عملية أيض (الموئل)
تتمثل عملية الأيض في مجموع العمليات الكيماوية والفيزيائية التي تحدث باستمرار داحل الكائن الحي وهي عملية ضرورية للحياة والرفاه. وبهذا المعني العضوي، غالبا ما يتم التمييز بين نوعين من الأيض: الأيض البناء، وهو عبارة عن تركيب البروتينات، والنشويات، والدهون التي تشكل الأنسجة وتخزن الطاقة، والأيض الهدام/المدمر: والمعني به تكسير المواد المعقدة وما يتبع ذلك من إنتاج للطاقة والنفايات.
وفي مجال تنمية المستوطنات البشرية، وما يتعلق بإدارتها وحكمها وتخطيطها، يمثل أيض الموئل موضوع رؤية شاملة يعالج المستوطنات البشرية، باعتبارها كائن حي يسعي للحفاظ عليه. فالبنية التحتية، وكفاءة استخدام الموارد، والإنتاج، وقابلية البيئة للاستمرار، ورفاه الانسان جميعها عوامل رئيسية في تشكيل عملية أيض للموئل (أنظر الموئل أعلاه).
ويمكن فهم البنية التحتية في سياق نهج أيض الموئل، على أنه توجيه تدفق المواد، وبالتالي توجيه في استخدام الموارد، والإنتاجية والكفاءة في كل من السياق الحضري والريفي. كما أنها تمكننا من النظر في المستوطنات البشرية و أياً كان النطاق، من منظور تدفق المواد، مع التدفق الحيوي والمستمر للمدخلات والمخرجات بوصفها عملية الأيض، بينما كذلك، فهم الموائل البشرية داخل ذلك النظام الأوسع للتدفق، سيمكنها من العمل. كذلك، يمكن لنهج أيض الموئل أن يتصور تصميم، وبناء، وتشغيل البنى التحتية، مثل الطاقة، و النفايات، و المياه، و الصرف الصحي، و النقل، و خلق بيئة اجتماعية وتقنية، تشكل أسلوب حياة السكان، إضافة إلى كيفية شراء الموارد التي يحتاجونها، واستخدامها وكيفية التخلص منها. كما يدرس هذا النهج الضغوط من أجل التغيير داخل المدن، و التي تتجاوز الاعتبارات التقنية وتشدد على أهمية الوسطاء باعتبارهم العناصر المهيمنة للتغير، فضلا عن أن حقيقة العمليات والديناميكيات الاجتماعية تحتاج إلى أن تُفهم وتُدمج داخل أي تقييم للتدخلات، و ضمن سياق رؤية استراتيجية شاملة لنطاق المدن أو غيرها من المستوطنات البشرية.
وتنطوي دراسات أيض الموئل على تحليل كل من المخزون والمتدفق. حيث يتضمن المخزون الموارد المتاحة داخل المستوطنات البشرية (مثل المباني، والطرق، والبنى التحتية)، بينما تنطوي المتدفق على مدخلات الموارد من داخل المستوطنات البشرية وخارجها، و كذلك المخرجات منها، إلى مناطق داخل حدودها وأبعد منها. ومع ذلك، ينبغي للدراسة الكاملة لأيض الموئل أن تتضمن القضايا المدنية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والمالية والسياسية وقضايا حقوق الإنسان، علاوة على القضايا الأخلاقية.
يمكن وصف الأيض الخاص بأي مدينة نموذجية حديثة على أنه خطي، بمعنى أنه يستخرج الموارد فيما وراء حدوده المعترف بها، واستخدمه داخل تلك الحدود لدعم الأنشطة البشرية، ثم يودع النفايات الناتجة بتركيزات عالية في البيئة الخارجية مرة أخري. لذلك، تتطلب المدن الحديثة إمدادات مستمرة من مدخلات الموار والطاقة غير المحدودة من الطبيعة لاستيعاب النفايات المركزة التي تنتجها.
وبهذه الطريقة، يختلف أيض المدن الحديثة جوهريا عن دائرة الأيض الذي نجده في النظام البيئي الطبيعي، و الذي لا ينتج أي نفايات ويعيش على بيئته المباشرة. يساعد نهج أيض الموئل للمستوطنات البشرية، الجهات المعنية وأصحاب المصلحة على معرفة أهمية ممارسات دائرة الأيض، خاصة فيما يتعلق بالفوائد البيئية، على الرغم من عدم وجود دعم من جانب المسئولين والمنتجين الحضريين أو المستهلكين أو كليهما.
ومع نمو فهم أيض الموئل، يمكن لهذا النهج أن يلقي الضوء إلى حد كبير على إجمالي متطلبات المدن من الموادTotal material) requirements)، بما في ذلك التدفق المباشرة وغير المباشرة، الأمر الذي سيكشف إلى أي حد تعتمد المدن على المواد المستوردة من أماكن أخرى داخل وخارج حدودها الوطنية، مشيراً إلى الأثر البيئي للمدن وغيرها من المحليات والموائل.[1]
|