English عن التحالف اتصل بنا الاصدار 5 - كانون الثاني/ يناير 2013 الرئيسسة
تطورات اقليمية

استهداف المنازل في القطاع كعقاب جماعي

تسبب الاعتداء الأخير على قطاع غزة في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2012، الى تضرر 10 ألاف منزل، منهم 120 منزل تم تدميرهم بشكل كامل، في حين أن العدد الإجمالي للمنازل التي دمرت أو تضررت بشكل جسيم قد بلغ 450. فضلا عن نزوح 12 ألف شخص أثناء الأعمال العدائية، تم وضعهم في 14 مدرسة تابعة لوكالة الأنروا كملاجئ لهم وقت الاعتداء، لا يزال منهم ثلاثة ألاف شخص مشردين بسبب تضرر منازلهم جراء القصف الإسرائيلي، وهناك ما يقرب من 15.000 شخص، لايزالون أيضا مقيمين لدى عائلات أخرى.  

 وقد أكد تقرير التقييم المبدئي العاجل، الصادر من مكتب تنسيق الشئون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة (أوتشا)، في 18 من ديسمبر / كانون الأول 2012، أن الهجمات الجوية الإسرائيلية قد استهدفت 1500 موقع في قطاع غزة، مقارنة بالاعتداء في عام  2009 والتي استهدفت 500 موقع. ما يعني أن الهجمات كانت واسعة الانتشار، وبالتالي ففضلا عن الأضرار المادية جراء الهجمات، فإن بقايا المخلفات المتفجرة قد تشكل خطراً على حياة السكان عموما، وكذلك تعيق الوصول إلى الأراضي الزراعية. 

أستهدفت إسرائيل في ظهر 14 نوفمبر الماضي، سيارة أحمد الجعبري أحد القادة الميدانيين للجناح العسكري لحركة حماس بقذيفة صاروخية، وكانت بداية للعملية العسكرية التي شنتها إسرائيل والتي سميت عامود السحاب، وقد أعقبها عدة أسابيع من تصعيد للعنف على نحو متقطع، قامت خلالها الفصائل الفلسطينية بهجمات صاروخية عشوائية على جنوب إسرائيل، في حين قامت إسرائيل بهجمات جوية على عدة أهداف داخل القطاع.

وقد كانت أخر عملية إسرائيلية عسكرية واسعة النطاق على القطاع، في نهاية 2008 وبداية 2009، أحدثت أثارا مدمرة حياة المدنيين، نتج عنها آلاف القتلى والجرحى، إضافة إلى تدمير واسع النطاق للمنازل والبنية التحتية، وسبل العيش. وبدأت من حينها حدوث تصعيد محدود للعنف كل بضعة أسابيع، أثرت على حياة سكان غزة وجنوب إسرائيل.

وقد تفاقم الوضع المأساوي للمدنيين في القطاع، نتيجة الحصار البري والبحري الذي فرضته إسرائيل، عقب سيطرة حركة حماس على القطاع في يونيو/ حزيران 2007، ولا يزال الحصار مستمر على الرغم من قيام إسرائيل بتسهيل بعض الأمور في منتصف 2010.

وقد تابعت شبكة حقوق الأرض والسكن التقارير الواردة بشأن الانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة في قطاع غزة في عملية عامود السحاب، والتي استمرت لمدة أسبوع من 14 وحتى 21 نوفمبر/ تشرين الثاني، ففي يوم الجمعة 16/11، دمر القصف الإسرائيلي منزل عائلة آل صلاح، مما أسفر عن إصابة جميع أفراد العائلة المكونة من 31 فردا بجراح تنوعت ما بين المتوسطة والخطيرة، وفي يوم الأحد 18/11، دمر طيران الاحتلال منزل عائلة الدلو 16 مما أودى بحياة 11 مواطنا وإصابة 10 مواطنين من العائلة من بينهم استشهاد 4 أطفال و4 نساء. وفي يوم الاثنين 19/11، دمر قصف الاحتلال منازل عائلة عزام وأبو زور و حجازي في عدة مناطق من القطاع، مما أسفر عن مقتل أربعة مواطنين بينهم طفل وشاب وسيدتان، وإصابة أكثـــر من 35 مواطناً معظمهم من الأطفال، منهم سبعة في حالة خطرة.

ويؤكد هذا الأسلوب مجدداً على أن إسرائيل لا تزال مستمرة في انتهاج سياسة عسكرية لمهاجمة منازل المدنيين كوسيلة لمعاقبتهم وترويعهم في سلوكها الحربي. وقد أكدت الشبكة تلك الاستراتيجية في مساهمتها في تقرير بعثة تقصي الحقائق بشأن الاعتداء على غزة في 2008-09، والمعروف بتقرير (غولد ستون)، وأشارت في تقريرها في الصفحات (210,214,253,265)، أن تلك الاستراتيجية تشكل جزءا من سلسلة متصلة في العقيدة العسكرية الإسرائيلية، منذ 10 مارس 1948. ولا زالت ممارسة إسرائيل في هدم المنازل مستمرة في أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث قامت بتدمير 543 منزل وتشريد 817 فلسطيني، بالإضافة إلى الاعتداء على غزة في عام 2012.

فممارسات العقيدة العسكرية الإسرائيلية في الهدم الجماعي للبيوت، وتدمير الممتلكات العامة والخاصة، سواء منذ عامي 48، و 67، في الضفة الغربية وقطاع غزة، أو لا حقاً في مرتفعات الجولان السورية، وفي اجتياح لبنان، هي ممارسات محظورة بشدة طبقا للمادة (53)، من اتفاقية جنيف الرابعة، والمادة (51)، من بروتوكولها الإضافي، وكذلك المادتين (7،8)، من ميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية، فضلا عن ان اتفاقية جنيف الرابعة في مادتها (33)، تحظر صراحة وتجرم العقاب الجماعي في أي صيغة كانت.

وفي متابعة لتقرير جولد ستون، فقد فشلت التحقيقات اللاحقة للجنة الأممية للخبراء المستقلين، في تلبية الحاجة إلى التحقيق في تلك الجرائم المزعومة سواء على مستوى القيادة العسكرية أو السياسية. وقد تكررت تلك الممارسات الإسرائيلية الثابتة في نهاية 2012. وبالتالي كان متوقع تكرار فشل جميع الأطراف بدءا من مجلس الأمن، والمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، والحكومة السويسرية المودعة لاتفاقيات جنيف، في ضمان احترام القانون الدولي لحقوق الإنسان، ووضع المحاسبة، وفي النهاية، ردع تلك الممارسات العسكرية المستمرة المجرمة.


Back
 

All rights reserved to HIC-HLRN