English عن التحالف اتصل بنا الإصدار التاسع - أيار/ مايو 2014 الرئيسسة
تطورات اقليمية

الحلول المجتمعية لمواجهة عيوب برامج تخطيط القاهرة

تعتبر منطقة بطن البقرة من المناطق غير الرسمية، وينطبق عليها مجمل العناصر المعيارية التي تصنفها كمنطقة عشوائية، مكتظة بالسكان، ومزرية، وتقع على أطراف مدينة القاهرة التاريخية القديمة.وقد تم تصنيف تلك المنطقة من قبل صندوق تطوير المناطق العشوائية العشوائيات لمستوى منطقة غير آمنة، والتي تعني له أنها تعتبر منطقة غير صالحة للسكن.

ولكن هناك عناصر خطرة أخرى في بطن البقرة، ترجع إلى إهمال المجلس المحلي، مثل عدم الحصول على المياه الصالحة للشرب، انعدام البنية التحتية للمياه و الصرف الصحي، الافتقار إلى الوصول بشكل آمن ومستقر للكهرباء.

يتطلب تصنيف بطن البقرة لمستوى منطقة غير آمنة، أن يتم إخلاء سكانها. وقد أعلنت كلا من هيئة التخطيط العمراني، وصندوق تطوير العشوائيات، أن الحصر الرسمي للأسر بلغ 22 أسرة، بينما البيانات التي جمعتها شبكة حقوق الأرض والسكن بالتعاون مع إحدى الشركاء المحليين، جمعية عبد لله رزة للتنمية، قدرت بأن عدد السكان يصل إلى 7,740 شخص.

هذا الحصر الرسمي غير الدقيق- كما انعدام وجود معايير للتخطيط للمناطق الحضرية في مصر – يمكّن الحكومة من الامتناع عن الاعتراف بتلك المجتمعات، وتراجع توفير الخدمات للمواطنين في ميزانيات المجلس المحلي والمرافق والتمثيل السياسي، فضلا عن تعرضهم بشكل مستمر للتهديد بالإخلاء القسري.

وفقاً للحصر المعد من قبل شركاء الشبكة المحليين، هناك 1,476 شخص – من رجال ونساء – يعولون أسرهم من أصل 403 أسرة، وتم تحديد أربع احتياجات رئيسية لسكان بطن البقرة تحتاج للتطوير:

تحسين وتطوير شبكة الصرف الصحي؛

إنشاء عيادات طبية؛

إنشاء مدراس لمراحل التعليم المختلفة؛

إعادة بناء المنطقة بشكل يصلح للسكن.

و قد قيمت الدراسة التحسينات الجوهرية الواجب إتمامها للمرافق الأساسية، فضلا عن التدخلات لضمان أمن الحيازة، إضافة إلى عناصر أخرى مرتبطة بالحق في السكن الملائم. ويندرج التزام الحكومة المصرية في تلبية تلك الاحتياجات ضمن مواثيق القانون الدولي لحقوق الإنسان، وهي واجبة التطبيق بموجب الدستور عبر أنحاء الدولة، خاصة بموجب ما ورد في المادة 11 من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وما يتعلق بالتطبيق المحلي للمعاهدات بموجب نصوص الدستور المصري.

وتشكل تلك الظروف المعيشية المزرية والخطيرة، فضلا عن الافتقار إلى المياه والصرف الصحي، والكهرباء، جزء من نموذج الانتهاكات للحق في السكن الملائم. ولاعتبارهم مجتمع غير معترف بهم، يواجه هؤلاء المواطنين بشكل مستمر تهديدات بالإخلاء القسري والتشريد دون مشاورة حرة مسبقة مستنيرة، ومراعاة حقوقهم، بما فيها مبدأ جبر الضرر، في مثل تلك الانتهاكات الجسيمة، كما هو محدد في قرار المفوضية السامية لحقوق الإنسان رقم 77/1993.

طبقا لتقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن متوسط الراتب السنوي للأسر في المناطق الحضرية في مصر، في عام 2011، بلغ 30,205 جنيه أي ما يعادل (3,100 يورو)، بما يعادل 2,517 جنيه شهرياً (260 يورو). في حين أن متوسط الراتب الشهري لسكان منطقة بطن البقرة يصل 653,69 جنيه (69 يورو)، وبالنسبة للنساء فيبلغ شهرياً 506 جنيه (53 يورو).

و يدخل ضمن نفقات ذلك الدخل المحدود للعديد من الأسر، التعامل مع نقص الخدمات، بسبب عدم توفيرها من قبل الحكومة، فذلك التفاوت الصارخ، سوف يستمر أجيال المستقبل بسبب عدم وصولهم للحق في التعليم، بسبب عدم وجود مدارس في المنطقة. فهذه الظروف تعيق الوصول إلى عمل لائق، وتحقيق حق الإنسان في مستوى معيشي لائق.

