English عن التحالف اتصل بنا الإصدار الثامن - كانون الأول / ديسمبر 2013 الرئيسسة
تطورات عالمية

"الحق في المدينة": حوار عالمي من أجل الشرق الاوسط وشمال إفريقيا

في خلال السنوات الخمسين الماضية، كانت النماذج الجديدة للانتاج الاجتماعي، والتمتع بالمستوطنات البشرية، هي موضوع نقاشات الحركة الاجتماعية، ومنظمات المجتمع المدني، في العديد من بلدان أمريكا اللاتينية.  فقضية الإصلاح الحضري و الحق في المدينة، موجودة في الوقت الراهن بشكل صريح وضمني، في كلا من الاطر النظرية والقانونية، وأصبحت في آن واحد، منبراً للتغير في أقاليم أخرى.

وقد قدمت المنتديات العالمية، على مدار السنوات الـ20 الماضية، لحظات هامة في تطوير الفاعلين وصياغة المقترحات الواقعية. ومنذ ذلك الوقت، شارك الآلاف الأشخاص من عشرات المنظمات والشبكات، في النقاشات، والتحضير، والتوقيع، والنشر للميثاق العالمي للحق في المدينة (و يُعرف بأنه حق الاستغلال العادل للمدن من خلال مبادئ الاستدامة، والديمقراطية، والعدالة والمساواة الاجتماعية). ويعتبر هذا الميثاق الآن هو معيار النقاش في المنتديات العالمية لمنظمة اليونيسكو، وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية.

وتهدف هذه الوثيقة بشكل أساسي، في نشأتها و معناها الاجتماعي، إلى تعزيز الإجراءات والمطالب الجماعية، ضد الإجحاف، والإقصاء الاجتماعي، والتمييز، في الحيز الحضري. و من الناحية الحقوقية، يسعى الميثاق وحركته إلى تأطير وتفعيل إلتزمات الدولة لاحترام، وحماية، وإعمال مبادئ حقوق الإنسان على المستوى المحلي، من خلال مجموعة من المبادئ الملزمة. و يوضح كذلك، تطبيق مبادئ حقوق الإنسان في المدن الدور الفرعي للمدينة ضمن الدولة، وتطالب بدعم الدولة لدمج المدينة ضمن نطاق أوسع لحقوق الإنسان في الموئل.

وإلى جانب تلك الإجراءات الاجتماعية، نحو تحقيق حوكمة حقو الإنسان على كافة المستويات، سعت بعض الحكومات المحلية، والوطنية، والإقليمية، إلى تطبيق حقوق الإنسان في السياق الحضري، من خلال إقرار الوثائق القانونية صراحة بالحق في المدينة، وحقوق الإنسان  في المدينة، والحق الإنساني  في المدينة، و /أو الحق الإنساني في الموئل.

وقد كان من بين الأمثلة الأكثر تقدماً، الميثاق الأوربي لحقوق الإنسان في المدينة  (2000)، النظام الأساسي للبرازيل في المدينة (2001)، ميثاق مونتريال للحقوق والمسئوليات (2006)، دستور الإكوادور (2008)، ميثاق ميكسيكو سيتي للحق في المدينة (2010)، ميثاق جدول أعمال حقوق الإنسان في المدينة (2010)، ميثاق حقوق الإنسان في غوانغجو، كوريا الجنوبية (2012).

وفي هذا العام، عقد اتحاد المدن والحكومات المحلية مؤتمره الرابع في مدينة الرباط في الفترة من (1-7 أكتوبر/تشرين الأول 2013)، مع تسليط الضوء على إشراك الحكومات المحلية. وقد اشترك التحالف الدولي للموئل مع اتحاد المدن والحكومات المحلية في تنظيم فعالية خاصة حول الحق في المدينة: حوار عالمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وتسعى تلك الفاعلية لتبادل الخبرات من أسيا، وأمريكا اللاتينية، والشرق الأوسط وشمال إفريقيا، للتقدم بالخطاب العالمي إلى الأمام. كما يهدف أيضاً إلى إثارة النقاش حول أفق العلاقات الجديدة بين المجتمع المدني والإدارة المحلية، ووضع رؤية لتلك العملية الجدلية نحو تطوير الحكم المحلي في الإقليم.  

