English عن التحالف اتصل بنا الاصدار 2 - آذار/مارس 2012 الرئيسسة
تطورات عالمية

ريو، الخطاب والحقوق في خطر

وقت كتابة هذه الكلمات، تنتقل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة من المناقشات غير الرسمية التي جرت الأسبوع الماضي إلى مفاوضات أكثر رسمية وإجراء تعديلات على المسودة زيرو الناتجة عن النقاشات والمفاوضات والتي من المفترض أن تعكس الاتفاق في قمة الشعوب ريو +20 في ريو دي جانيرو، 20-22 يونيه/حزيران 2012.

هذا وتعد المجموعات الرئيسية التي تمثل المجتمع المدني مستبعدة الآن من تقديم البيانات أو إعطاء مدخلات في هذه المرحلة الحرجة، بالرغم من مشاركة تلك الأطراف المعنية في اجتماعات اللجنة التحضيرية وبين الجلسات. ومن المرجح إذن بالنسبة لمنظمات المجتمع المدني ألا يسمح لها بتقديم أوراق أو المشاركة الكاملة في اجتماعات مجموعة عمل المفاوضات التي ستلي هذه المرحلة. وبالرغم من أن قسم الشئون الاقتصادية والاجتماعية في الأمم المتحدة UN DESA، قد جمع نسخة من المسودة تبين جميع المراجعات المقترحة من قبل الجماعات الرئيسية، فإن هذه المدخلات حتى الآن لم يتم تضمينها في النص الرسمي للتفاوض.

 ولا شك أن إطار حقوق الإنسان يتعرض الآن لهجوم مباشر في إطار هذه العملية، فثمة دول بعينها تدعو إلى إلغاء أو تحجيم جميع الضمانات والحمايات ضمن المسودة. وأبرز شيء في المقابل هو إطار العمل النيوليبرالي الملح والذي يتخفى وراء قناع الاقتصاد الأخضر، الذي يعد بعواقب عميقة لمزيد من تسليع الطبيعة في المستقبل.

 وفي مواجهة هذه العملية، أصدرت مجموعة من المنظمات المدنية منها، التحالف الدولي للموئل، خطابًا مشتركًا إلى الأمين العام للأمم المتحدة تدعو يه إلى استعادة حقوق الإنسان والضمانات الحمائية البيئية. (انظر الالتماس هنا.) حيث تسعى المبادرة المدنية إلى إخراج وثيقة نهائية تتماشى مع العنوان القترح .المستقبل الذي نريده.

 هذا وتسعى الكتلة غير الحكومية إلى تضمين اعتراف الدول وتأكيدها على الالتزام بالحق في الغذاء، والمياه الآمنة والنظيفة للشرب والصرف الصحي، والحق في التنمية وغيرها من الحقوق. والحق في بيئة نظيفة وصحية يعد حقًا أساسيًا لبلوع الحاجات الإنسانية وتفعيل الحقوق، وهو ما زال ضعيفًا في مسودة الحكومات. حتى المبادئ التي تم الاتفاق عليها مسبقًا في 1992 في ريو ـ وتحديدًا مبدأ من يلوث يدفع، ومبدأ الاحتياطي المسئولية المشتركة ولكن المتميزة ـ هذه المبادئ تم تحجيمها.

 وقد شملت الدول التي قدمت مقترحات حول التسعير والاستعادة الكاملة للتكلفة الاتحاد الأوروبي، وتركيا، ونيوزيلاند، وسويسرا.

 وقد نجح الوفد الكندي في إضعاف الوثيقة الوزارية للمنتدى حول الحق في المياه. وهو ما فرصة لشركات المياه متعددة الجنسيات لتكثيف خططها نحو مزيد من خصخصة الطبيعة في ريو+20، بينما تلتقي الصناعات البنكية مع خططتها لدمج تجارة المياه في الأسواق المستقبلية وخلق آليات مالية مشتقة تقوم على المياه. وما ينتج عن هذا من خصخصة للمياه قد تسارع على نحو حاد، مميزًا ارتكاسًا للحق في المياه والذي كان قد تم حله من قبل الأمم المتحدة في يوليو/تموز 2010[i] ووردت في قانون حقوق الإنسان.[ii]

 ولقد كانت الدول التي حفظت والتزمت بالحق في المياه ضمن دول الاتحاد الأوربي من قبيل ألمانيا واسبانيا ضعيفة فيما يتعلق بالقيم الحقوقية هذه المرة. فقد لاحظ المراقبون أن هذه السلبية الأوروبية سمحت للمملكة المتحدة أن تملي موقفها على القارة، يدعمها في ذلك الوفد الدنماركي. وتلاحظ أيضًا سلبية وعدم تدعيم إطار حقوق الإنسان علىنحو خاص من قبل وفد استراليا وإسرائيل واليابان والجمهورية الكورية، وتركيا، وأوكرانيا، والولايات المتحدة.

