English عن التحالف اتصل بنا الاصدار - تموز/يوليو 2012 الرئيسسة
تطورات عالمية

الأرض والفساد في إفريقيا

صار للضغوط المتزايدة على الأرض وأسواق الأرض تأثيرًا شنيعًا على القارة الإفريقية، حيث تستعر بسببها أرقام ضحايا التهجير يومًا بعد يوم: محققة رقمًا يتراوح بين 11 و13 مليون نسمة تعاني التهجير أو الإزاحة.[i] ولقد ظهرت أنواعًا غير مألوفة من النزاع على الأرض في إطار هذه العملية كعاقبة للحكامة الضعيفة والفساد، والتغيرات المناخية تضع الرعاة في صراع دام ضج بعضهم البعض من ناحية وضد المجتمعات لمستقرة من ناحية أخرى. واقتناص الأراضي – سواء بواسطة رأس المال الخارجي ومتعدد الجنسيات أو بواسطة المستثمرين داخل إفريقيا – من أجل الزراعة التي تتغذى على مياه الأمطار وغيرها من منظومات التنمية أدى لا شك إلى نزع ملكية الآلاف ومن ثم إفقار صغار المزارعين المنتجين من ليبريا[ii] إلى لامو[iii]، ومن ليبيا إلى لسوتو. [iv] كما كان لصراعات ظهرت لأسباب وأصول أخرى أن تسفر عن ازاحة وتهجير كثير من الآخرين المعتمدين على الأرض اعتمادً كاملاً. وثمة عامل في هذه الدينامية وهو سوء إدارة وحكامة الأرض، يضيف إلى فداحة النزاعات ويجعل التوصل إلى الحلول أشبه بالسير خلف السراب.

في عام 2006، قدمن كل من لجنة الاتحاد الأفريقي، والأمم المتحدة اللجنة الاقتصادية لأفريقيا، والبنك الأفريقي للتنمية، مبادرة لعملية مشتركة لتطوير إطار للعمل ووضع خطوط توجيهية عملية لسياسات الأراضي والإصلاح الزراعي في إفريقيا. وفي ضوء التحديات الكثيرة المطروحة سعت المبادرة إلى تقوية حقوق الأرض، وتعزيز الإنتاج وضمان مصادر الرزق لأغلبية سكان القارة. وقد نفذت المبادرة بطريقة الاستشارات الممتدة متصمنة الخمس تشكيلات من المجتمعات الاقتصادية الإقليمية للقارة الأفريقية، ومنظمات المجتمع المدني، ومراكز التفوق في أفريقيا وخارجها، والممارسين والباحثين في مجال تنمية سياسات الأراضي وتطبيقها، والهيئات الحكومية وشركاء التنمية في أفريقيا. وكانت المحصلة النهائية عبارة عن مسودة إطار تعزيز حقوق الأرض، وتعزيز الإنتاج وضمان مصادر الرزق Framework to Strengthen Land Rights, Enhance Productivity and Secure Livelihoods ، والتي سعت قبل عمليات صنع القرار الرسمية للاتحاد الأفريقي للتصديق والتبني من قبل جمعية رؤساء الدول والحكومات في يوليو/تموز 2009.

وقد جاءت الوثيقة النهائية لذلك الإطار والخطوط التوجيهية في سبع فصول مرتبطة بعضها البعض، تشمل أقسام نظرية وتحليلية متبوعة بعرض معياري للعمليات الإجرائية الرئيسية التي سيكون على الدول الأفريقية اتباعها بغرض تطوير سياسيات شاملة من شأنها تمكين قطاع الأراضي من الأداء الأكمل لدوره التنموي.

في الوقت نفسه من المبادرة الأفريقية، ظهر مشروع التمكين القانوني للفقراء Legal Empowerment of the Poor  بدعم من النرويج ونفذه البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة. وقد ركزت مبادرة التمكين القانوني على أفريقيا، خصوصًا جنوب الصحراء، وذلك في الحضر والريف على حد سواء. وهدف المبادرة هو صياغة حيازة الأرض بطريقة تسمح للمفقرين بأن يحصلوا على ائتمان ويحققوا التبادل الكامل لقيمة الأرض والممتلكات التي في حوزتهم.

