إصدار جديد لشبكة حقوق الأرض والسكن: " الأرض ومن عليها"

كل العلاقات الحميمة لاشك معقدة؛والعلاقة التي تربط الناس في منطقة الشرق الأوسط/شمال إفريقيا بأرضهم تؤكد على ذلك.فهو ارتباط قديم، و معاصر، مادي وروحاني،شخصي وجماعي.وبقدر ما هي بدائية، أي علاقة الناس بأرضهم، بقدر ما هي أيضًا الجذر الحقيقي لثقافة رفيعة.ألفيات من الموسيقى، والأدب، والشعر، حملت التفاعل المركب والعضوي للرعاة الأصليين وسكان الحضر مع الأرض.

التعبير عن هذه الصلة بين الأرض والناس، سواء أكان بسيطًا أو معقدًا، يشكل أساسًا لمعظم جوانب الحياة: الاقتصادي منها، والسياسي، والأخلاقي، والتذوقي. إنها الأرض التي  تعمق أواصر الصلة بين الناس عبر إنتاجهم الاجتماعي وهوياتهم الوطنية.

تعد الأبعاد الحقوقية للأرض الملامح المؤسسة لإصدار الشبكة الجديد، الأرض ومن عليها، فقد تحاشى واضعي القانون الدولي هذه الأبعاد، باستثناء ما يخص الأرض كمسألة ملكية وسيادة وطنية.حتى كتابة هذه السطور، لا يوجد أي تشكيل من الدول يقنن لـ الحق في الأرض. إلا أن، النصوص والمقاربات الواردة في هذا الكتاب، تمثل شهادة من وجهة نظر المجتمع المدني على أبعاد مختلفة من الأرض ومواردها ذات الصلة في علاقتها بحاجات الإنسان، ومن ثم حقوق الإنسان.

في صميم هذا المفهوم لحقوق الإنسان في الأرض تأتي مفاهيم الإنصاف والعدالة في استخدام وإدارة الأراضي والموارد المكونة لهاضرورية لتحقيق كل هذه الحقوق.و تميز منهجية حقوق الإنسان كون كل من هذه الحقوق الإنسانية يفرض التزامات على الهيئات العامة والمسئولين الحكوميين بوصفهم الحارسين المفترضين لجميع الموارد العامة.

إن إدارة الأراضي القائمة على حقوق الإنسان باعتبارها موردًا عامًا تمثل المنطلق بأن الحكم قد فشل إلى حد كبير في العمل الفعلي على مر وقت طويل وعلى مساحة كبيرة كذلك من الأرض في منطقة الشرق الأوسط/ شمال أفريقيا، وقد أطلقت الصحوات الأخيرة التي اجتاحت المنطقة ولا تزال تعد بتغييرها الدعوة لإعادة تحديد جذري للدولة وعودتها إلى الدور والغرض الأصلي من وجودها وهو حماية مواطنيها. و نحن في كل بلد من البلدان المتضررة، نجد الشباب، والمزارعين، والطلاب، والصحافة، ومنظمات حقوق الإنسان والمواطنين ذوي التوجهات الفكرية المدنية من كافة الأنواع يرددون مطلب إدارة للأراضي والموارد محورها الناس.

تأتي هذه الدراسة، والتي أعدها ربيع وهبة، في الوقت المناسب تماماً، فهي تتويج لرؤية تطورت على مدى سنوات سبقت الصحوة العربية الحالية. ولطالما سعت شبكة حقوق الأرض والسكن - التحالف الدولي للموئل طويلا لتطبيق العدالة وحقوق الإنسان في السياسات والممارسات الخاصة بالأراضي والسكن.فمنذ عام 2009، استضاف برنامج الشرق الأوسط/ شمال أفريقيا أربع جولات من المنتدى الإقليمي للأرض كمنبر للباحثين والناشطين من مختلف أنحاء العالم العربي لتطوير إسهاماتهم المتخصصة بشأن القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان والأرض.

و من شأن هذا العمل الجماعي أن يثير الأسئلة الفلسفية الأساسية وكذلك العديد من الجوانب الفنية نحو صياغة رؤية بديلة تعكس علاقة الشعوب بالأرض واعتمادهم عليها والإدارة العادلة لها والموارد المكونة لها. إذن أربع جولات لمنتدى الأرض وفرت الأرضية الخصبة لهذه التركيبة باعتبارها خطوة لا غنى عنها في تحقيق تلك الرؤية.

حيث يساهم كل من المشاركين بجانب قيم في الرؤية متعددة الجوانب للأرض باعتبارها قضية حقوقية في جميع أنحاء المنطقة. وأن الشبكة على ثقة من أن تلك الدراسة تشكل واحدة من الجهود والتحليلات الأطول والأعمق التي تساهم في الحل العادل لمشكلات الأرض في هذه المنطقة الرائعة والمتنوعة ثقافيا، التي تستحق شعوبها الكثير من الخير.

لتحميل كتاب الأرض ومن عليها بالعربية