وقد وجه مدير الجلسة، جوزيف شكلا (التحالف الدولي للموئل- شبكة حقوق الأرض والسكن) أسئلة للمشاركين في الجلسة، لاستخلاص الدروس لإقليم شمال إفريقيا والشرق الأوسط. كما طلب من المقدمين الحديث عن العوامل التي تميز الجهود الناجحة لتطوير الحق في المدينة، أو حقوق الإنسان في المدينة، إلا أن المفهوم وُضعت له رؤية على المستوى المحلي.

وقد عدد  كلا من السيد أنسيلمو لي  (Anselmo Lee)، من مؤسسة حقوق الإنسان الكورية (Korean Human Rights Foundation)، والسيد كلاوديو سولي فيرناندز (Claudio SuleFernández)، مدينة سيوداد سور، شيلي (Ciudad Sur Chile)، أمثلة كثيرة، عن مدى حجم الكيان الحضر، إضافة إلى النضال المحلي التاريخي، في تشكيل الاستراتيجيات، والقضايا، والنواحي الفنية التي تشكل جدول الأعمال المحلي للحق في المدينة.  وفي حالة تجربة في مدينة سيوداد سور، اجتمعت المدن التشيلية حول توافق جديد في الآراء بأن التخطيط، والحكم القائمين على المشاركة كان سطحي وعلى نطاق أصغر مقارنة بالعاصمة التشيلية، سانت ديغو.

كما تقوم البلديات بتوظيف الحكومات المحلية، وبشكل واضح في العاصمة، حيث تحافظ على الهيكل الحكومي المركزي، ولكن مع العديد من الوحدات الإدارية المحلية لا يتم توظيفها كحكومات محلية قائمة على المشاركة. وفي حالة مدينة جوانغجو الكورية، فقد كان التخطيط القائم على المشاركة، وتطوير التشريعات قائم على مجتمعات، بدلا من النطاق الواسع للمدينة، وتسهيل الطبيعة التشاركية للتجربة، ريثما تسمح لمرحلة توسع على مستوى المدينة ككل.

وقد أنعكس رد المتحدثون على أسئلة خاصة بالعوامل الديموغرافية المنبثقة عن الممارسة الجيدة، على النواحي العرقية والطبقية، حيث ناقشوا تكوين المجتمعات الموجودة على أطراف المناطق الحضرية، والتي أغلبها يتكون من الطبقة العاملة، كعامل محتمل يتمكن من ثقافة محلية محددة للتضامن السياسي. حيث أشار السيد لي، عن وجود الهجرة والأقليات العرقية في المراكز ذات كثافة سكانية عالية.

فيما أكدت السيدة حليمة التيجاني رئيسة بلدية رودا في تونس، على مجموعة من الشروط الأساسية، التي يجب توافرها مسبقاً لتحقيق الحق في المدينة في بلدها والإقليم. وتتضمن: (1)- الوسائل ومن ضمنها الموارد الكافية من جميع الأنواع، لضمان خدمات ملائمة وكفاءة إدارية عامة؛ (2)- الإرادة السياسية لجميع أصحاب المصالح للمشاركة معاً في بناء المدينة، وتؤؤل إلى السلطات تولى ذلك؛ (3)- التوافق التشريعي والإطار الدستوري، الذي يسمح بتفعيل الحكم المحلي القائم على المشاركة؛ (4)- التعليم المدني على المدة الطويل، لإعداد المواطنين، ومسئولي وموظفي الخدمة المدنية، للاشتباك في الشئون المدنية بطرق جديدة . وأضافت السيدة تيجاني، على ضرورة المواطنين في تطوير احترام كل منهما للأخر، و للممتلكات العامة والمحلية، وللسلطة المحلية.

