الترويج للحلول البديلة

لا شك أن مجال السكن أصبح متخمًا بالمشكلات العصية على الحل. وهي في الغالب ما تكون مشكلات اقتصادية، وبيئية، واجتماعية وسياسية. فمن يحمل مفتاح الحل؟

 لقد اشار الاقتصادي ملتون فريدمان Milton Friedman ذات مرة في جملة مشهورة إلى أن الحلول التي تطرحها الحكومات لأي مشكلة عادة ما تكون بنفس سوء المشكلة ذاتها. كما أننا كثيرا ما نرجع إلى ما قاله الكاتب هنري لويس منكن Henry Louis Mencken، أحد المتشككين في النظرية الاقتصادية، في ملاحظته أنه دائمًا ما يكون ثمة حل سهل لكل مشكلة — حل دقيق، ومقنع، ولكنه خطأ أيضًا. وجاء النبي محمد (صلعم)، وأشاع ضمن ما أشاع من أحكام توافقية بناءة ما جاء في الذكر الحكيم حول تحقيق الحل العادل من أنه يتوجب على الناس (المسلمين) أن يكونوا أمرهم شورى بينهم (الشورى 38:42).  

وهذه الاستشهادات تشير إلى أكثر من تحد أمام السكن: أولها أن الحلول العادلة والمستدامة تتطلب مشاركة تتجاوز دور المؤسسات السلطوية. وهذا العدد من أحوال الأرض يجسد هذا المبدأ، ويتضمن تقارير متخمة بمشكلات السكن والمناصرة في سبيل الحلول العادلة.

 لقد تم تقديم مثالاً حيًا لهذا المبدأ في الدورة الرابعة من منتدى الأرض لشبكة حقوق الأرض والسكن- التحالف الدولي للموئل، التي انعقدت في تونس وحظيت بتجمع كوكبة من النشطاء والخبراء من المجتمع المدني وحقوق الإنسان في أكثر من 26 دولة، متضمنًا تنوع من الشعوب في منطقة الشرق الأوسط/شمال أفريقيا، يسعون إلى مقاربات ومناهج جديدة لحل مشكلات السكن المستمرة. وفي نفس التوقيت جاء المنتدى الاجتماعي العالمي ليساهم أيضًا في بعض فعاليته في طرح حلول بديلة تتطلع بأمل إلى عالم آخر ممكن.

في منطقة الشرق الأوسط/شمال أفريقيا، تأتي أكثر المشكلات المتعلقة بالسكن تعقيدًا من الإفقار ونزع الملكية من قبل القوات المسلحة. فالتقارير تغطي كثير من الاستغلال غير الشرعي للموارد الطبيعية في الصحراء الغربية، كما تغطي أحداث الاحتفال بيوم الأرض الفلسطيني الدعوة إلى إنهاء أسباب الاحتلال واستغلال موارد الشعب الفلسطيني، وما يترتب عليه من نتائج كارثية.

ويأتي في هذا العدد أيضًا تغطية للتقرير الصادر استجابة مجلس حقوق الإنسان بصدد تقرير تقصي الحقائق المشكلة حول المستعمرات الاستيطاينة الإسرائيلية، حيث يحدد المشكلة والأطراف المسئولة المباشرة، ولكن واضعي ومؤيدي قرار مجلس حقوق الإنسان أخفقوا في الاضطلاع بمسئولياتهم، أو طرح اي حل. كذلك، جاءت الجلسة الأخيرة من محكمة راسل حول فلسطين Russell Tribunal on Palestine  لتطرح خارطة طريق للأمم المتحدة وأعضائها لإصلاح المشكلة التي خلقوها بأنفسم.

وبرغم ما تم التوصل إليه من نتائج في تقرير لجنة التحقيق للأمم المتحدة في سوريا عن تدمير السكن، فإن المشكلة مازالت قائمة بدون حل في الأفق، حيث يبقى مصير الاشياء في يد الجهاز السياسي للأمم المحدة والمتمثل في مجلس الأمن.

 وكلا من التقرير الخاص بمهمة المقررة الخاصة للحق في السكن الملائم في اسرائيل/فلسطين— راكيل رولنك Raquel Rolnikفي زيارتها الثانية للمنطقة (انظرالعدد الثاني من أحوال الأرض) — ودراستها حول الأزمات العالمية في أمن الحيازة وقائمة المشكلات التي حصرتها وشروعها في الترويج لحلول لم تجرب بعد.

 كما يأتي التقرير الجماعي للمجتمع المدني المصري إلى لجنة الأمم المتحدة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في نيسان/ابريل 2013 ليتحدث أيضًا عن أسباب وتوابع وحلول للسياسات التي لم تتغير في دولة ورثت تحديات ملحة ومشكلات طبيعية وبشرية. وقضية انخراط البنك الدولي في البيئة العمرانية لهذا البلد تقدم مثالا آخر لحلول تم تجربتها وولدت مزيد من مشكلات السكن. والمراجعة الحالية لضمانات البنك الدولي تسعى إلى تصحيح على مستوى عالمي.

 فضلا عن هذا وذاك، فإن المشاورات الجارية للأطراف المعنية والتي قدمنا تقريرا عنها في هذا العدد، تشمل منظمة الأغذية والزراعة، والشعوب الأصلية، والمجتمعات الإنسانية، تواصل تقديم عرض غني بالمشكلات والمدافعة عن حلول عادلة. والمشورة المطلوبة بينهم تقدم الصيرورة العملية لحد أقصى للمناصرة التي روج لها إلدريدج كليفر Eldridge Cleaver، الشخص الذي جسد التغيير في  الذات: أنت إما أن تكون جزء من الحل، أو جزء من المشكلة.