رائدات العمل الزراعي في غزة في خضم الأزمة الإنسانية
منصة الزراعة الحضرية وشبه الحضرية في غزة (GUPAP) ، وهي منظمة غير حكومية فلسطينية معنية بالزراعة، تأسست في عام 2013 في قطاع غزة. وتهدف المنظمة إلى تعزيز الممارسات الزراعية الحضرية المراعية للنظم البيئية، فيما بين مجتمعات الزراعة العائلية، وتمكين المرأة الحضرية الرائدة في مجال الأعمال الزراعية (الريادات الزراعيات) اجتماعياً واقتصادياً، والتأثير على أنظمة الغذاء المحلية وسياسات الزراعة الحضرية البيئية. وتشترك المنصة الحضرية وشبه الحضرية في عضوية 15 شبكة محلية/وطنية وإقليمية ودولية، ومن بينها التحالف الدولي للموئل-شبكة حقوق الأرض والسكن، لتكمل بعضها البعض في رصد النظم الغذائية، وسياسات الغذاء، وحقوق الإنسان المتعلقة بالغذاء الكافي، والمناصرة من أجل المزارعين المستضعفين.
وضمن نطاق عملها، يسرت المنصة، تشكيل منتدى المرأة الحضرية للزراعة (UWAF)، والذي يعمل بمثابة حيز مجتمعي تمكيني للصمود والمرونة الاقتصادية، ومشاركة القدرات، والدفاع عن الحقوق، والتأثير على السياسات. ويملك المنتدى هيكل مجتمعي منظم حول ثلاثة تجمعات رئيسية: الإنتاج النباتي، والإنتاج الحيواني، وتجهيز الأغذية، بالإضافة إلى 12 مجموعة فرعية تقنية. وقد وصل المنتدى إلى حوالي 500 رائدة أعمال زراعية، من بين 3000 رائدة عمل زراعي في قطاع غزة.
إن قطاع غزة الذي تأثر بشدة، من الاستعمار الإسرائيلي لفلسطين، ولاسيما منذ عام 1948، وتحت الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1967، أصبح مؤخراً أرضًا للمعاناة الإنسانية الخطيرة والموت والصدمات. ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، قُتل عشرات الآلاف من الأشخاص؛ وفر مئات الآلاف من منازلهم وأراضيهم، وعانوا من المجاعة من صنع الإنسان. ووسط تلك الأزمة، تركز الأمم المتحدة على الاستجابة العاجلة للإغاثة ، وتوفير المساعدات الغذائية الطارئة، والمياه والأدوات اللازمة غير الغذائية، وتكافح لتسليمها إلى محافظات غزة التي يصعب الوصول إليها. وقد أعاد تحليل الأمم المتحدة الأخير للأمن الغذائي، تصنيف الوضع على أنه مجاعة وشيكة، حيث يعاني مليون و100 ألف شخص، وهم نصف سكان غزة، من إنعدام الأمن الغذائي الكارثي.
وقد تأثر القطاع الزراعي بشكل كبير، حيث يذكر الخبراء إن عدوان إسرائيل على نظم غزة البيئية، جعل المنطقة غير صالحة للعيش، وهو ما يرقى إلى مستوى الإبادة البيئية. فمنذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، دمرت إسرائيل 23% من الصوبات الزراعية، وتدمير ما يقرب من 50% من محاصيل الأشجار في غزة. وبالإضافة إلى الكلفة الهائلة في الأرواح البشرية الهائلة، تشير تقديرات أولية إلى أن الخسائر تقدر بعشرات المليارات من الدولارات.
نظرًا لحجمه ومدته وتأثيره السلبي الجسيم على المشاريع الزراعية الصغيرة والمتناهية الصغر للنساء، فإن العدوان الإسرائيلي المستمر يمثل تحديًا كبيرًا على مستوى المجتمع المحلي. استنادًا إلى التقييم السريع الأولي التشاركي، لاحتياجات وأضرار المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر التي تديرها النساء اعتمادًا على التواصل الفعال عبر الإنترنت (المكالمات المباشرة ومجموعات الواتساب) والتفاعلات المحدودة على الأرض مع 300 عضو من منتدى المرأة الحضرية، فإن الأسر الفلاحية الصغيرة والمتناهية الصغر التي تديرها النساء، هي الفئة الأكثر ضعفاً وتأثراً ، في النظام الغذائي المحلي المستضعف.
وفي ظل ظروف الحرب، فقد تعرضوا لخسائر غير مسبوقة لأفراد أسرهم ومواردهم الإنتاجية. من الضروري الآن الحفاظ على البذور المحلية المتبقية، والمناشدة لجلب المدخلات الزراعية من مصر. كما تضرر البنك الوحيد للبذور المحلية شرق خان يونس، ولكن لا يزال لدى الأسر الفلاحية بعض البذور.
