دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنتدى السياسي رفيع المستوى 2020
في المنتدى السياسي رفيع المستوى لهذا العام الذي عقد في الفترة من (7- 16 يوليو/تموز)، لاستعراض التقدم المحرز في تحقيق أهداف التنمية المستدامة (SDGs) لجدول أعمال الأمم المتحدة 2030، قدمت أربع دول من إقليم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، استعراضها الطوعي الوطني (VNRs) ، من بين إجمالي 47 دولة قدمت تقاريرها. وقد تعاون التحالف الدولي للموئل – شبكة حقوق الأرض والسكن، مع أعضاءه، وشركاء آخرين، بشأن التقارير الوطنية الطوعية من دول الإقليم، بالإضافة إلى تقارير الأرجنتين، ونيبال، وبيرو، وأوغندا، وزامبيا.
وفي وسط الدعوات من مجتمع حقوق الإنسان، بما فيه التحالف الدولي للموئل، كان من المفترض أن يطبق تقديم التقارير إلى المنتدى السياسي الرفيع المستوى لهذا العام منظور حقوق الإنسان. هذا النهج المتكامل في التخطيط والتنفيذ والرصد والتقييم، هو بالضبط ما كان يدعو إليه التحالف الدولي للموئل، و تدعو إليه شبكة حقوق الأرض والسكن من خلال مرصد موئل حقوق الإنسان. ومع ذلك، وكما لاحظ منسق شبكة حقوق الأرض والسكن، جوزيف شكلا، في أن هذا الهدف يظل بعيد المنال ليس فقط لدول إقليم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وقدمت المغرب تقريرها الوطني الطوعي، في 13 يوليو/تموز، وكان نموذجًا يحتذى به في تنظيمه وتفاصيله، ولكنه قدم تقريرًا محدداً مقابل أهداف ومؤشرات أهداف التنمية المستدامة. كما اعترف بوجود فجوات، متوقعا أن المغرب لن يحقق أهداف جدول أعماله للحد من عدم المساواة، والعمالة اللائقة بحلول عام 2030، وخاصة للشباب والنساء.فيما لا يزال إضفاء الطابع المحلي على عملية التنمية مع نهج إقليمي، واتساق السياسات، وتوفير إحصاءات موثوقة، وتمويل التنمية، من بين التحديات الإنمائية الرئيسية المشار إليها.
ومع ذلك ، فقد أغفل التقرير الوطني الطوعية للمغرب، فرصة لتقدير التقدم الذي أحرزته البلاد مؤخرًا للكل من الأهداف (1، 5، 10، 15) نحو الحوكمة الرشيدة للأراضي المطلوبة، بموجب المشورة الأخيرة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المغربي. ولم يرد في التقرير الطوعي الوطني الغاية (5/أ) بشأن: ﺍﻟﻘﻴــﺎﻡ ﺑﺈﺻــﻼﺣﺎﺕ ﻟﺘﺨﻮﻳــﻞ المــﺮﺃﺓ ﺣقوقاً متساوية في الموارد لاقتصادية، وكذلك إمكانية حصولها على حق الملكية والتصرف في الأراضي وغيرها من الممتلكات ، ولكنها استشهدت بخطوات جديدة نحو زيادة وصول المرأة إلى الموارد الإنتاجية في إطار الهدف 2: ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻋلى الجوﻉ ﻭﺗوفير ﺍﻷﻣــن ﺍﻟﻐﺬﺍﺋﻲ ﻭﺍﻟﺘﻐﺬﻳﺔ وتعزيزﺍﻟﺰﺭﺍﻋﺔ المستدﺍﻣﺔ من خلال التخفيف من التمييز العرفي.
