English عن التحالف اتصل بنا الاصدار السابع -آب/ أغسطس 2013 الرئيسسة
المقال الافتتاحي

المنافسة على التنمية

الناس في منطقة الشرق الأوسط مضطرون للنزول إلى الشوارع والميادين في كثير من البلدات والمدن للتنافس على المجال العام، ومن يزعمون السلطة عليه. هذه الموجات من الأحياء تراكمت للوصول إلى قصور السلطة في موجات أكبر، يتشككون بأشكال مختلفة ويستعيدون المجال العام كرمز لإرادتهم في إحلال الحكم المهيمن على الشئون العامة عمومًا. هذا العدد من أحوال الأرض يدور حول النضالات الموازية، على أفكار و أرض تدعو للحكم والمجال الديمقراطي. وفي هذا، لا غنى عن كشف الأسباب الأيديولوجية الجذرية. وفي مجرى هذا التحليل، فإن الصلات عبر المناطق بالأحداث التي تبدو بعيدة لا يمكن الهروب منها، وتعطي معنى شعبي لمذهب العولمة ومجرياتها على أرض الواقع.

في تطور إقليمي، صبغت مبادرة عامة/خاصة للاستفادة من مساحة عامة صارت أيقونة رمزية في اسطنبول للنموذج التنموي ورأسمالية الحاشية للحزب الحاكم في تركيا. وتقدم مقالة جيزي بارك إلى العالمية Local Gezi Park Goes Global حالة تحدي شعبي لما هو مفروض من نموذج للتنمية وأولويات الحكومة غير المستقرة، وذلك فيما تتردد أصداء الرسالة نفسها في شوارع البرازيل البعيدة.

إن التغيرات الموعودة في التعامل مع فلاحين مصر، جنبًا إلى جانب الآمال الديمقراطية، أطاحت بها الحكومة التي انتخبها الأبرياء من الناس لتصبح في سدة الحكم عام 2011. وقد أدى هذا الاغتراب إلى تحول حاد ومأساوي في الأحداث عبر البلد. في الوقت نفسه، فإن الصراعات القديمة والجديدة على الأرض، من الوارد أن تندلع بخطورة في السياق الجديد، حيث مازال الفلاحون معرضون للعنف والنهب بدون حماية القانون ومنفذيه، مثلما يبين بشير صقر حول الهجمات المتجددة ضد صغار الفلاحين في مصر.

أيضًا فيما يتعلق بالمنطقة ككل، نجد نموذج آخر من التنمية الرسمية متمثلاً في سياسات المشاريع العملاقة متمثلاً في بناء السدود على منابع النيل في إثيوبيا، مصحوبة بتهجير عدد كبير من الناس المعتمدين على الأرض في ذلك البلد وقلق من استنزاف كميات المياه في مجرى النيل. سدود اثيوبيا وتدمير الشعوب من أجل’التنمية‘  “Ethiopia Dams and Destroying Peoples for ‘Development تفيدنا حول هذه الطفرة العمرانية في البنية الأساسية- بمظاهر التواطؤ الدولية المتربحة منها- التي تشكل مجرد الموجة الأخيرة في سلسلة تاريخية من التدابير التي سلبت الشعوب الأصلية في اثيوبيا وخلقت جولة جديدة من انعدام الأمن الغذائي.

لم يهنأ الفلسطينيون بلحظة من الراحة في نكبتهم المستمرة مع استمرار نقل السكان الذي يشكل سبب دولة اسرائيل raison d’état  والأساس الأيديولوجي والمؤسسي للإمعان في سلب الأرض. المؤتمر الفلسطيني الأول حول نقل السكان ينقل لنا التركيز البرنامجي للمنظمة الفلسطينية بديل حول تواصل ممارسة نقل السكان وما تحظى به من حصانة، فيما تساهم شبكة حقوق الأرض والسكن في تلك المناقشة عن طريق استكشاف تطور نقل السكان كجريمة دولية.

إن الصراع المستمر في سوريا ليس مأساوي لما يكتنفه من فقدان للحياة والممتلكات فحسب. مقالة برامج الإعمار في سوريا: الصراع القادم   “Reconstruction Programs in Syria: The Next Conflict”تميط اللثام عن التبعات الحالية لهذا الصراع، بينما تجادل حول مستقبل ملئ بمزيد من النزاع في رؤى الإعمار المتنافسة للمهيمنين من المقاولين والمتعهدين. في الوقت نفسه، نجد التفضيلات النيوليبرالية ولدي المحافظين الجدد للأطراف الخارجية تشارك قاسم مشترك مع الخطط المعروفة لنظام الاسد: نموذج يحتقر الفقراء.

التطورات الدولية الواردة في هذا العدد تعكس أيضًا تنافسًا وسط الافتراضات التنموية الحالية واتباع بدائل في السياسات. فقد أدرجت المقرر الخاص للسكن الملائم في الأمم المتحدة خبراء دوليين في دراستها حول أمن الحيازة للفقراء الحضر، Study on Security of Tenure for the Urban Poor بينما اقترحت اللجنة الاستشارية لمجلس حقوق الإنسان إجراء دراسة حول حقوق الإنسان والحكومة المحلية في دليلها لسياسات الأمم المتحدة الحقوقية. و يصحب هاتين المقالتين قصص نجاح في السياسات الدولية في حماية الأرض ومكافحة الفقر والجوع وهي موضوع مقالة الجوع بين الإنتاج والإرادة السياسية.

هذا العدد من أحوال الأرض يفيدنا أيضًا بجهود المجتمع المدني العالمي في مزيد من تنفيذ معايير حقوق الإنسان في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تشكل الجوهر المعياري للحق في التنمية. الاحتفال بالعيد العشرين لمؤتمر فيينا الدولي المحوري حول حقوق الإنسان (1993)، قدمت منظمات المجتمع المدني مخزون من الانجازات والتحديات الباقية لضمان أولية وأهمية حقوق الإنسان. من بين الإنجازات والتحديات، تلك المرتبطة بتطبيق الالتزامات الدولية خارج الحدود للدول في مجال حقوق الإنسان كما أعلنت في إعلان مؤتمر منظمات المجتمع المدني.

كلا من المؤتمرين المهمين المذكوران في تغطية هذا العدد من أحوال الأرض طرحوا توصيات محددة وواضحة، والتي بلا شك ستتضمن السنوات العشرين القادمة، وهذه التوصيات (1) تأسيس محكمة دولية لحقوق الإنسان حيث يمكن التعامل قضائيًا مع التزامات الدول خارج الحدود، (2) الرؤية طويلة المدى لضمان أولية وأهمية حقوق الإنسان في السياسات الخارجية والعلاقات الدولية. قبل إنجاز أي من هذه الأهداف، تتوقع بمزيد من التنافس.


Back
 

All rights reserved to HIC-HLRN