English عن التحالف اتصل بنا الاصدار 4 - تشرين الأول/أكتوبر 2012 الرئيسسة
تطورات اقليمية

السكن في الجزائر، صيَغ متعددة....والمشكل واحد

تعتبر أزمة السكن في الجزائر أحد أهم المشاكل التي عجزت كل الحكومات المتعاقبة في البلاد على حلها، وفشلت كل السياسات المرتبطة بالقطاع من تخفيف حدتها، فهو أحد أهم عوامل التوتر الاجتماعي و مصدر كثير من الاحتجاجات التي شهدتها الجزائر.

فالحضيرة السكنية الوطنية التي تزيد عن 6 ملايين وحدة سكنية، تبدو عاجزة عن استيعاب الطلبات المتراكمة لسنوات نتيجة عجز الدولة من مواكبة هذا الطلب المتزايد على السكن، خصوصا مع تزايد النمو الديمغرافي.

ولقد اعتمدت الدولة الجزائرية على سياسة وطنية لمحاصرة هذا المشكل في مستويات مقبولة، فانتهجت منذ البداية سياسة سكنية اجتماعية لتمكين كل أبناء الشعب من الحصول على سكن، وهو نوع من الوفاء لتضحيات هذا الشعب إبان الثورة، خصوصا في منطقة الريف التي كانت الأكثر تضرراً من سياسة الاستعمار آنذاك، والتي قامت على مبدأ الأرض المحروقة.

أما عن الصيغ التي اعتمدت في إنجاح هذه السياسة فنذكر:

  • صيغة السكن الريفي: والموجه للمناطق الريفية، ويتحصل بموجبه طالب السكن على إعانة من الدولة قصد بناء مسكنه تبلغ 700 ألف دينار جزائري، محترما خصوصية المنطقة، والهدف منه تثبيت السكان، والحفاظ على الطابع الريفي لهذه المناطق؛
  • السكن الاجتماعي: وهو موجه للفئات المحرومة أو ذات الدخل الضعيف، مدعم بالكامل من الخزينة العمومية؛
  • السكن الاجتماعي التساهمي: يعتمد على إعانة للحصول على ملكية السكن، حيث تقدم الدولة جزءا من الإعانة لذوي الدخل المتوسط، مقابل تسديد المعني للمبلغ المتبقي على مراحل، وهذا بالاتفاق مع مرقي عقاري؛
  •  صيغة السكن البيع بالإيجار: هو أحد أهم الصيغ السكنية التي لاقت رواجا كبيرا في الشارع الجزائري، وعقد عليها آمالا كبيرة للتخفيف من أزمة السكن في الجزائر، حيث يعتمد هذا النوع من الصيغ على شراء منزل سكني بالتقسيط ومن دون فوائد، شريطة أن يكون المستفيد من ذوي الدخل المتوسط فما فوق؛

رغم كل هذه الصيغ والبرامج والتي تعبّر عن جهد محترم لاحتواء أزمة السكن في الجزائر، إلا أنه بات واضحا أن الفشل والإخفاق مرتبط بالسياسة العامة من خلال حجم الفساد الكبير الذي يشوب عملية التوزيع واختيار مستحقي هذه السكنات، فباعترافات كبار مسؤولي القطاع، فإن هناك من يستفيد لمرات عديدة من السكن، ليعيد بيعه بأسعار خيالية، ما جعل شقة في حي راق بالعاصمة تفوق نظيرتها في إسبانيا، خصوصا وأن مشروع البطاقية الوطنية للسكن والذي يمهد لمراقبة حقيقية للحاصلين على السكن مازال لم يجسد بعد؟.

إن المضاربة والفساد وضعف المراقبة يعتبر ثالوث يضرب كل البرامج السكنية بمختلف صيغها المطروحة، خصوصا وأن الإرادة السياسية لمكافحة هذا الثالوث شبه غائبة، وهو ما يشجع أطرافا عديدة على استغلال هذا الوضع، من خلال الرشاوي والمحسوبية وعدم المحاسبة، و التي بلغت حدودا خطيرة جدا.

كما أن إعطاء مسؤولية توزيع السكنات للسلطات الإدارية المعينة من قبل السلطة المركزية عوض المنتخبين، وعدم إشراك المجتمع المدني في آليات التوزيع والمراقبة زاد من تقوية هذا الثالوث، الذي يعتبر المعول الأول لكل مجهود وطني، أو سياسة سكنية.

ولقد بات واضحا أن سوء توزيع السكن هو الوقود الأساسي لمختلف الحركات الاحتجاجية العنيفة والسلمية التي تشهدها الجزائر دوريا كلما تم الإعلان عن قائمة المستفيدين من السكنات بصيغه المختلفة، ما يؤكد بأن هذه الظاهرة تهدد الأمن الوطني والاستقرار الاجتماعي، ما يستوجب وقفة حازمة وصادقة لتجاوزها، فالأرقام المقدمة والمبالغ الضخمة المرصودة للقطاع لا تعكس الواقع المعاش، فالمنازل الآيلة للسقوط وانتشار البيوت القصديرية الفوضوية دليل إضافي على فشل السياسة السكنية في الجزائر التي تتطلب المراجعة والتقويم والإصلاح الجذري.


Back
 

All rights reserved to HIC-HLRN