وبناءاً التقرير الوطني الطوعي المغربي، لاحظت شبكة حقوق الأرض والسكن، أن عملية التنمية الوطنية تقدم أسئلة لم تتم الإجابة عليها بعد:
- كيف تتوقع المملكة اتخاذ إجراءات لتحقيق الهدف (2) من خلال التحرر من الاحتكارات الملكية للمواد الغذائية الأساسية مثل (السكر ومنتجات الألبان وزيوت الطعام وما إلى ذلك)، وتعميم جميع حيازات الأراضي، وخاصة من أجل التخفيف من حدة المنافسة ضد صغار منتجي الأغذية، من قبل المنتجين الكبار، و في كثير من الأحيان لا يعرف الملاك؟
- بالنظر إلى الالتزامات المشار إليها في قرار تحويل عالمنا في الفقرة 35)، والمشار إليها في التقرير الوطني الطوعي في الهدف (11)، عن تنمية السكن والبنية التحتية خارج الولاية الإقليمية لدولة المغرب، كيف يتسنى لدولة المغرب، ضمان ذلك، لتجنب زرع مستوطنيها في الأقاليم المحتلة، وضمان أن عمليات استخراج الموارد الطبيعية هناك، سيعود بالفائدة المباشرة على الشعب الصحراوي، بالتعاون مع الهيئة التمثيلية وبعد الموافقة عليها؟ ويظل هذا السؤال قائمًا خاصةً بعد قبول المغرب الملحوظ في عام 2016، بتمويل جريمة خطيرة تتعلق بنقل السكان بعائدات اتفاقية الصيد مع الاتحاد الأوروبي.
- وفي ضوء الدروس من كوفيد ــ 19،الحالية، ما هي التدابير التي سيتخذها المغرب تجاه الحماية الاجتماعية الشاملة، والتي تغطي الاقتصاد غير الرسمي وضمان العمل اللائق للجميع بما يتماشى مع الأهداف (1، 2، 3، 5، 8)؟
على المدى الطويل، وبعد عام 2030، يبدو أن عوائق التنمية في المغرب ستنبع من تعزيز الحكومة للنمو الاقتصادي على توزيع المنافع والسياسات النيولبيرالية المستمرة: ومنها خصخصة السلع والخدمات العامة، والتقشف وخفض الإنفاق العام، مما يتطلب إصلاحًا عاجلاً للسياسة القائمة على حقوق الإنسان. ويمكن معالجة هذه الأمور بشكل أفضل من خلال الحوار الوطني المنظم، حول التقرير الوطني الطوعي، وإشراك جميع أصحاب المصلحة المعنيين في التخطيط والتنفيذ والرصد والتقييم.
ومع ذلك ، لم يسمح الوفد المغربي للمجموعات الرئيسية، بطرح أسئلة حول التقرير الوطني الطوعي الخاص بها، خلال المنتدى السياسي الرفيع المستوى، مما سمح فقط بتقديم الطلبات كتابياً. ومع ذلك، على الرغم من الجهود المبذولة لإثارة هذه القضايا كتابيًا، إلا أن عدم وجود توافق في الآراء مع الجهات الفاعلة في المجتمع المدني المغربي، أدى إلى إعاقة هذا الخيار أيضًا، ولم يتم إيصال أية تعليقات غير حكومية ذات صلة بالتقييم للتقرير الوطني الطوعي المغربي إلى الوفد أو المنتدى.
فيما شاركت سوريا في 15 يوليو/تموز، بتقديم تقرير الحكومة، الذي كان شاملاً ومفصلاً، حيث أشار بشكل وافٍ إلى التزامات معاهدة حقوق الإنسان، ولكن بخلاف ذلك لم يكن هناك انسجام داخلي كبير مع أهداف التنمية المستدامة لأجندة 2030، أو بمنهجية إعداد التقارير. وقد أصدرت مجموعة من المجتمع المدني السوري مداخلة شفوية مشتركة من خلال المجموعة الرئيسية للمنظمات غير الحكومية، وقدمت استجواب عن منهجية التقرير الوطني الطوعي على النحو الذي قدم به.
