English عن التحالف اتصل بنا الاصدار 6-أيار/ مايو 2013 الرئيسسة
تطورات اقليمية

مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: النصف الفارغ من الكوب

في ممارسته لمهمته بصفته الجهاز الرئيس لصنع السياسات المتعلقة بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، تناول مجلس حقوق الإنسان في جلسته التي عقدت في مارس/آذار 2013، المستعمرات الاستيطانية الإسرائيلية غير الشرعية في فلسطين المحتلة وذلك بتبني قرارين قويين. أو تراهما جاءا كذلك؟

 القرار العام حول المستوطنات الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة، تشمل القس الشرقية، والجولان السورية المحتلة (A/HRC/22/L.42) كان قد اتبع النموذج المعهود لقرارات الأمم المتحدة إعادة طرح أهلية المستعمرات الاستيطانية والتحريم ضد نقل السكان إلى الأرض المحتلة. ولقد شجب القرار الإعلانات الإسرائيلية التي صدرت مؤخرًا عن بناء مستوطنات جديدة للمستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية وحول القدس المحتلة، دافعًا بحجة أن تلك التعديات إنما (1) تقوض عملية السلام، (2) تشكل تهديدًا لحل الدولتين وخلق دولة فلسطينية مستقلة مترابطة وذات سيادة، و(3) تعد منتهكة للقانون الدولي. (ولم تذكر الحجة على نحو خاص الضرر المحلي الناجم، أو من سيتحمله.)

 ولقد دعي هذا القرار الحكومة الإسرائيلية للرجوع الفوري عن هذه القرارات التوسعية. بل وحثت السلطة المحتلة أن (1) تتراجع عن سياسة الاستيطان في الأراضي المحتلة، متضمنًا ذلك القدس الشرقية والجولان السورية، (2) الوقف الفوري للتوسع في المستوطنات القائمة، تشمل النمو الطبيعي و(3) تفكيك هذه المستوطنات في نهاية الأمر. وقد تم تبني القرار بموافقة 44 عضو ومعارضة عضو واحد (الولايات المتحدة) وامتناع عضوين (ساحل العاج وكينيا)، وحمل أيضًا مطلبًا لأن تنصاع إسرائيل للالتزامات القانونية المذكورة في الرأي الاستشاري لمحكمة العدل حول حائط الفصل العنصري. (انظر أحوال الأرض العدد 2).

 ثم يأتي القرار الأكثر تحديدًا رقم (A/HRC/22/L.45) في الجلسة نفسها كرد على البعثة المستقلة لتقصي الحقائق لتقييم آثار المستوطنات الإسرائيلية على الحقوق المدنية، والسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية للشعب الفلسطيني على كامل الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية. وقد اتبعت هذه البعثة قرار المجلس رقم 19/17 في الثاني والعشرين من آذار/مارس 2012، الداعي إلى التحقيق، وهو ما عجل بتوقيف إسرائيل تعاونها مع مجلس حقوق الإنسان. وجاء تقرير بعثة تقصي الحقائق (A/HRC/22/63) متسقًا لى نحو مدهش مع السلسلة الطويلة من تقارير الأمم المتحدة والنتائج المنشورة حول موضوع المستوطنات الاستعمارية الإسرائيلية. على سبيل المثال، فقد ردد أصداء الاستنتاجات التي وضعها لجنة مجلس الأمن التي تأسست بقرار رقم 446 (1979)، والتي أكد تقريرها وقتئذ بالفعل أن الحكومة الإسرائيلية تسير وبنشاط ملء إرادتها في عملية واسعة ومنظمة من تأسيس المستوطنات في الأراضي المحتلة. وقد خلصت لجنة مجلس الأمن إلى أن المستعمرات الاستيطانية الإسرائيلية قد انتهكت القانون الدولي، خاصة اتفاقية جنيف الرابعة. 

