English عن التحالف اتصل بنا العدد 29- سبتمبر / أيلول 2023 الرئيسسة
مصطلحات العدد

مدينة/مجتمع حقوق الإنسان Human Rights City/community

تعلن مدن، وبلديات و/أو أحياؤها العضوية نفسها مجتمعات حقوق إنسان أو مدن حقوق إنسان لتتشكل من ممارسة يروج المواطنون عبرها لمبادئ حقوق الإنسان على مستوى المدينة في إطار بلدية أو كجزء من بلدية. وهي في الوقت نفسه تمثل ممارسة سعت إلى تعريف برنامجي من خلال منظمات من نوع الحركة الناس من أجل تعلم حقوق الإنسان People Human Movement for Human Rights Learning (PDHRE)، والتي عرت حقوق الإنسان على اتساعها بوصفها:

مجتمع يتعهد فيه جميع المواطنين ببناء مجتمع إنساني يقوم على المساواة وعدم التمييز؛ [حيث] يشارك جميع النساء والرجال بفاعلية في القرارات التي تؤثر على حياتهم اليومية، مسترشدين في ذلك بإطار حقوق الإنسان؛ حيث يتبنى الناس وعن وعي رؤية شاملة لحقوق الإنسان في التغلب على الخوف والإفقار، وهو مجتمع يوفر الأمن الإنساني، والوصول إلى الطعام، والمياه النظيفة، والسكن، والتعليم، والرعاية الصحية، والعمل بأجور عادلة كافية للحياة، والمشاركة في الموارد مع المواطنين- لا كعطية أو هبة، بل كحقوق معترف بها. ومدينة حقوق الإنسان نموذج عملي وقابل للتحقق يبين أن العيش في مجتمع من هذا النوع ممكنًا!

 

وبينما يأتي هذا التوصيف مجردًا، فإن تطبيقه عمليًا أسفر عن بعض المبادئ العملية الإجرائية لتوجيه السياسيات وتكرار الخبرة. وتوضح الأدبيات المتوافرة حول برنامج مدن حقوق الإنسان أن هذا النهج يواجه وعلى نحو خاص كلا من البعدين الأوسع والأضيق للفقر الحضري على سبيل المثال:

ليست موجهة إلى تأمين الحق القانوني كوسيلة لحماية فقراء الحضر من الإخلاء والإحلال الطبقي[1] gentrification، أو لتعظيم الاستثمار في سكن محدودي الدخل، بل هي استراتيجية أوسع من تمكين أعضاء الجماعات المختلفة لإيجاد وعلى نحو جماعي الطرق والوسائل لضمان احترام حقوقهم، متضمنًا ذلك الحق في السكن الملائم، والعناصر المكونة له من ضمان للحيازة، والوصول إلى الخدمات الحضرية الأساسية، والنقل والتنقل، والخدمات المالية والائتمان، وتمكين المرأة، والمواطنة الحضرية، والدخل ومصادر الرزق. ومن ثم فهي استراتيجية أوسع من تأمين الحيازة.

 

ثمة مبادرة حديثة لربط مدن حقوق الإنسان الكورية والدولية أسفرت عن وضع المنتدى العالمي لمدن حقوق الإنسان World Human Rights Cities Forum  ، لتوسيع النقاشات حول مدن حقوق الإنسان بعد تبني قرار الحكومات المحلية وحقوق الإنسان في الجلسة الرابعة والعشرون لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان (2013). 

 

الحق في المدينة Right to the City

يعد المفهوم الأكثر حزمًا بين كل هذه التعبيرات. وهو يتألف بوضوح من زعم بـ حق محدد ليس منصوص عليه في أي من الأدوات الدولية متعددة الأطراف حتى يومنا هذا. وحركة الحق في المدينة Right to the City (R2C) ، تسعى استراتيجيًا، إلى المساهمة في عمليات وضع المعايير عبر تحديد المضمون المعياري للحق في المدينة، قبل أن يصبح قانون. وتفضل الحركات الاجتماعية في أمريكا اللاتينية — الذين يوصفون أنفسهم كفاعلين جماهيريين شعبيين أصحاب قضية مشتركة — الحق في المدينة كجزء من ظاهرة ممتدة وتاريخية من وضع مقاييس ومعايير عالمية عبر تحركات جماهيرية منظمة.

غير أن الحق في المدينة يضطلع بميثاق شبه قانوني. فهو يشكل الموضوع الجوهري للأجندة الخاصة بالمدن المتحدة والسلطات المحلية المذكورة آنفًا. حيث يعكس الجزء الإجرائي الأول من هذه الآلية الإقرار بأن:

(أ‌)      لجميع سكان المدن الحق في مدينة تتشكل مثل مجتمع سياسي محلي يضمن الظروف الملائمة للعيش للجميع، ويوفر التعايش الرشيد وسط سكان هذا المجتمع، وبينه وبين السلطة المحلية.