وأشارت المداخلة إلى أنه لم يكن تقريرًا وطنيًا حسن النية، بل مجرد تقرير حكومي، ولم يتعامل بشكل صحيح مع التنمية المستدامة ومسؤولية الحكومة عن الحرب المستمرة في البلاد. لذلك، كانت ملاحظتهم أنها فشلت في تشخيص الأسباب (مولدات الحالة)، بما في ذلك دور الحكومة في إثارة الصراع وإذكائه، وتبديد أسس التنمية، وبدلاً من ذلك، قامت بتحويل موارد التنمية الوطنية لدعم العسكرة، وسياسات الهوية، واقتصاد الحرب، والظلم الأساسي واستخدام العنف كأدوات لقمع السكان. ونتيجة لذلك، وجدوا أن أداء الدولة يبتعد عن التنمية المستدامة، والتي لا يمكن أن تحدث إلا مع إنهاء الصراع بشكل عادل ومنصف. وأشارت المداخلة إلى أن هذه المسؤوليات تظل أساسية للسلطات السياسية الحالية، وقدمت رواية مختلفة لتقييم تطور سوريا في ثلاث نقاط، مشيرة إلى:
- يتنصل التقرير من مسؤولية السلطة السياسية، عن الصراع وتقويض التنمية، ويحول المسؤولية إلى أطراف خارجية. وينعكس ذلك في صمت التقرير الوطني الطوعي بشأن استعراض عوائق التنمية، مثل تلك المذكورة أعلاه، مما اضطر إلى ظهور حركة مجتمعية واسعة ضد السلطة السياسية القائمة، مع أهداف تطالب بالحرية والعدالة.
- هذا الإغفال يطرح السؤال عن سبب عدم اقتراح تقرير الحكومة تغييرات نحو تقاسم السلطة، أو تغيير دور الخدمات الأمنية والعسكرية، أو مساءلة الجناة عن الانتهاكات، أو حتى إبداء ذكر عن العملية السياسية المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن رقم 2254.
- كما أغفل التقرير معلومات عن أوضاع المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة في جغرافية سوريا.
المداخلة كانت عبارة عن تناول لسلسلة من المأساة السورية، ودعت من صاغوا التقرير الحكومي، إلى شرح مسؤولية السلطة عن قتل وجرح مئات الآلاف، والتعذيب والاختطاف، بما في ذلك المدنيين، وتسييس الهويات الإقليمية والثقافية، وسياسات الحصار، والفقر والانتهاكات الجسيمة للمرأة. واستهداف النظامين الصحي والتعليمي عسكريًا، وانتهاكات جسيمة أخرى لحقوق الأطفال، بالإضافة إلى التهجير القسري الذي دفع الملايين إلى البحث عن ملاذ خارج منازلهم وبلادهم.
ورداً على ذلك ، رفض المندوب السوري الرد على الأسئلة ووصفها بأنها ذات طابع سياسي.
فيما قدمت جزر القمر تقريرها الوطني الطوعي، في 16 يوليو/تموز (الساعة 04:00:00) ، مشيرة إلى التقدم المحرز في خفض نسبة السكان تحت خط الفقر، من 34.3٪ في عام 2013 إلى 23.5٪ في عام 2019، وانخفاض معدل وفيات الرضع، بمقدار 50٪ في نفس الفترة. ولا يزال الاقتصاد الأزرق، والأعمال التجارية الزراعية، والرقمنة، وبناء قدرات القياس الإحصائي، وتحسين جميع مستويات التعليم، وتوفير طاقة متجددة منخفضة التكلفة، تمثل جميعها تحديات رئيسية. في الحفاظ على البيئة المرتبط بالهدف (15): حماية النظم الإيكولوجية البرية وترميمها وتعزيز استخدامها على نحـو مستدام للنظم الإيكولوجية. وقد أدت إعادة التحريج في جزر القمر، في نفس الوقت، إلى زيادة الغطاء الحرجي أربعة أضعاف. كما أبلغت جزر القمر، عن إنشاء معهد وطني لحقوق الإنسان، لتفعيل مفهوم المسؤولية المدنية التي تم تشريعها في عام 2018. وتتوافق جميعها مع خطة الحكومة الحالية لجزر القمر الناشئة بحلول عام 2030.
