English عن التحالف اتصل بنا الإصدار الثامن - كانون الأول / ديسمبر 2013 الرئيسسة
تطورات اقليمية

وثيقة العمران - الموئل في الدستور المصري

وسط أجواء من الغيوم والالتباس، وترقب مستقبل بناء، تصدر نسخة جديدة من الدستور المصري، الذي طال انتظاره كملمح متمم لنضال شعب مصر بفئاته المختلفة وانقساماته المتعمقة يومًأ بيوم. ولا شك أن إمكانية تحقيق الرضا على الدستور الصادر، أمر لا يمكن ضمانه وسط هذه الحالة من المد سواء على مستوى الثورية والحراك السياسي والاجتماعي أو التخيلات السلطوية الباقية والدائمة من ضرورة ضبط هذا المد بالطرق التقليدية الممثلة في تجاهل المطالب، وقمع أصحاب الحقوق لاسيما الشباب والطامحين في مستقبل أفضل يقوم على دستور واضح ومؤيد للحقوق والحريات.

وليس خفيًا على أحد أن هذا المد الثوري قد نشأ واستمر لأسباب تتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في المقام الأول، حقوق التعليم والصحة والمياه والسكن والأرض والعمل اللائق. حيث وعلى صعيد السكن، تأكد تخلي الدولة خصوصًا على مدى العقود الأربعة الماضية عن التزاماتها الاجتماعية في توفير السكن الملائم للفقراء ومحدودي الدخل، ومن ناحية أخرى أسهمت في ترك الساحة لاشتعال حمى المضاربة العقارية، وما تخلف عن ذلك من ظواهر معقدة. من بين هذه الظواهر هيمنة المناطق السكنية غير المخططة، أو ما تسميه الجهات الرسمية تعسفا بالمناطق العشوائية والتي بلغت وفقا للتقديرات الرسمية حوالي 1.125 منطقة غير مخططة تضم بين جنباتها ما يقرب من 20 مليون نسمة، أو ما يعادل 23% من إجمالي الشعب المصري.

من ثم كان الوظيفة الأساسية للوثيقة التأكيد على مجموعة من النقاط المهمة، على رأسها: الحق في العمران، الحق في المشاركة وإدارة عمليات التخطيط العمراني والتنمية العمرانية العادلة والمستدامة، الحق في المسكن الملائم، الإنتاج الاجتماعي للموئل (المسكن)، الحق في الحيازة الآمنة والملكية الخاصة والتعاونية، الحق في الفراغ العام، الحق في إتاحة وتقديم الخدمات المحلية والعمرانية العامة، الحق في الحصول على المعلومات، الحق في التراث، الحق في بيئة مستدامة، الحق في المواصلات العامة والحركة داخل المدينة.

وبعد أن تم الاتفاق على صيغة نهائية من الوثيقة بمراجعة المجموعة الداعمة لها، عقدت المجموعة مؤتمرا صحفيًا حضره جميع المشاركون في صياغة الوثيقة، وعرضوا كل لجانب من أهمية الوثيقة والأسباب والخلفية التي يتحتم عليها الالتفات إلى الوثيقة ضمن الدستور، ودعوا في المؤتمر الصحفي، إلى التوقيع عليها من قبل المواطنين لكي يتم تضمينها في الدستور، وهو ما أسفر عن دعم بعض الشخصيات العامة والمسئولة لوثيقة ومنهم الدكتورة ليلى اسكندر وزيرة البيئة والتي صرحت ضرورة اتخاذ خطوات عملية نحو كيفية دعم وثيقة العمران.

ويجب الإشارة إلى أن هذه الوثيقة والعمل على محتواها وأهدافها لن ينتهي أو يتوقف بإصدار الدستور، بل سيستمر إلى أن تكون مرجعًا أساسيًا سواء على الصعيد الأدبي والنظري المؤسس لتضمين ما جاء بها في الدستور إن لم يكن الآن فلاحقًا مع استمرار التعبئة والدعم لها، أو على المستوى العملي من أخذها مرجعًا لتحقيق أهداف بعينها في حقوق الأرض والسكن، والاستعانة بالتحارب التي حققت نجاحًا في هذا المجال، مثل الحق في المدينة، وكذلك والأهم الإدارة المحلية التشاركية الديمقراطية للموارد، وهو ما يتقاطع مع دعوات شبابية وحملات مستمرة تحت شعار المحليات للشباب.
لعبت الوثيقة دورًا مهمًا في دعم تقرير المجتمع المدني الموازي لتقرير الحكومة في المراجعة أمام اللجنة المعنية بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، حيث أثرت في الجدل بين اللجنة والوفد الحكومي من ناحية، وكذلك في التوصيات والملاحظات الختامية التي أصدرتها اللجنة، فجاءت داعمة لجهود المجتمع المدني في دفع الدولة بتحقيق أوجه التزامها الحقوق من احترام وحماية وإعمال وترويج للحق في سكن ملائم وكافة حقوق الإنسان.

شاركوا معنا في تبني هذه الحقوق، ونشرها في أحيائكم ومناطقكم وقراكم ومدنكم المختلفة. تحاوروا معنا سعياً لتطوير هذه الوثيقة نحو الأفضل. وإن اتفقتم معنا على ما تطرحه هذه الوثيقة من حقوق، وأهمية أن يشملها الدستور المصري الجديد، وقعوا معنا على هذه الوثيقة وساهموا معنا في جمع التوقيعات عليها من شتى مناطق مصر حتى تصبح مطلباً مشتركاً لنا جميعًا.


Back
 

All rights reserved to HIC-HLRN