(ب‌)  لكل رجل وامرأة الانتفاع من كافة الحقوق الواردة في أجندة الميثاق الحالي وهم فاعلون متكاملي الشروط في الحياة داخل المدينة.

(ج‌)   لجميع سكان المدنية حق المشاركة في تشكيل الإقليم وتنظيمه كمجال أساسي ومؤسسة للتعايش والحياة السلمية.

(د‌)     لجميع سكان المدينة الحق في الموارد والمساحات المتاحة بما يتيح لهم التمتع بالفاعلية المستحقة للمواطنين. وينبغي للأماكن العامة وأماكن العمل أن تحترم قيم الجميع وقيمة التعددية.

2. توفر المدينة لسكانها الحق في كافة الوسائل المتاحة لممارسة حقوقهم. والأماكن والمساحات والموارد المتاحة. ويشجع الموقعون على الميثاق بتطوير التواصل مع المدن والمقاطعات المجاورة بهدف بناء مجتمعات ومدن إقليمية حريصة ومهمومة بقضايا الناس وحقوقهم. 

وكإطار وملخص لكافة الحقوق المذكورة في أجندة الميثاق، فإن الحق [في المدينة] سيتحقق إلى الدرجة التي يرد فيها حق الجميع في الميثاق ويكون فعلا ومضمونا على المستوى المحلي.

3. يلتزم سكان المدينة بواجب احترام حقوق وكرامة الآخرين.

معاودة مفهوم الحق في المدينة يحترم الحق الجماعي للسكان المحليين لعملية صنع القرار على المستوى المحلي. (انظر حقوق المدينة Rights of the City ).

وبالتوازي مع هذا الاعتراف الرسمي ومتعدد المستويات، فإن الحق في المدينة يعد أيضًا شعار ومطلب من قبل الحركات الاجتماعية الحضرية لتوجيه السياسات الحضرية كي تصبح أكثر شمولا للجميع ومحققة للتكافؤ، كبديل للسياسات الجارية وممارسات التخطيط التي تقود إلى الفصل بين الفئات داخل المجتمع، والخصخصة، والتوزيع غير العادل للسلع والخدمات العامة.

 

نشأ نهج المجتمع المدني والحركات الاجتماعية لتحقيق لحق في المدينة استجابة لما وقع من تهميش وإساءة لسمعة وكيان مناطق السكان منخفضي الدخل في المدن – خصوصًا الأحياء الفقيرة/ العشوائيات- التي ظهرت وانتشرت في النصف الثاني من القرن العشرين في البلدان التي شهدت إزاحة وهجرة من المناطق الريفية إلى الحضرية. في هذا السياق، استخدمت الحركات الاجتماعية، خاصة في بلدان أمريكا اللاتينية التي شهدت أنظمة حكم عسكرية فيما سبق، مفردات عالم الاجتماع الفرنسي هنري ليفيفر Henri Lefebvre ونصصوا مبادئ الحق في المدينة ضمن الميثاق العالمي للحق في المدينة (صدرت آخر إصدار 2005). وكان هذا المصدر الشعبي للحق في المدينة قد ظهر في أحداث عديدة مكررة ومتتالية عديدة وسط الحركات الاجتماعية الحضرية في أمريكا اللاتينية وانتشرت عبر المنتدى الاجتماعي العالمي.

وفي الوقت الحالي، نجد مطلب الحق في المدينة وما يرتبط به من حجج منصوص عليه في الميثاق العالمي لعام 2005 مستندًا على حزمة من حقوق الإنسان المقننة وما يقابلها من التزامات السلطات على كافة المستويات. وفي توضيح المطالب ذات الصلة بممارسة المدنية والمشاركة في التخطيط، والإنتاج وإدارة المدن، يوضح الميثاق حقوق وحريات عديدة، تشمل تلك المنصوص عليها بالفعل في العهدين الدوليين لحقوق الإنسان (1966): المشاركة، والتجمع السلمي، وحرية التنظيم، وحرية التعبير، وحرية التنقل، والسكن الملائم، والمعلومات، المشاركة السياسية، والأمن الشخصي، والغذاء، والمياه، والعمل اللائق.