 على مدار الثلاثين سنة بعد القرار المذكور، اتفقت أحدث بعثة لتقصي الحقائق مع نفس الاستخلاصات. وكان تقريرها موجزًا متجنبًا الإسهاب والتفاصيل المرهقة. ولكنه أضاف إلى خيط تقرير الشجب المستمرة مراجع جديدة للتراكم المريع من الأدلة على الموضوع والتطورات الحالية في المعايير الدولية وتدابير الانتصاف المتوافرة. وكان تقرير بعثة تقصي الحقائق الذي راجعه المجلس هذا العام قد أشار إلى الدور المحوري للمنظمة الصهيونية العالمية في تواصل المستعمرات الاستيطانية الإسرائيلية. كما أقر باحتمال أن يكون لفقه المحكمة الجنائية الدولية أن يمكن من تتبع المسئولية الجنائية الفردية على ارتكاب عدد من الجرائم الدولية، تشمل نقل إسرائيل لكامل أو أجزاء من سكان الأرض المحتلة داخل أو خارج الأرض ونقل السكان إلى الأرض الفلسطينية المحتلة.

 ذلك ما لا يقولونه

وفي قراره الأخير متابعة تقرير البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق، أخفق مجلس حقوق الإنسان في التصديق على تقرير تقصي الحقائق. وبدلاً من ذلك قام بتمييع مسودة القرار ليقول وحسب أنه قد رحب بالتقرير، وهو ما يعني أنه لم يتخذ موقفًا. بل إن المجلس قد أسقط المطلب الذي رفع سابقًا بأن تقوم كل الأطراف المعنية، بما فيها أجهزة الأمم المتحدة، بتنفيذ وضمان تنفيذ التوصيات المتضمنة في التقرير. وبدلاً من ذلك، تبنى فإن القرار الذي تم تبنيه يطلب وحسب وجود مصل هذا الانصياع.

 كما أزالت النسخة الأخيرة من قرار المتابعة صفة غير شرعي في الإشارة إلى المستعمرات الاستيطانية والجدار الفصل العنصري. وقد حذرت الوفود الأوروبية من أن أي قرار أقوى من ذلك أو أكثر تفصيلاً قد لا ينال إجماع بالتأييد من أعضاء المجلس. وكان ثمة تغيير آخر في اللحظة الأخيرة مسندًا تنفيذ ما جاء في القرار إلى المفوضية السامية لحقوق الإنسان بدلا من الأمانة العامة في نيويورك. غير أن العيب الأكثر بروزًا في القرارA/HRC/22/L.45  هو افتقاده الالتزام بـ، أو حتى ذكر الالتزامات على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالعمل على تصحيح الوضع غير القانوني. ذلك أنه بالرغم من تقييم تقرير تقصي الحقائق بوصفه مرتبط بـ مسئولية الدولة عن الأعمال الخاطئة دوليًا، بما فيها مسئولية الدولة الثالثة (فقرة 17).

 وهذه الإطاحة في نهاية المطاف بأي التزام بالعمل من قبل الدول في المجلس كان موضوعًا البيان المشترك الذي أصدرته مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية. وقد دعي الصوت الموحد للمنظمات غير الحكومية الفلسطينية الإحدى عشر القرار الأخير لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بصدد المستوطنات فرصة ضائعة أخرى لتحقيق التقدم في حقوق الشعب الفلسطيني.

 إن القرار الحالي يتركنا وتفسير دقيق مفاده أن جميع الأطراف المعنية تعني مجتمعًا دوليًا أوسع من مجرد طرفي الصراع من الإسرائيليين المحتلين والدولة الفلسطينية الوليدة. على الأقل في قراره رقم 465، الذي تبع لجنة التحقيق عام 1980، كان مجلسي الأمن قد دعي جميع الدول الأطراف لمد إسرائيل بأي مساعدة يمكن استخدامها تحديدًا فيما يتعلق بالمستوطنات في الأراضي المحتلة (فقرة 3). وبالتناقض مع ما يجري اليوم من تعديات منظمة واضحة، فإن المعايير القانونية المتقدمة، وآليات المسائلة وخيارات الانتصاف، فإن موقف الدول المشكلة لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان  هذا العام تمثل في الإقرار بوجود الانتهاكات دون التزام في المقابل بشيء.


Back
 

All rights reserved to HIC-HLRN