English عن التحالف اتصل بنا العدد 15 - آذار / مارس 2017 الرئيسسة
تطورات عالمية

أمولة الأراضي والإسكان

رحب التحالف الدولي للموئل، بتقرير المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالسكن الملائم، حول أمولة الإسكان، والذي قدمته في الدورة الرابعة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة. ولطالما كان التحالف الدولي للموئل جزءاً من حركات المجتمع المدني، التي تنبئ بالخطر الواقع على حقوق الإنسان، لا سيما الحق في السكن الملائم، من عملية الأمولة للسكن والأرض، وتدعو إلى خلق نظم اجتماعية لأسواق العقارات على المستوى الدولي والمحلي.

ففي الآونة الأخيرة، حذر التحالف الدولي للموئل ومنظمات أخرى عديدة المجتمع الدولي – ولكن دون جدوى - من الحاجة إلى إدارة حركة ونشاط السوق العالمية، ومتسائلين في افتراض وجود سوق عقارات ذاتي التنظيم في الأطر الدولية وعن التعهدات في الأجندة الحضرية الجديدة، وهي الوثيقة الختامية الرئيسية لمؤتمر الموئل الثالث. كما يرحب التحالف بالمزيد من الجهود التي يبذلها المقرر الخاص، السيدة/ ليلاني فرحة، في معالجة هذا الإغفال المتعمد في الأجندة الحضرية الجديدة. فتركيزها على المخاطر الناجمة عن برامج أمولة الإسكان يتوافق مع تجربة التحالف العالمية، والتي تتجلى أيضاً، في مشاركة أعضاء التحالف في أمريكا اللاتينية، في جلسات الاستماع العامة أمام لجنة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان، حول عواقب الإفقار الناجم عن سوق الإسكان وانتهاكات الحقوق الاقتصادية، الاجتماعية، والثقافية، في المناطق غير المنظمة.

ومن الجدير بالذكر، أن رأس المال الخاص لا يستثمر إلا في المصالح ذات العائدات العالية لمؤسساتها المالية من أصحاب المصلحة، وليس للمصلحة الاجتماعية أو العامة ولا لحقوق الإنسان. فعمليات إعادة تشكيل الإطار المحلي لمختلف الخدمات مثل توزيع المياه في مناطق مختلفة من العالم يجرى تنفيذها  بسبب العواقب السلبية لخصخصة السلع العامة كسلعة ربحية، بينما هي بالفعل وبصورة واضحة تعتبر من حقوق إنسان. فالتقرير الحالي للسيدة/ فرحة حول أمولة الإسكان، يوفر إطاراً تحليلياً لا غنى عنه، لالتزامات الدولة المقابلة في مجال حقوق الإنسان، ويعتقد التحالف أن ذلك يشكل نقطة انطلاق ضرورية لتحقيق السكن الملائم والخدمات الأساسية للجميع بحلول عام 2030، كما تتطلب أهداف التنمية المستدامة المتفق عليها.

فمنذ  بداية جدول أعمال الموئل (اسطنبول، 1996)، وعلى وجه الخصوص، في سياق الأزمة المالية الأخيرة (2008)، هناك مئات الملايين من الناس في الاقتصادات المختلفة عانوا من العنف، والتجريم، والإفقار، بينما فقد الملايين منازلهم بسبب سوق الاسكان وديناميات التمويل. ولا تزال الحكومات، والبلديات، والمجتمعات، والمنظمات المجتمعية، ومقدمو الإسكان الاجتماعي في جميع أنحاء العالم، يعانون من عواقب الأزمة المالية، التي سادت العقد الماضي، والتي كانت مرتبطة بفقاعة الإسكان. وعلى الرغم من أن نموذج توفير المساكن الذي يقوم على الإسكان الخاص، والسندات التجارية المضمونة برهون عقارية قد أخفقت كثيراً، فإن معظم الحكومات تواصل هذه السياسات. فعادة تقوم المشاريع العملاقة التي يحركها السوق، والاستيلاء على الأراضي، والتجديد الحضري، بتهجير الناس وتدمير المجتمعات في جميع أنحاء العالم. ويُترك أصحاب المساكن الصغيرة، وكذلك المستأجرين، وساكنى المنازل غير المرخصة، لدفع الثمن نقداً، بينما يتم بيع الوحدات السكنية الشاغرة إلى صناديق الاستثمار.