أما المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر التي تقودها النساء، تنفذها في الوقت الحالي من منازلهن، أو من أماكن النزوح، وتُعتبر المصدر الوحيد للدخل، لتأمين احتياجات أسرهن. وأصبحن الآن لا غنى عنهن لاستعادة نظام الغذاء المحلي. ومع ذلك، يعانين من نقص في المدخلات الزراعية والمواد الخام، والمياه، والأدوات، والأعلاف، واللقاحات، والمواقد الغازية، والشتلات، والوقود. وإذا تم العثور عليها، فإنها تُباع بأسعار مرتفعة جدًا. ومن العوامل المنهكة أيضًا، هو التكلفة العالية لاستئجار أماكن / مخازن مؤقتة للمشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر للعمل، بسبب القصف على أماكن المعيشة.
تم إجبار رائدات الأعمال الزراعية، على الإخلاء والنزوح في ملاجئ صغيرة وغير ملائمة عدة مرات. وكانت أولويتهن تأمين موارد المياه والغذاء والملابس والمواد الصحية، إلخ. ومع ذلك، فقد شاركن بشكل طوعي في التدخلات المجتمعية، وقدمن منازلهن في منطقة رفح، والمناطق الوسطى من قطاع غزة، كأماكن آمنة لتسهيل التواصل، وتسهيل العمليات المجتمعية. فقد تصرفن كشبكة مجتمعية محلية، لتمكين المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية من تقديم المساعدات الإنسانية إلى هذه الملاجئ الصغيرة، خاصة في المنطقة الوسطى والجنوبية. كما سهلن إنشاء مطابخ مجتمعية تديرها المجتمعات في مأويين صغيرين (يخدم كل مأوى حوالي 250 شخصًا، منهم 70% من النساء والأطفال) بالتعاون مع المنظمات غير الحكومية الدولية.
وقد ساهم أعضاء منتدى المرأة الحضرية، المعنيات بإنتاج النباتات وتجهيز الطعام، في تأمين المواد الغذائية الطازجة والمجهزة للأشخاص النازحين، الذين يواجهون خطر المجاعة حيث أن المساعدات الغذائية غير كافية، وغالبًا ما تكون غير متاحة. وقد أظهرت النتائج الأولية للتقييم المشارك لـلمنصة الحضرية وشبه الحضرية ما يلي:
- 20% من المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر لا تزال تعمل، ولكنها بحاجة إلى دعم تسريع النمو (المدخلات والنصائح والتسويق)
- 30% من المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر ما زالت موجودة، ولكنها فقدت قدرتها على الإنتاج؛ ولا تزال بحاجة إلى دعم إعادة التنشيط والتأهيل (المدخلات والمواد الخام والتسويق)
- 50% من تلك المشاريع تم تدميرها أو تضررت جزئيًا وتحتاج إلى دعم التأهيل والإعمار مثل مواد التأهيل والإعمار والمدخلات الزراعية.
وهناك جهود بُذلت لوضع استراتيجيات طارئة عملية، تتماشى مع المعيار الإنساني الأساسي والاستجابة للأزمات التي تقودها الناجيات والمجتمعات المحلية، ونظرًا للسيناريوهات الناجمة عن العدوان المستمر، ووقف إطلاق النار المراوغ. وتوصي أعضاء منتدى المرأة الحضرية بشدة، بإستراتيجية الدعم النقدي، كاستجابة فورية مرنة وبسيطة، لتمكين رائدات الأعمال الزراعية من الحصول على دعم العيني لمشاريعهن الزراعية الصغيرة والمتناهية الصغر، مما يدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تقودها النساء في قطاع غزة في عمليات التعافي. ويمكن أن يعزز هذا الممارسات الزراعية المحلية، التي تسهم في بقاء تلك المشاريع، وتعزيز قدرة النظام الغذائي المحلي على التكيف.
ومنذ ذلك الحين، عملت المنصة الحضرية وشبه الحضرية على رفع أصوات المزارعات الحضريات، وتسليط الضوء على تحديات مجتمع رائدات المشاريع الصغيرة والمتوسطة على المستوى الوطني والإقليمي والدولي في الاجتماعات/المناقشات، خاصة تلك التي تهدف إلى مشاركة، ومناقشة، وإعادة التصور لقطاع الزراعة المحلي وسيناريوهات إعادة الإعمار وحق المجتمع في المشاركة في صياغة هذا الخطة، مع مراعاة التحديات والمخاطر التي تواجه نظام الغذاء الحضري المحلي.
انظر شهادات رائدات الأعمال الزراعية في غزة:
أصوات من غزة لتجارب أعضاء منتدى المرأة الحضرية
فوز المنصة الحضرية وشبه الحضرية في غزة، بجائزة بن زايد للتنمية المستدامة في مؤتمر - COP28 في فئة الغذاء.
موقع المنصة GUPAP
الصورة في الصفحة الأولى، شعار المنصة الحضرية وشبه الحضرية في غزة، الصورة في صفحة المقالة، تضم مجموعة فريق المنصة الحضرية وشبه الحضرية في غزة، عقب الفوز بجائزة الربيع من مؤسسة لش، في 2021، المصدر موقع المنصة.
|