ومن أحد التـأكيدات لمبادرة التمكين القانوني أنها بحديد الملكية النهائية للأراضي إداريًا وعبر الحيازة العرفية، بدلاً من السوق الرسمي، فإنها تولد السعي إلى الإيجار، والمحسوبية، وسلوك الفساد. ويسعى مشروع التمكين القانوني إلى ضم الممولين والفاعلين في التنمية لدمج قضايا الأرض في استراتيجيات تخفيف الفقر وفي الوقت نفسه إرساء ممارسة إدارية شفافة وقابلة للتنبؤ وحكم رشيد.

وبالتوازي مع هذه الجهود ثمة تحقيق تقوم به مؤسسة الشفافية الدولية Transparency International في مخاطر ومظاهر الفساد في قطاع الأراضي. وكانت العراق والكويت ولبنان والمغرب من بين 69 دولة تم إجراء استطلاع فيها عام 209، وأظهرت بلدان الشرق الأوسط/شمال أفريقيا النسبة الأعلى (40%) من المستجيبين ممن وردت معلومات أنهم يدفعون رشوة في السنة الأخيرة.[v] وبرسم هذه الصيغة من فساد الخدمة الحكومية رسمًا بيانيًا، فإن قطاع الأراضي جاء في الترتيب الثالث بين أكبر القطاعات في مجموعة من 69 دولة تم اجراء الاستطلاع فيه.

وتتراوح مناسبات الفساد الإداري والسياسي بين أخذ الرشوة من المواطنين المسجلين لأراضيهم وبين اقتناص الأراضي بالاحتيال من قبل النخب العسكرية والسياسية. ففي كنيا مثلا، وجدت دراسة حديثة أن متوسط الرشوة التي يدفعها المواطنين لهيئات الأراضي الحكومية يبلع 65 دولار.[vi] ولكن، ثم تقدير من الهند يشير إلى أن الإجمالي السنوي من مثل هذه الرشاوى يبلغ 700 مليون دولار في تحويلات غير معتمدة لدعم المستخدمين العموميين لأداء عملهم.[vii] هذا في الوقت الذي قد تمثل فيه هذه التكاليف مجرد الطرف من جبل جليد إذا جاز القول من الخسائر والأضرار في الوقت وغيره من الموارد الخاصة بالمواطنين، وكذلك في نهاية الأمر تآكل الشرعية الحكومية وضياع فرص التنمية.


[i] IDMC, Internal Displacement in Africa (Geneva: IDMC, 2011), at: http://www.internal-displacement.org/8025708F004CE90B/(httpRegionPages)/B3BA6119B705C145802570A600546F85?OpenDocument.

[ii] Amos Sawyer, “Governance Reform in a Post-conflict Context,” African Governance Newsletter, Vol. 1, Issue 1 (January–March 2011), at:

http://www.uneca.org/gpad/publications/NewsLetters/AfricanGovNewsletter2011Issue1.pdf.

[iii] “Oil Deals to Displace 30K Ugandans,” HLRN News, at:

http://www.hlrn.org/news.php?id=pG5qaw==; and “E. Africa: Lamu Port [De]struction Project,” HLRN News, at: http://www.hlrn.org/news.php?id=pG5mZg==. 

[iv] Sean Johnson and Motlotlo Matela, “Reforming Land Administration in Lesotho: Rebuilding the Institution” Land Administration in the Developing World, Paper number: PN–32, at: http://www.landadmin.co.uk/Documents/PN-32%20Reforming%20Land%20Administration%20in%20Lesotho.pdf.

[v] Transparency International, Global Corruption Barometer, 2009, Figure 3, p. 7, at: http://www.transparency.org/content/download/43788/701097.

[vi] Transparency International Kenya, East African Bribery Index 2011 (Nairobi, Kenya: Transparency International Kenya, 2011), at: http://www.tikenya.org/index.php?option=com_docman&task=doc_download&gid=85&Itemid=146.

[vii] Transparency International India, TII-CMS India Corruption Study 2005: With Focus on BPL Households (Delhi, India: TI India and CMS, 2005), at: http://www.transparencyindia.org/resource/survey_study/India%20Corruption%20Study%202005.pdf.


Back
 

All rights reserved to HIC-HLRN