ويطالب الميثاق أيضًا بقيم بعينها تعتبر بمثابة حقوق وما يقابلها من التزامات لم تندرج بعد صراحة في قانون المعاهدات الدولية. وتشمل الإنتاج الاجتماعي للموئل/السكن، والحق في التنمية المستدامة المتكافئة (حيث كان الحق في التنمية موضوع الإعلان لسنة 1986، ولكنه لم يقنن بعد في قانون المعاهدات). ويؤكد الميثاق العالمي أيضًا على الحق في النقل والتنقل، وكذلك الحق في البيئة في سياق المدينة. ويؤسس لمطلب شعبي على مستوى الحقوق من أجل (1) أبعاد حقوق الإنسان للأرض والحق في الإدارة المتكافئة للأرض، والسلع العامة، والموارد الطبيعية، و(2) التخطيط الحضري كخدمة فنية وسلعة عامة يستحقها جميع المواطنين.

 

ومن خلال أحداث المتكررة منذ 2001، أكدت حركة الميثاق العالمي على العناصر الأساسية للحق في المدينة لتشمل:

  • الممارسة الكاملة للمواطنة
  • الإدارة الديمقراطية
  • الوظيفة الاجتماعية للملكية الحضرية والمدينة

ومن ثم تتبع الوظائف الاستراتيجية للحق في المدينة:

  1. الممارسة الكاملة لحقوق الإنسان في سياق المدينة؛
  2. تفعيل إجرائي للوظيفة الاجتماعية للملكية الحضرية والمدينة؛
  3. الإدارة الديمقراطية؛ والإنتاج الاجتماعي للموئل والحق في الموئل المنتج (الاقتصاد الاجتماعي)؛
  4. الإدارة المسئولة والمستدامة واستخدام الأمور المشاع (من بينها الموارد الطبيعية والتراث الثقافي)؛
  5. التمتع الديمقراطي بالمدينة (خصوصًا مرتبطًا مع المساحات العامة والمرافق المجتمعية).

وفيما يقر الميثاق بالأهمية الحتمية للتعايش القائم على السلام، والتضامن والتعددية الثقافية، فإنه كذلك يحتفي بتنوع معظم المدن. ذلك أنه، أي الميثاق يقدم معنى عملي لمبدأ حقوق الإنسان المسير للتطبيق لعدم التمييز كمحور لمأسسة والتمتع بالحق في المدينة.

ظهر مفهوم الحق في المدينة من سياق حضري ضيق؛ ولكن لا يمكن تفسير ذلك أنه ينظم المطالب التي تنفع سكان الحضر فحسب. ولا أيضًا يعني ذلك أن على المرء أن يكون حضريًا كشرط للتأهل للتمتع بهذه الحقوق. فضلا عن ذلك فإن الخطاب الخاص بالموئل تطور تطورًا دالاً منذ عام 2005 الذي صدر فيه الميثاق ليشمل مناطق متنوعة، ومشيرًا أيضًا إلى المناطق الريفية بوصفها محيطات المدينة.

الحق في البيئة العمرانية (العمران)

احد الأمثلة الأكثر دلالة على استخدام الحق في المدينة في خطاب منظمات المجتمع المدني والمناصرة جاء في سياق المشاورات التي نظمت نحو صياغة الدستور المصري الجديد عام 2013. وهو تلاق لمنظمات عرفت أنفسها بأنها تحالف الإصلاح العمراني. Urban Reform Coalition، وتعاون في الإعداد لتقديم الدستور الجديد. وتضفي الوثيقة للإصلاح العمراني نهجًا دستوريًا لمصر الحضر لمبادئ الحق في المدينة كدليل توجيهي لمستقبل الجهود المبذولة لتحسين ظروف العيش والتنمية الحضرية والحكم والإدارة في مصر في مرحلتها الانتقالية.

تبدأ مظاهر إضفاء الطابع المحلي على مفاهيم الحق في المدينة بجلب مصطلح العمران والذي يحمل مفهومًا أكثر شمولا بضم أيضًا المستوطنات البشرية ما وراء المدينة. ويتردد المصطلح في التقاليد العربية كمصطلح استخدمه ابن خلدون في القرن الرابع عشر، الذي أكد في تعاليمه عن فن الحكم على أن العدل أساس العمران. 

وهذا التعبير التوضيحي عن الحق في المدينة يحدد مجموعة أساسية من المبادئ، مثل

تعترف الدولة بالحق في العمران لكافة السكان. كما أن لھم جميعاً الحق الكامل في التمتع بالعمران وفراغاته العامة على أسس مبادئ العدالة الاجتماعية، والاستدامة، واحترام الثقافات المختلفة، والاتزان بين المناطق الحضرية والريفية. وترتكز ممارسة ھذا الحق على أسس الإدارة الديمقراطية للعمران، مع احترام الوظائف الاجتماعية والبيئية للملكيات المختلفة، وللعمران ككل في إطار الاعتبارات التالية:

  • توفير الخدمات والمرافق العامة، وضمان جودتھا وعدالة توزيعھا، وتحقيق الرفاه للمواطنين وخاصة الأكثر احتياجاً، والتحسين المستمر لجودة حياتھم، والتأكد من تلبية احتياجاتھم الأساسية، كلھا من الأغراض الاجتماعية الأصيلة للدولة. ولھذه الأغراض، تلتزم الدولة بإعطاء جوانب الإنفاق الاجتماعي العام الأولوية على أي مخصصات أو أوجه إنفاق أخرى في خطط وموازنات الدولة وأجھزتھا المختلفة.
  • يجب أن تؤدي المناطق العمرانية وظيفة اجتماعية تضمن لكل سكانھا حق الانتفاع الكامل من كافة مواردھا، وأن توجه مشروعات الدولة واستثماراتھا بما يعود بالنفع على المجتمع ككل. وتستهدف سياسات العمران استخدام الأراضي بما يؤكد على مفاھيم العدالة الاجتماعية، والمساواة، والتوازن البيئي؛ كما تضمن التشريعات الاستفادة الكاملة من الأراضي والملكيات العامة والخاصة غير المأھولة، وغير المستخدمة، والقليلة الاستخدام بما يحقق الوظيفة الاجتماعية للملكية.
  • اعتماد اللامركزية في الحكم المحلي، بما يعزز الممارسة الكاملة للمواطنة، والإدارة الديمقراطية للعمران، والاستجابة لاحتياجات المجتمعات المحلية؛ وتلتزم الدولة بدعم الوحدات المحلية بما تحتاجه من بناء قدرات ومعاونة فنية وإدارية ومالية، وتمكينھا من جمع الموارد من الضرائب والرسوم ذات الطابع المحلى الأصلية والإضافية، واللازمة لتوفير المرافق والخدمات المحلية، والنھوض بھا، وحسن إدارتھا.
  • الثروات المعدنية والموارد الطبيعية للدولة ملك للشعب، وعوائدھا حق له، تلتزم الدولة بالحفاظ عليھا، وحسن استغلالھا، ومراعاة حقوق الأجيال فيھا. ولا يجوز التصرف في أملاك الدولة العامة . ويكون منح امتياز استغلالھا، أو التزام مرفق عام بقانون، ولمدة محددة. ويحدد القانون أحكام التصرف في أملاك الدولة الخاصة، والقواعد والإجراءات المنظمة لذلك .

وقد اقتنص تحالف إصلاح العمران الفرصة لتوضيح معنى الإنتاج الاجتماعي للموئل، حيث يقترح:

تلتزم الدولة بتوفير البيئة المؤسسية والموارد اللازمة لعملية الإنتاج الاجتماعي للمسكن من أدوات قانونية وتمويلية وإدارية، ودعم فني، وأراضي وخامات بسعر مناسب يتلاءم مع قدرات محدودي الدخل، وتعترف الدولة بجھود العمران الذاتية، كما تدعم المبادرات الذاتية والتعاونية سواء من أفراد أو أسر أو جھود جماعية منظمة في ھذا المجال.  كذلك تلتزم الدولة بمكافحة التعسف والاستغلال في العلاقات الإيجارية في إطار كفالة حق المسكن الملائم للفئات المھمشة والأكثر ضعفا.

والواضح أن هذه المبادرة من منظمات المجتمع المدني والربط التوافقي مع الحق في المدينة، وحقوق الإنسان داخل المدينة، وحتى على المستوى الأوسع موئل حقوق الإنسان، في التوجه إلى سياق الدولة الذي تشغله المدينة. بيد أن هذه الممارسة تنساب أيضًا في تراث حقوق الإنسان القائمة على المدينة، بينما تأخذ من الميثاق العالمي للحق في المدينة مضفية علة أسسه المحورية الملامح المحلية.


[1] يسمى في بعض الترجمات استطباق: وهو ما يحدث في المناطق الحضرية من إحلال الطبقة المتوسطة من المجتمع بطبقة أرقى منها نتيجة لزيادة القيمة الإيجارية للوحدات السكنية بسبب ما طرأ على المناطق الحضرية من مشروعات التحسين والتطوير الحضري بالإضافة إلى الحالات الفردية من المستأجرين أصحاب المهن الإبداعية والابتكارية متزامنة مع اصطحاب أصحاب رؤوس الأموال للاستثمار في مجال الخدمات الترفيهية والترويحية مثل المطاعم والمقاهي والمطاعم العصرية جاذبة المزيد من الاستثمارات مما يستدعي السكان الأصلين للرحيل عن المنطقة لعدم قدرتهم على تحمل تكاليف المعيشة ودفع القيمة الإيجارية. لمزيد من التفاصيل والمداخلات، انظر التعريف على موقع ويكيبيديا الالكتروني، عبر:

http://en.wikipedia.org/wiki/Gentrification



Back
 

All rights reserved to HIC-HLRN