات المجتمع المدني، وصياغة المقترحات المتعلقة بالتشاور المباشر مع البنك في كل من خارج وداخل العاصمة، فضلا عن، تطوير ورقة موقف جماعية حول (البنك الدولي – مصر) ما نريده. وتقوم شبكة حقوق الأرض والسكن – التحالف الدولي للموئل بتوفير النص الأساسي الخاص بورقة الموقف، التي تستخدمها منظمات المجتمع المدني كوثيقة على محرك البحث الإلكتروني، لمواصلة المزيد من التطوير.  

لا يزال العمل جارياً على تطوير ورقة الموقف، حيث تشكل المرحلة الحالية الفرصة الأولي للتشاور الجماعي مع البنك. وتتسق العديد من جوانب رؤى منظمات المجتمع المدني الناشئة مع استراتيجيه البنك الدولي، بالإضافة إلى، المعايير الدولية الراهنة، و أجندة التنمية العالمية التي تتكشف أبعادها، خاصة، أهداف التنمية المستدامة بعد عام 2015. ومقترحات أخرى تقييم تعهد البنك الدولي لمشاركة مدنية أوسع.

وفي ضوء أسلوب البنك الدولي في دعم البنية التحتية للقطاع الخاص، وما يرتبط بمصر، قدم المجتمع المدني ورقة موقف تتضمن مقترحات بتحويل الشراكة التنموية لأشكال غير مسبوقة. منها على سبيل المثال، ما صرحت به منظمات المجتمع المدني: تسعى عمليات البنك الدولي بالفعل إلى إشراك المصالح المتوافقة، في إطار من الشراكات بين القطاعين العام/  والخاص،  بشكل فعال، مؤثر، واقتصادي. إلا أنه حتى الآن يبدو أن البنك الدولي، يستبعد اجتماعات الشراكات بين قطاعات العام /الخاص/ الشعبي، و اجتماعات الشراكة بين قطاعي العام/الشعبي، التي تشمل تطوير السياسات، و مساعدة المشروع مباشرة مع المحتاجين، من المجموعات سواء المنظمة بشكل تقليدي، أو المجتمعات غير الرسمية، كشركاء كاملي الصلاحية. ومثل هذا النهج الانتقائي يمكن أن يستبعد المجتمعات التي لم تمنحها مؤسسات الدولة منذ فترة طويلة الحيازة الرسمية، على الرغم من واجبها المحدد بموجب المعاهدة للقيام بذلك.

وقال جوزيف شكلا، منسق التحالف الدولي للموئل- شبكة حقوق الأرض والسكن، في حديثه مع مدير البنك الدولي بشأن الالتزام الأخير بتفعيل مبادئ حقوق الإنسان بأن البنك الدولي ومصر، يواجهان التحدي لتطوير عملياتهم لتتوافق مع تلك القواعد الملزمة، كمبادئ تنفيذية.

ومن جانبها، ركزت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية على فرضية اعتبار النمو الاقتصادي كمؤشر تنموي. وسوف تنشر المبادرة المصرية قريباً ملخص سياسات إعادة النظر في العلاقة بين النمو والفقر، الموضوعة من خلال استراتجيات المساعدة القطرية: حالة مصر،  وسوف تكشف الورقة عن السعي لتحقيق النمو مقابل المساواة، وسوف تصور حجم الفجوة بين إستراتيجية المساعدة القطرية، وإستراتيجية الشراكة القطرية، والآثار المترتبة على سياساتهم و مشروعهم، وبين فكرة النمو العادل المتكامل والتدابير اللازمة لتحقيق هذا الهدف.

لذلك، فإشراك المجتمع المدني العربي في الحوار الجديد مع البنك الدولي هو أساسي لكل من الشكل والمضمون للمساعدة القطرية للبنك الدولي في الإقليم.