 وضع الأمور في نصابها

الملاحظ أيضًا أن قليل من القادة وسط مجموعة البلدان السبعة والسبعين قد وقفوا وقفة من أجل الحق في المياه. وقد امتنع كثيرون من أصل أربعة وأربعين دولة عن التصويت على قرار الجمعية العامة عام 2010 ومنذ ذلك الوقت دعموا الحق في المياه هنا أوهناك. ولكن، كان ثمة تسعة دول منهم إضافية لم يكن لديهم أي سجل من التدعيم لهذا الحق منذ صدور قرار الجمعية العامة، وظلوا خاملين وبلا فاعلية.[iii]

 وكانت المقررة الخاصة للحق في المياه السيدة كاترينا البوركيك Catarina de Albuquerque  قد أصدرت بيانًا تحث فيه الدول على عدم خيانة التزاماتها الحالية بالحق في المياه. وفي اليوم الأول من المفاوضات على مسودة ريو +20، أصدر عشرون من المقررين الخاصين للأمم المتحدة دعوة مشتركة إلى   لا أهداف عالمية بدون محاسبة ومسئولية. No global goals without accountability.

 الجدل المنتظر

بعيدًا عن الوثيقة الناتجة التي تعد إلى حد كبير معدة سلفًا، فإن الشعوب والمواطني، والحكومات على طريق ريو+20 سيتجادلون ويتناقشون حول أربع ثيمات رئيسية في يونيه/حزيران، هي: (1) الأصول الأخلاقية والفلسفية؛ الخضوع، والسيطرة، والتحرر؛ (2) حقوق الإنسان، والشعوب، والأرض، والدفاع عن كوكب الأرض؛ (3) الإنتاج، والتوزيع، والاستهلاك، والوصول إلى الثروة، والسلع العامة، والاقتصاد في المراحل الانتقالية؛ (4) الموضوعات السياسية، هندسة القوة والديمقراطية. وقد تم تلخيص المبادرات والمقترحات الخاصة بهذه الثيمات على : Rio+20 portal..

 ويبدو أن قضية الاقتصاد الأخضر المثيرة للخلاف ستهيمن على الجدل في قمة الشعوب تحت مفهوم الاقتصاد الأخضر ريو. وهو مفهوم يغطي على النموذج السائد من الأسواق، والملكية والتسليع لكبح جماح الجبهة الأخيرة للطبيعة بوضه سعر معدد على المياه، والهواء، والأرض، والغابات، الخ.

 ويتهم النقاد أن الاقتصاد الأخضر اسم على غير مسمى يروج للآليات المالية الابتكارية والشراكات بين الدول والشركات الخاصة على حساب الشعوب. وقد ظهر الاقتصاد الأخضر عندما شخصت مجموعة الثمانية ومجموعة العشرين الأزمة المالية العالمية 2007-2008 وأقرت بأن علاج الفشل الكارثي للرأسمالية يكمن في حصد الطبيعة والموارد الطبيعية (رأس المال الطبيعي) الذي لم يكن قد تم تثمينه على نحو سليم بالمعنى الاقتصادي. وقد شهدنا بالفعل في مفاوضات المناخ (الفاشلة) بين الدول أن النبعاثات المنخفضة من انصهار الجليد وتقلص الغابات REDD تمثل مؤشرًا على انطلاقة كالة بموجة مجتاحة من الاقتصاد الأخضر. وهذا الابتكار والتجديد انطوى أيضًا على أثرًا ممتدًا على الناس والبيئة بدفع ضغار المنتجين بعيدًا عن أرضهم مما أسفر عن إدارة غير مستدامة للغابات.

ومن المفاهيم الأخرى التي أسقطت على مناقشات ريو +20 مفهوم الأهداف الإنمائية المستدامة Sustainable Development Goals. ومع ذلك فإن هذه الأهداف تم التنبؤ بأنها ستظل في إطار الأهداف الإنمائية للألفية غير الملزمة. ومن هنا، فإن خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة قد دعوا إلى المحاسبة والمسئولية عن إلحاق أي أهداف مستقبلية.

 جملة واختصارًا، فإن الإعداد لـ ريو+20 تشير إلى أنه بدون تصحيح مسار، فإن حقوق الإنسان بما فيها الحقوق الجماعية والمجتمعية وحقوق العموم، كلها غير لازمة وخاضعة لنظام يحكم فيه السوق الذي مازال تحت الضبط عبر التكديس، والتسبب في الندرة، وتثبيت الأسعار والتلاعب بالعرض والطلب. فهل مازال ثمة إمكانية لعالم آخر في ريو+20؟


[i]  General Assembly, “The human right to water and sanitation,” A/64/L.63/Rev.1.

[ii]  Covenant on Economic, Social and Cultural Rights, articles 11 and 12, with corresponding General Comment No. 15.

[iii]  Albania, Botswana, Czech Republic, Ethiopia, Guyana, Kazakhstan, Lesotho, Trinidad and Tobago, United Republic of Tanzania, Zambia.


Back
 

All rights reserved to HIC-HLRN