English عن التحالف اتصل بنا العدد 33 اكتوبر 2025 الرئيسسة
مقالات الاعضاء

الأرض والعدالة ووعد الخمسين عامًا

في هذه المداخلة، يقدم المرصد الصحراوي للموارد الطبيعية والعدالة البيئية (SONREP) تقييماً للوضع في الصحراء الغربية، حيث تقوم المنظمة بمراقبة استغلال الموارد الطبيعية في ظل الاحتلال الذي دام 50 عاماً اعتباراً من تشرين الأول/أكتوبر 2025.

 

خمسون عامًا من الاحتلال: الأرض والعدالة والقانون الدولي: وعدٌ لم يُوفَّ في الصحراء الغربية

 

منذ بداية الاحتلال المغربي عام 1975، لا تزال الصحراء الغربية عالقةً في حالةٍ من اللاشرعية المُطوّلة؛ إقليمٌ مُعلّقٌ بين إنهاء الاستعمار والضم، حيث تُخفي لغة التنمية مصادرةً مُستمرةً للأراضي والموارد والحقوق. ما بدأ عام 1975 كاستيلاءٍ مُسلّح، تطوّر إلى نظامٍ مُعقّدٍ من السيطرة الإقليمية، ونقل السكان، والاستغلال الاقتصادي، ينتهك جميع مبادئ القانون الدولي ذات الصلة.

 

على مدى خمسة عقود، استُولي على مساحاتٍ شاسعةٍ من الصحراء الغربية وأُعيد تخصيصها للمستوطنين المغاربة والمستثمرين الأجانب بموجب ترتيباتٍ تفتقر إلى أي أساسٍ قانوني. أُنشئت امتيازات زراعية، وعمليات تعدين، ومصايد أسماك، ومستوطنات استيطانية، ومرافق سكنية وسياحية، وبنية تحتية للطاقة على أراضٍ محتلة دون موافقة الشعب الصحراوي، الذي لا يزال المالك الشرعي الوحيد لموارد الإقليم. وما يُعرّفه القانون الدولي بالاحتلال، أُعيدت صياغته على أنه تنمية، وما كان ينبغي أن يكون عملية إنهاء استعمار، استُبدل بسياسات تكامل وتبعية.

 

والنتيجة هي نمط من الاستيلاء على الأراضي يخدم أهدافًا سياسية واقتصادية على حد سواء. وقد رسّخت مخططات الاستيطان وامتيازات الشركات الوجود الديموغرافي للقوة المحتلة، في حين استدرجت جهات خارجية إلى نظام ربح يُطبّق اللاشرعية. وحُوّلت الأراضي التي كانت تُعزّز الرعي والزراعة الصغيرة والاستخدام الجماعي إلى مناطق صناعية ومزارع مُوجّهة للتصدير. وقيّد المحتل تدريجيًا وصول الصحراويين إلى التربة الخصبة والمياه وطرق الرعي، مما أدى إلى تهجير السكان الأصليين وتآكل الأسس الاجتماعية والبيئية للحياة الصحراوية.

 

لهذه الممارسات آثار بيئية عميقة. فقد أدى التعدين المكثف للفوسفات، والصيد الصناعي، ومشاريع البنية التحتية واسعة النطاق إلى تدهور النظم البيئية الهشة واستنزاف المحميات الطبيعية. أما الترويج لمشاريع الطاقة المتجددة على الأراضي المحتلة، والتي غالبًا ما تُصوَّر على أنها مساهمات في التحول الأخضر العالمي، فإنها تُطبِّق نفس منطق الاستغلال تحت مسمى مختلف. وتُبنى منشآت طاقة الرياح والطاقة الشمسية دون مشاركة محلية أو تقاسم للمنافع، مما يستهلك موارد الأراضي والمياه الشحيحة، ويعزز أنماط الإقصاء. ولا يُعد الضرر البيئي في هذا السياق ضررًا جانبيًا؛ بل هو جزء لا يتجزأ من نظام تحكم يُسلِّع كلًا من الناس والطبيعة.