العديد من الأسر إما يدفعون ما يقرب من 200 جنيه، من أجل إفراغ خزان الصرف الصحي مرتين شهرياً، أما الأسر التي لا تستطيع تحمل ذلك المبلغ عليها أن تجد بدائل أخرى، وبصرف النظر عن ذلك، انعدام وجود مرافق الصرف الصحي، تشكل تهديدا خطيراً على الحق في الصحة، كما جاء في المادة (12) من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بينما أيضا تتوسع نفقات الموارد المالية المحدودة لتشمل ضرورات أخرى.

وتوضح بيانات الحصر بأن 14.1% من أسر منطقة بطن البقرة يعولها امرأة، وهو أعلى قليلا من المعدل الوطني والذي يقدر 13.4%. كما أن 42% من النساء في المنطقة هم ربات بيوت وليس لديهم دخل مستقل. ومع قرب تساوي نسبة سكان المنطقة بين الذكور والإناث (49% من النساء، 51% من الرجال)، فكان لابد من إيلاء اهتمام خاص بقضايا المرأة، خصوصاً وأن البنية الاجتماعية في كثير من الأحيان، تؤدي إلى العنف الاقتصادي والاجتماعي غير مناسب نحو المرأة. وفي هذه الحالة يبدو واضحاً، بأن المرأة تعاني من الحرمان من التعليم بشكل غير مناسب، ومعدل معرفة القرأة والكتابة فضلا عن الدخل المتدني، يعتبر من بين عوامل حياتية أخرى مؤشراً، مقارنة بالرجال.

الخطوة التالية لمنطقة بطن البقرة

لا يجب أن يكون عدم وجود ضمان للحيازة ذريعة للحكومة في القيام بعمليات الإخلاء القسري، أو لمنع الخدمات والاحتياجات الأساسية لسكان منطقة بطن البقرة. كما أن تلك الانتهاكات المتعددة تخترق التزام الدولة لحماية الوظيفة الاجتماعية للملكية، والتي كان منصوص عليها في الدستور المصري منذ عام 1952، ورسخها التشريع والفقه، في نص المادة 802 من القانون المدني المصري في أن الملكية ليست حقاً مطلقاً، أو لا حدود له، ولها وظيفة اجتماعية؛ بالإضافة إلى أن التعليق العام رقم (4) للعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، يوضح الالتزامات التعاقدية بدعوة الدول الأطراف إلى اتخاذ تدابير فورية ترمي إلى توفير الضمان القانوني لشغل المسكن بالنسبة إلى الأشخاص والأسر الذين يفتقرون إلى الحماية، وبتشاور حقيقي مع الأشخاص والجماعات المتضررة.

وكشف الحصر الذي أعدته الشبكة، بأن 45 أسرة من المنطقة حصلوا على الحيازة القانونية من خلال الاعتراف الرسمي من محافظة القاهرة بحقهم في الانتفاع للسكن، مما يشير إلى أنه يمكن الحصول على أمن الحيازة إذا ما توافرت الإرادة السياسية المطلوبة من الحكومة. بينما من المفهوم أن سكان المنطقة يدفعون إيجارات متواضعة للمحافظة، يعتقد سكان المنطقة بشكل متفاوت فيما إذا كان هذا الإيجار يمتد إلى الأرض كذلك، أم هو للسكن فقط. ويخلق معدل من يملكون حيازة رسمية، نوعا من التدرج الاجتماعي الذي يحمل إمكانية إضعاف التضامن الاجتماعي، وبالتالي أدى سوء فهم وتوقعات غير واقعية بشأن الاعتراف بحيازة الأراضي. 

حلول مجتمعية

إيجاد أية حلول لاحتياجات منطقة بطن البقرة يجب أن تقوم على التشاور المباشر مع سكانها. فقد تعاون سكان المنطقة مع شبكة حقوق الأرض والسكن وجمعية عبدالله رزة من أجل صياغة خطتين بديلتين لتنمية المنطقة. حيث تشمل الخطة الأولى على تدخل محدود من خلال توفير بعض الاحتياجات الأساسية للمرافق والخدمات الأساسية، فضلا عن، الاهتمام بالمباني التي تحتاج إلى صيانة عاجلة؛ وكذلك، توفير محطات حافلات لتمكين العمال من الوصول إلى أماكن عملهم.

أما الخطة الأخرى، فهي تتضمن على قدر أكبر من التفاوض بين المالك الرئيسي للأرض، والسكان الموجودين عليها، الأمر الذي من المفترض أن يترتب عليه، أن يقوم المالك بعمل تحسينات وبتقديم دعم مباشر، ومساعدة سكان المنطقة، وبالتعاون مع المحافظة. وهذه التحسينات من شأنها إحداث تطوير السكن لصالح لمجتمع بطن البقرة، وأيضاً للمصالح التجارية لمالك الأرض.


Back
 

All rights reserved to HIC-HLRN