دروس لإقليم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

لقد مكنت الجلسة النقاشية من تبادل الخبرات والآراء من مختلف أصحاب المصالح، والأقاليم، للسعي نحو التقدم ومواجهة التحديات في التحقيق الحق في المدينة لإقليم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وبما أن المفهوم الفعلي للحكم المحلي جديد على الإقليم، هناك حاجة إلى ما هو أكثر من التنسيق بين أصحاب المصالح المحليين في الإقليم، لتطوير الميثاق الإقليمي أو المحلي حول الحق في المدينة. إلا أن، عملية إصلاح الدساتير في جميع أنحاء الإقليم، توفر فرصة تاريخية لتوسيع مفاهيم الدولة الديمقراطية، فيما بعد المرحلة الانتقالية الإصلاحية، مع الحكومة المركزية ومؤسساتها. (أنظر الموئل في الدستور المصري، في هذا العدد من نشرة أحوال الأرض).

كما حددت الأسئلة من الجمهور، والآراء المستخلصة من الجلسة، بعض التوقعات لتطوير الحق في المدينة في إقليم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. و كما لاحظ السيد لي من كوريا الجنوبية، أن الجمهور العالمي يراقب بشكل حذر الأحداث والتطورات الناشئة عما يسمى دول الربيع العربي. وكذلك، على الرغم من الإخفاقات التي حدثت في العملية الديمقراطية، لا يزال قائما ذخيرة التضامن العالمي، وتبادل الخبرات في تطوير الحكم القائم على حقوق الإنسان المحلية.

وسوف تساهم المقترحات المحددة من الجلسة النقاشية، في تحفيز الجدال حول جدول الأعمال التدريجي الحضري، السابق على المؤتمر العالمي الثالث للموئل 2016، والذي يتضمن: النظام الدستوري والقانوني اللازم، لتمكين الحكومة المحلية المستقلة في إطار الدولة التمكينية؛ النطاق المحلي العملي والتوسع في المنهجيات، من الجهود المحلية لبرامج على مستوى المدينة ككل؛ الاحتياج للموارد لضمان المؤسسات المؤهلة، و النظم والأفراد، لتلبية التوقعات الديمقراطية لسكان المدينة؛ التعليم المدني لمسئولي وموظفي الخدمات المدنية، وعموم الناس، حول الحكم القائم على حقوق الإنسان.

فإطار الدولة أمر ضروري وجوهري في تجربة الحق في المدينة. حيث يُظهر النموذجين لأمريكا اللاتينية وكوريا الجنوبية، بأن حركات الحق في المدينة تتزامن مع فترة الانتقال من الحكم العسكري. و بسبب ما خلفته الأنظمة السابقة أو الحالية، سواء الدولة الأمنية أو الحكومات الملكية، لا تسمح العديد من دول الإقليم لحكم المحلي الفعلي في دساتيرها، وتشريعاتها، أو في ممارساتها.

ولا يزال بشكل خاص التحول في نظم الحكم المحلي في الإقليم غامضاً، وعلى الرغم  من التكرار الدستوري، فالقاعدة المستمرة للإدارات المحلية هي فقط إدارة الخدمات، مع استقلال ذاتي أو سلطة ضئيلة، تتجاوز الفرع التنفيذي للحكومة المركزية، أو الجيش.

كما تبقى أيضاً الموارد مسألة حاسمة لنجاح الحكومة المحلية في احترام، وحماية، وإعمال حقوق الإنسان. فالاستثمار العام الأكبر في إدارة البلديات والموازنة التشاركية، هي الوسائل لبناء حقوق وواجبات المواطنة على النطاق المحلي.

فالتوجه المعياري في الثقافة السياسية، هو التطور لضمان ممارسة المواطنة على المستوى المحلي. و أن المطالبة بالحق في المدينة، يقر بأن تحقيق الحقوق المدنية، والثقافية، والاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، هي دائماً مهمة محلية. لذلك، فإن فن الحكم في الالتزام بحقوق الإنسان يمتد لكل قرية وحي.   

لتحميل التقرير الكامل الحق في المدينة: حوار دولي لإقليم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (بالإنكليزية)


Back
 

All rights reserved to HIC-HLRN