 

والتكلفة البشرية لا تقل عن ذلك. فعلى مدى نصف قرن، واجه الصحراويون الذين يعيشون تحت الاحتلال الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري وتقييد الحريات الأساسية. وتُجرَّم الدعوة السلمية لتقرير المصير، ولا تزال الرصد المستقل لحقوق الإنسان مقيدة بشدة. إن الجدار العسكري الذي يقسم الإقليم الممتد لأكثر من 2700 كيلومتر، والمحاط بحقول ألغام كثيفة، يفرق العائلات ويعزل المجتمعات عن أراضيها. وخلفه، لا تزال أجيال من اللاجئين تعيش في المنفى، محرومة من حقها في العودة واستعادة ممتلكاتها.

 

لقد نطق القانون الدولي بكلمة واضحة. فقد وجدت محكمة العدل الدولية، في رأيها الاستشاري لعام 1975، أنه لا توجد روابط سيادية بين المغرب والصحراء الغربية تُبرر مطالبة المملكة باستقلالها الذاتي. وأكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة مرارًا وتكرارًا حق الشعب الصحراوي غير القابل للتصرف في تقرير المصير والحكم الذاتي الدائم على موارده الطبيعية. وقضت محكمة العدل الأوروبية بأن المغرب لا يملك أي سيادة أو اختصاص إداري في الإقليم، وأنه لا يمكن لأي اتفاقية تغطي الصحراء الغربية أو مياهها الإقليمية أن تكون سارية المفعول دون موافقة الشعب الصحراوي من خلال ممثله القانوني، جبهة البوليساريو. هذه الأحكام متسقة، ومع ذلك لا تزال تُتجاهل بشكل منهجي.

 

إن لتآكل هذه المعايير عواقب تتجاوز الصحراء الغربية بكثير. خمسون عامًا من التراخي حوّلت احتلالًا مؤقتًا إلى ضمٍّ فعلي، مما أدى إلى تآكل مصداقية النظام الدولي الذي بُني لمنع مثل هذه النتائج الإجرامية. إن الاستغلال المستمر لموارد الإقليم، والذي غالبًا ما يتم بمشاركة شركات ومؤسسات دولية، يُجسّد ازدواجية المعايير التي تُقوّض عالمية القانون الدولي وسلامته.

 

الإنصاف

 

لا يمكن أن يقتصر إنصاف الصحراء الغربية على المفاوضات السياسية فحسب، بل يجب أن يشمل عملية جبر ضرر تتناسب مع حجم الحرمان الذي تعرض له شعبها. إن جبر الضرر، في هذا السياق، ليست عملاً من أعمال الكرم، بل هي التزام قانوني نابع من الانتهاكات المستمرة للقانون الدولي. وهي تشمل إعادة الأراضي المصادرة، وجبر ضرر الاستغلال غير المشروع للموارد الطبيعية، وإعادة تأهيل المجتمعات النازحة والمتضررة، وضمانات عدم تكرار الانتهاكات القائمة على حق تقرير المصير الحقيقي.

 

يجب أن يشكل استعادة البيئة جزءًا لا يتجزأ من هذا الإطار العلاجي. إن إصلاح الأضرار الناجمة عن عقود من الاستخراج غير المستدام، واستعادة النظم البيئية المتدهورة، وحماية الموارد الطبيعية المشتركة، أمور أساسية لأي مستقبل قائم على العدل والاستدامة. لا يمكن أن تبدأ عملية الانتقال العادل في الصحراء الغربية ما دام الاحتلال نفسه مربحًا وخاليًا من المساءلة.

 

بعد خمسين عامًا، يبقى السؤال المحوري في الصحراء الغربية هو ما إذا كان المجتمع الدولي سيستمر في قبول نظام الحرمان والاستغلال الذي يتعارض صراحةً مع قوانينه وقيمه. إن إنهاء الاستعمار لم يكتمل بعد، ليس لأن المبادئ غير واضحة، بل لأنها لم تُطبق. إن العدالة للصحراء الغربية تتطلب أكثر من مجرد التعاطف: إنها تتطلب المساءلة إلى جانب جبر الضرر. ويشمل ذلك إعادة الحقوق إلى أصحابها، واستعادة الأرض وشعبها. فقط من خلال هذه الإجراءات يمكن تحقيق وعد القانون الدولي بنظام عالمي عادل، يكون فيه الحق في تقرير المصير والانتصاف في صميمه.

 

 

أنظروا أيضاً الطاقة المتجددة في الصحراء الغربية أداة لتكريس الاحتلال ونهب الموارد، 24 حزيران/يونيو 2025


Back
 

All rights reserved to HIC-HLRN