نداء من جبال النوبة
يشكل هذا المقال الجزء الثاني من سلسة من جزئين. عقب البيان عن المشكلة، والذي نُشر في العدد السابق من نشرة أحوال الأرض رقم (19)، يسلط هذا المقال الضوء على الحلول المقترحة، التي يطرحها مجتمع كوش للتنمية وحقوق الإنسان، في ضوء المتغيرات السياسية التي تحدث في السودان.
ويجمع أهل الأرض والضحايا، والمظاليم، إضافة إلى الخبراء والباحثين، على أن إعادة تقسيم الأراضي في منطقة جبال النوبة، هو أمر ضروري، بإلغاء القوانين التي شرعها مؤخراً النظام السوداني السابق، فهو الطريق الوحيد لوقف نزيف الدماء، وسيعُلي من شأن حقوق الإنسان في الإقليم.
فالأرض هي المحور الأساسي للصراع في السودان، وفي حالة جبال النوبة، هناك ضرورة لسياسات وممارسات جديدة، من أجل إدارة الأراضي، وحل الصراع. وتتضمن تلك المعايير:
- إلغاء كافة العقود الحالية، مع إنشاء لجنة للتسوية والتسجيل لتلك الأراضي، بملكية تعود إلى أهلها. فلا بد من إنشاء لجنة محلية لتسجيل الأراضي وفقاً لأعراف أهل تلك الأراضي، خاصة بعد أن أقر عمر البشير بأهمية مؤسسة جبال النوبة الزراعية.
- إعادة توزيع الأراضي الصالحة للزراعة بعد تسجيلها، كما يجب إنشاء مجمعات زراعية، مع توفير الخبرات للأسر، والرعاة، والماشية، التي تقطع مسافات صغيرة، كي لا تضر بالأراضي الزراعية.
- إعادة هيكلة الإدارات الأهلية، وفصلها عن العمل السياسي، مع مدها بصلاحيات إدارية من أجل إقامة العدالة بين الناس.
- إنشاء وتفعيل بروتوكول /ميثاق لمعالجة المظالم الثقافية والاجتماعية.
- احترام الخصوصية الثقافية، بطريقة منهجية ودستورية، لتشمل:
- وضع ترتيبات بشأن استغلال الأراضي (للرعي)، والمياه للبدو الرحل العابرين للحدود الدولية.
- ترتيبات لاستغلال المياه المشتركة مع دولة جنوب السودان.
- إنشاء برنامج تنموي كبير تحت إسم برنامج الدفعة القوية، وهو برنامج استراتيجي للتمييز الإيجابي والدفع بالتنمية.
ويجب أن يكون استعادة الاستقرار في إقليم جبال النوبة، جزءاً من نهج إقليمي يضم مختلف المجالات التنموية والخدمية (بتضامن من القوميين والعالميين ــ أفريقياً وعالمياً)، وبميزانية لا تقل عن 50 مليار دولار.
ويتطلب تنمية القطاع الزراعي والحيواني:
- التنمية غير التقليدية للخدمات الاجتماعية، لتوفيرالرعاية ومحاربة الفقر، خاصة للأرامل والأيتام، ومن تقطعت بهم السبل؛
- برامج تحويلات نقدية لمحاربة الفقر، وإدماج المتضررين من الحرب الأهلية؛
- فتح مسارات آمنة لعودة النازحين الداخلياً، تحت رعاية الأمم المتحدة؛
- تمهيد سبل العودة الطوعية، للاجئين النوبيين حول العالم، برعاية الأمم المتحدة، والمنظمة الدولية للهجرة؛
- رفع كفاءة قطاع الخدمات الاجتماعية (التعليم والصحة)، مع التوسع أفقياً ورأسياً؛
- رفع كفاءة القطاع الخاص، والنهوض به.
وتتطلب التحديات المرحلية، تحركات متضافرة في ما لايقل عن خمسة مجالات سياسية:
- المهددات الأمنية:
- إيقاف الحرب؛
- إصلاح وإزالة أثار الحرب،
- نزع سلاح الميليشيات والقبائل الرعوية،
- تأمين مسارات الرعاة وحدود الزراعة.
- التأهيل:
- فتح معاهد زراعية في المنطقة،
- تأهيل الأراضي،
- تأهيل الكوادر البشرية وتطوير الموارد،
- تأهيل المشاريع المعطلة
- التمويل وتكوين رأس المال:
- استيراد الآليات الزراعية؛
- استيراد البذور من خارج الإقليم لتقوية البذور بعد خراب الحرب؛
- توفير رأس المال بضمان عالمي (صندوق النقد الدولي، البنك الدولي، وصندوق الأمم المتحدة للتنمية الزراعية).
- إدارة موارد المياه:
- تجميع المياه،
- تأهيل السدود،
- التخفيف من أثار الجفاف، وإنشاء وحفر أبار للري، والرعي.
- الإجراءات القانونية:
- إلغاء قانون وزارة العدل، الخاص بنزع الأراضي من شعب النوبة في الإقليم،
- إعادة الأراضي المصادرة، والمسلمة،
- التخطيط وتمليك الأراضي.
النداء الأخير
أصبح وضع الأراضي في جبال النوبة كارثياً، يزداد سوءاً يوماً بعد يوم. ولاتزال المنظمات الحقوقية والفئوية الدولية والإقليمية، ومنها التحالف الدولي للموئل - شبكة حقوق الارض والسكن، تنادي بخطورة الموقف بجبال النوبة، وتنذر المجتمع الدولي بتفاقم تلك الكارثة الإنسانية يوماً بعد يوم. وما زال سكان تلك الجبال على أمل بتحسن الأوضاع، وهم كل يوم يستشرفون فجراً جديداً، يحمل لهم السلام والأمن، وألا يعيد لهم كابوس الحروب الماضية، والتهجير، والجوع، والتخلف زراعياً، وعلمياً وإقتصادياً.
وإذ نطالب نحن، مجتمع الكوشيين للتنمية وحقوق الإنسان، بالتدخل العاجل من المجتمع الدولي، ليؤدي دوره في التعاون الدولي، وتقديم المساعدة، خاصة تجاه أجندة الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة ، والتي نرى فيها خيراً لمستقبل مشرق مع بوادر التغيير والوضع الجديد في السودان.
|