واليوم ، يوجد حوالي 330 مليون أسرة في جميع أنحاء العالم مثقلين بالأعباء المالية بسبب تكاليف السكن. ويعتقد التحالف الدولي للموئل، بأنه يجب توزيع الأراضي والممتلكات بشكل عادل، وتنظيمها بشكلٍ اجتماعي، للحماية من إفسادها من خلال الأمولة، وأن يتضمن الامتلاك العقاري، واجبًا تجاه المجتمع. ففي التجربة المجمعة للتحالف، تلعب البدائل عن الملكية الخاصة في العديد من المجتمعات (ائتمانات الأراضي المجتمعية والإسكان، والإسكان الاجتماعي، وتعاونيات الإسكان، والإسكان المجتمعي المدار ذاتياً، وغيرها من صور الإسكان التي تراعي البعض المجتمعي) دورًا مهمًا في تلبية احتياجات الموئل. وتحقق مثل هذه البدائل الإعمال الكامل والتدريجي لحق الإنسان في السكن الملائم، كما وُعد به مراراً وتكراراً في الموئل الثاني (1996)، بعد 30 عاماً من ذلك الحق المنصوص عليه في العهد الدولي المعني بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وكما ورد في تقرير المقرر الخاص، فإن التزامات الدول فيما يتعلق بالاستثمار الخاص في الإسكان، وحوكمة الأسواق المالية، تتجاوز بكثير الفهم التقليدي للواجب الذي يتمثل ببساطة في منع الجهات الفاعلة الخاصة بشكل فعال من انتهاك الحقوق. وينبغي على الدول تنظيم وتوجيه الجهات الفاعلة في السوق والجهات المالية الخاصة، لضمان توافق إجراءاتها وقواعد عملها مع حقوق الإنسان. وبهذا المعنى، يردد كذلك التقرير، النقاش الجاري حول تطبيق العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، في سياق الأنشطة التجارية، والذي يسلط الضوء على الإسكان والاستثمار العقاري، كعامل رئيسي في التمويل العالمي وموضوع التزامات الدول بموجب معاهدات حقوق الإنسان. ويدعو ذلك إلى ضرورة إيجاد لوائح عبر الوطنية للأسواق ذات الصلة، وتفعيل التزامات حقوق الإنسان خارج الولاية الإقليمية، بين غيرها من الأبعاد المحلية والفردية والجماعية المقابلة الأخرى لالتزامات الدول السامية لحقوق الإنسان.

فالتزامات حقوق الإنسان تسمو على السياسات والتشريعات الوطنية، وتنطبق على كافة دوائر الولاية الإقليمية والقضائية للدولة، بما في ذلك السلطات والحكومات المحلية. ومع ذلك، وكما هو مذكور في التقرير، فإن الأمولة كمحرك للسياسات غالباً ما تجعل الحكومات مسؤولة أمام المستثمرين الساعيين للربح على حساب حقوق الإنسان. وبهذا المعنى، يرى التحالف الدولي للموئل أنه من الملائم بشكل خاص، بأن التقرير يركز على آليات لضمان كذلك، أن الحكومات عىل الصعيد دون الوطني يحملون واجب حق الإنسان في السكن الملائم. وفي سياقات الحكم الديمقراطي، يمكن لأدوار الحكومات المحلية ودون الوطنية، أن تكون بشكل خاص ذات أهمية، لخفض أو خلق توازن لهذه العلاقات المتكافئة في الغالب بين القوى السياسية والمصالح المالية.

ففي عصرنا، المعروف بكونه الأعظم في التفاوت في الثروة التي تم تسجيلها على الإطلاق، عدم مساواة موجود بشكل لافت في مجال الإسكان. فمع وجود نحو مليار مواطن يعيشون في مساكن غيرملائم في جميع أنحاء العالم، مع ملايين المنازل الخالية وأسواق لا تستجيب للاحتياجات السكنية الأكبر، أصبحت المراكز الحضرية هي الحافظة الوحيدة لأولئك الذين يملكون الثروة. وهذا النمط يُعد لعنة على رؤية الحق في المدينة و المدن للجميع، والمُتضمنة في الاجندة الحضرية الجديدة، و كذلك، مدن حقوق الإنسان المُقدمة في دراسة اللجنة الاستشارية لهذا المجلس لعام 2015.

ويُذكر التحالف الدولي للموئل أن التعايش مع سياسات الأمولة كطريقة مهيمنة لإنتاج وإدارة السكن الرسمي، هي ممارسة إنسانية أخرى تتخطى بكثير مثل تلك الحلول الرسمية للقطاعين الخاص والعام مجتمعتين  ̶  على الأقل في عدد الوحدات السكنية. إن تجربة الموئل المنتَج اجتماعياً، وعلى وجه الخصوص الإسكان، هي عمليات غير سوقية ويتم تنفيذها في إطار مبادرة، وإدارة، وإشراف السكان، تولد و/ أو تحسن أماكن المعيشة الملائمة، والسكن، وغير ذلك من عناصر التنمية المادية والاجتماعية. إن الإنتاج الاجتماعي للموئل يحدث دون عوائق - لا سيما في كثير من الأحيان – مفروضة من قبل الدولة أو أي هيكل أو سلطة رسمية أخرى.

[ للمزيد من المعلومات والحالات، انتقل إلى المواقع الإلكتروني لسكرتارية التحالف، وأعضاء التحالف في أمريكا اللاتينية، وموقع شبكة حقوق الأرض والسكن- إقليم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

ففي حين وعدت الدول والجكومات في جدول أعمال الموئل بالاعتراف بالإنتاج الاجتماعي للسكن خلال العشرين سنة الماضية، فقد وجدت عملية الموئل الثالث، ضرورة إحياء هذا التعهد المُهمل، من أجل إعادة تأكيد ضرورة الإنتاج الاجتماعي للإسكان المدعوم من الدولة. إلا أن نتيجة الأجندة الحضرية الجديدة لم ترق إلى الاعتراف صراحة، بمثل هذا التعاون المثمر بين كل من السكان والدول، من أجل تحقيق الحق في السكن الملائم، وخلق فرص العمل، وبناء المواطنة والمجتمع أو الحاجة إلى تنظيمه ودعمه. ويسلط التقرير الأخير للمقرر الخاص حول الأمولة وبدائلها، الضوء على ما لم يتم استرداده بعد في الأجندة الحضرية الجديدة.


Back
 

All rights reserved to HIC-HLRN