قامت حكومة جزر القمر، والمنسق المقيم للأمم المتحدة، بإعداد وتقديم التقرير الوطني الطوعي بشكل مشترك، دون التوافق مع أهداف التنمية المستدامة، والتي تمت الإشارة إليها بشكل جيد في التقرير؛ ومع ذلك، لم تكن مشاركة المجتمع المدني واضحة في التقرير، أو في استعراضه. وتدخلت المجموعة الرئيسية المعنية بالأطفال والشباب، بإعادة التأكيد على الأولويات والتحديات التي قدمها الوفد، ولكن مع التأكيد على الحاجة إلى مشاركة أكبر للمجتمع المدني، والسؤال عن خطط تمويل المزيد من التقدم ومعالجة السلوكيات التقليدية التي تؤثر على الصحة، مثل استهلاك التبغ. وهذه الأسئلة ذهبت دون الإجابة عليها.
أما عن دولة ليبيا، فقد لخصت عرضها (في التوقيت 1:42:30) عن الجهود المبذولة لتحقيق عشرة أهداف مستدامة مختارة (3،4، 5،6،7،11، 13، 16، 17) لإنشاء دولة حديثة تتمتع بالتنمية المستدامة لبناء مستقبل أفضل لليبيين. وشدد الوفد على أولويات السلام والاستقرار كشرط أساسي لهذا الإنجاز. وفي الوقت نفسه، فإن حالة انعدام الأمن والصراع المستمر، يعيقان تحقيق جميع أهداف التنمية المستدامة. وأشار الوفد على وجه الخصوص، إلى حالات التشرد، والهجرة، وتنامي المناطق غير الرسمية (العشوائية)، ذات الصلة كعوائق تحول دون بلوغ الهدف (11).
وقد تم تفصيل التقرير الوطني الطوعي الليبي إلى جزء أول وثاني بعد الموعد النهائي. بسبب نشره في اللحظة الأخيرة، وصعوبات تنسيق العملية محليًا، ولم يكن لدى المجتمع المدني سوى فرصة ضئيلة للمشاركة، أو الرد على التقرير رسميًا في المنتدى السياسي الرفيع المستوى. ومع ذلك، تدخلت المجموعة الرئيسية المعنية بالأطفال والشباب، للإشارة إلى التحدي الثلاثي الذي يواجه البلاد، والمتمثل في الأزمة السياسية الأمنية، والوباء، والاقتطاعات الكبيرة في الإيرادات مجتمعة لعرقلة التقدم، على الرغم من الجهود الجديرة بالثناء لموظفي الخدمة العامة. أصدرت المجموعة الرئيسية لأصحاب المصلحة، مداخلة مكتوبة، تدعو إلى مشاركة أكبر لأصحاب المصلحة في عملية إعادة الإعمار والتنمية، وزيادة التضامن بين الأجيال في البلاد بشكل عام، والسؤال عن سبب عدم مراعاة الهدف (16): من بين التقدم المحرز في التقرير الوطني الطوعي. ومع ذلك، ظلت هذه الأسئلة بلا إجابة باستثناء إشارة الوفد، إلى محدودية الوقت والقدرة على معالجة جميع الأهداف السبعة عشر في هذا التقرير.
حتى الآن، قدمت 18 دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تقاريرها في عملية المنتدى السياسي الرفيع المستوى، بما فيها التي شملتها الأعداد من نشرة أحوال الأرض رقم 16، 18.
الصورة: وزير التخطيط الليبي، طاهر الجهيمي، أثناء تقديمه للتقرير الوطني الطوعي لليبيا في المنتدى السياسي رفيع المستوى، 16 يوليو/تموز2020. المصدر: Kiara Worth.
|