نقل السكان
إن نقل السكان الذي يعرف بعدد من المرادفات الأخرى، ينطوي على تحركات للسكان نتيجة لعمليات سياسية و/أو اقتصادية تشترك فيها الحكومة أو بعض الوكالات المخولة من الدولة، هذه العمليات تسفر عن نتائج، أما مقصودة أو غير مقصودة، تؤثر على حقوق الإنسان للسكان المنقولين، كما تؤثر على سكان المنطقة التي تم نقل المستوطنين إليها. ومصطلح نقل يعني ضمنًا الاستهداف من وراء حركة السكان، غير أنه ليس من الضروري أن يكون المكان المقصود قد تم تحديده مسبقًا. وقد يكون دور الدولة في نقل السكان ايجابيًا وقد يكون سلبيًا، ولكنه يسهم في الطابع المنظم والقهري والمتعمد لنقل السكان، سواء إلى داخل منطقة معينة أو إلى خارجها. وبالتالي، يوجد عنصر القوة الرسمية، أو القهر، أو الإهمال الضار في سياسة الدولة أو ممارستها. إن دور الدولة قد ينطوي على إعانات مالية، أو تخطيط، أو إعلام عام، أو عمل عسكري، أو اختيار للمستوطنين، أو تشريع أو أي عمل قانوني آخر أو حتى إقامة العدل.
ثم إن نقل السكان تم بهدف تعديل الترطيب الديموغرافي لمنطقة معينة، وفقًا لأهداف سياسة بعينها، أو للأيديولوجيا السائدة، وخاصة عندما تؤكد تلك الأيديولوجيا أو السياسة هيمنة مجموعة معينة على مجموعة أخرى. إن الهدف من نقل السكان قد يشمل الاستيلاء على إقليم معين أو السيطرة عليه، أو غزو عسكري، أو استغلال للسكان الأصليين أو لمواردهم. إن عمل الدولة المستند إلى مثل هذه الأسباب لم يقتصر على أيلام السكان والمجتمعات والجاليات الضعيفة فحسب، ولكنه كثيرًا ما أثبت أن التحكم فيه أمر متعذر على المدى الطويل. إن آثار نقل السكان، وخاصة حينما تقترن بصراعات إثنية عميقة وتدهور في البيئة وبمقاومة أو حتى بعملية انفصالية، قد تؤثر في نهاية المطاف على ركيزة الدولة ذاتها.[i] وكانت لجنة الأمم المتحدة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في التعليق العام رقم 7 قد عرفت الإخلاء القسري على إنه: إجلاء الأفراد أو العائلات أو المجتمعات؛ المؤقت أو الدائم من منازلهم وأراضيهم رغما عن إرادتهم دون توفير كافة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لهم. كما أقرت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن الإخلاء القسري يعد انتهاكا جسيمًا لحقوق الإنسان وخاصة الحق في سكن ملائم.
وقد عرف المقرر الخاص لكافة الحقوق في الأمم المتحدة نقل السكان الناتج عن العمليات السياسية أو الاقتصادية الجماعية المباشرة (العمليات العسكرية أو الإخلاء أو الترحيل أو زرع مستوطنين) أو غير مباشر (معايير إدارية إفقار أو تحيزات اقتصادية) واعتبروها تمييزية, نظامية, قسرية وتنطوي على إرادة سياسية. تعتبر أغلب الاتفاقيات والمعاهدات والقوانين الدولية نقل السكان غير شرعي منذ إعلان التحالف الخاص بجرائم الحرب الألمانية 1942. وكانت آخر وأقوى إدانة موجودة في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الذي عرف بإبعاد السكان أو النقل القسرى كجريمة ضد الانسانية (المادة 7) للسكان وزرع مستوطنين جدد باعتباره جريمة حرب (المادة 8) كـقيام دولة الاحتلال، على نحو مباشر أو غير مباشر، بنقل أجزاء من سكانها المدنيين إلى الأرض التي تحتلها، أو إبعاد أو نقل كل سكان الأرض المحتلة أو أجزاء منهم داخل هذه الأرض أو خارجها.[ii]
[1] انظر تقرير لجنة حقوق الإنسان اللجنة الفرعية لمنع التمييز وحماية الأقليات، أبعاد حقوق الإنسان التي ينطوي عليها نقل السكان، بما في ذلك توطين المستوطنين، 6 تموز/يوليو 1993، E/CN.4/sub.2/1993/17، ص. د. الفقرات (14–17). [2] نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، اعتمد من قبل مؤتمر الأمم المتحدة الدبلوماسي للمفوضين المعنى بإنشاء محكمة جنائية دولية بتاريخ 17 تموز/يوليو 1998، تاريخ بدء النفاذ: 1 حزيران/يونيه 2001، وفقا للمادة 126. أنظر أيضاَ شبكة التضامن مع الشعوب الأصلية: فلسطين، نقل السكان، منشورات شبكة حقوق الأرض والسكن، عبر هذه الوصلة: شعوب تحت الاحتلال.
|