English عن التحالف اتصل بنا الاصدار 5 - كانون الثاني/ يناير 2013 الرئيسسة
تطورات اقليمية

الأقاليم المتنازع عليها في العراق

في 17 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أوقعت سلسة من الهجمات المسلحة 11 شخص في المناطق المتنازع عليها بين بغداد وإقليم كردستان شبه المستقل، عقب فشل المفاوضات بين كردستان والحكومة المركزية بشأن تلك المناطق بعد ما شكلت بغداد قوات أمنية عرفت بإسم قيادة عمليات دجلة لإدارة الملف الأمني لتلك المناطق الواقعة تحت نفوذ حكومة إقليم كردستان.

وعلى الرغم من تلك الهجمات والخلافات الواقعة بين الحكومتين المركزية والكردية، إلا أن الدستور العراقي قد أقر الإعترف بأحقية الأكراد في استرداد حقوقهم؛ كما أقر الوسيلة التي أجمع عليها المجتمع العراقي لحل ذلك الصراع الإثني من خلال تطبيق مبادئ العدالة والإنصاف.

وتنص المادة 140 على السلطة التنفيذية في الحكومة الانتقالية تمتد وتستمر بموجب هذا الدستور على أن تنجز كاملة ( التطبيع، الإحصاء، وتنتهي باستفتاء في كركوك والمناطق الأخرى المتنازع عليها ، لتحديد إرادة مواطنيها) في مدة أقصاها الحادي والثلاثون من شهر كانون الأول سنه 2007.

وقد شكل البرلمان العراقي لجنة خاصة لدراسة في آذار/ مايو2011، لدراسة وتنفيذ التوصيات المتضمنة في تلك المادة التي وضعت تحديد للمناطق المتنازع عليها وعرفتها بأنها:

 تلك المناطق التي تعرضت لممارسات النظام السابق والمتمثلة بالتغيير الديموغرافي وسياسة التعريب وتغيير الوضع السكاني من خلال ترحيل ونفي و تهجير الأفراد من أماكن سكناهم كهجرة قسرية و توطين أفراد آخرين مكانهم وصادرة الأملاك والأراضي والاستملاك، وإطفاء الحقوق التصرفية وحرمان السكان غير العرب من العمل من خلال تصحيح القومية[فرض الهوية العربية] أو من خلال التلاعب بالحدود الإدارية لتلك المناطق بغية تحقيق أهداف سياسية كان يبغيها النظام السابق، والفترة القانونية التي تعمل عليها المادة 140 للمناطق المتنازع عليها تنحصر من تاريخ 17 تموز 1968 ولغاية 9 نيسان 2003.

تعاني العلاقة بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان أزمة حادة بسبب خلافات عدة، آخرها تشكيل بغداد قيادة عمليات دجلة لتتولى مسؤوليات أمنية في مناطق متنازع عليها.

من الناحية الحقوقية، تشكل المادة 140 خطوة رئيسية في السعي إلى الإنصاف والمصالحة، لمعالجة الانتهاكات التي تعرض لها كلا من المهجرين والمرحلين، ولكن تلك الخطوات قد تحتاج إلى سنوات من التطبيق، فالمراحل الثلاث المحددة (التطبيع، ثم الإحصاء، يليها الاستفتاء)، تستدعي إلى مجموعة من الإجراءات والتدابير المفصلة والدقيقة حتى لا توقع انتهاكات أخرى على سكان تلك المناطق، مثل الحاجة لإرشاد قانوني أكثر من التي وردت في المادة 58 من قانون إدارة المرحلة الانتقالية، التي هي أصل المادة 140.

فمهمة التطبيع وحدها تعني الامتثال إلى معايير العدالة والإنصاف، ووضع ترتيبات للبناء الاجتماعي والمصالحة من خلال تحسين العلاقات وإعادة بناء الثقة وضمان الأمن والحرية دون تمييز.

وقد شُكلت مرحلة التطبيع وفقا للمادة 58، من أربع إجراءات، (1) نزاعات الملكية العقارية، (2) إعادة المهجرين والمرحلين، (3) إعادة الوافدين إلى مناطقهم الأصلية، (4) إعادة الحدود الإدارية السابقة لكركوك ولمحافظات أخرى. ولكن تفتقر تلك الترتيبات إلى المعايير والآليات الضرورية، التي ستحكم عملية التطبيق حتى لا تتعرض أي مجموعة سواء من العرب أو الأكراد إلى انتهاكات بسبب تطبيق تلك الإجراءات.

فهناك مخاطر كامنة في مسألة التعويضات ضمن تسوية نزاعات الملكية العقارية، التي تقضي بإعادة المقيمين إلى منازلهم وممتلكاتهم، وإذا تعذر ذلك، على الحكومة تعويضهم تعويضا عادلاً.

فعلى الرغم من إنشاء الهيئة العليا لحل النزاعات الملكية العقارية، لانصاف الطرفين، المصادر حقه والمالك الجديد لتسهيل عمل حل النزاعات، هناك الكثير من المعوقات نتيجة عدم توفير الآليات الخاصة بالتنفيذ، فعلى الرغم من تصريح الهيئة بانجاز ما يقرب من 70 بالمائة من الدعاوى.

فقضية التعويضات، تثير جدلاً لأنه وحده لا يكفي، لتنفيذ مبادئ الإنصاف والعدالة، و التي تعتبرها معيار من ضمن معايير أخرى، تشكل فيما بينها الحق في جبر الضرر، وهو المبدأ الذي لم يتم النص عليه صراحة ضمن المادة 140 من الدستور العراقي، فالمتضررين اللذين تم تعويضهم ماليا فقط، يشكون من أن التعويضات التي احتسبت كانت بأسعار زهيدة جداً، و لا تتناسب وقيمة الأملاك التي فقدوها أثناء تهجيرهم منها قسرا. وفي حين أن اللجنة المسئولة عن التطبيع قد أصدرت عدة قرارات تتضمن التعويض المالي إضافة إلى التعويض بقطعة أرض في المناطق التي هُجر المتضررين منها.

إضافة إلى ذلك، يواجه العديد من المتضررين الاستحواذ على أملاكهم وأراضيهم من قبل مسئولين ومتنفذين، ولم يستطيعوا التصرف فيها، وفي حين الإعلان عن إعادة نحو 90 ألف دونم من الأراضي الزراعية إلى مالكيها الأصليين إلا أن المتضررين يعانون أيضاً من ظاهرة الاستحواذ على الأراضي و قيام مافيا الأراضي بالاستيلاء على المئات من الدونمات بأسعار رمزية وتحويلها إلى منتجعات شخصية أو استثمارها في مشاريع سكنية.

وهناك العديد من الفلاحين الأكراد الذين استردوا أراضيهم لم يتمكنوا منها حيث لا يزال العرب يسيطرون على تلك الأراضي، وأنهم حاولوا أكثر من مرة حرث أراضيهم وزرعها ولكن لا يزال العرب يعتبرون أنفسهم مالكي تلك الأراضي يمنعون المالكين الأكراد منها.

وقد لاحظ أحمد منصور، باحث قانوني التحالف الدولي للموئل - شبكة حقوق الأرض والسكن، أن هناك “احتمال نشوب صراع في كل من المناطق الريفية والحضرية. وعلى الرغم من أن الأكراد النازحون يعودون بأعداد كبيرة إلى كركوك، فالمدينة ليست لديها القدرة على استيعاب مثل هذا التدفق، حيث يعيش كثيرون منهم في ظروف بائسة. ومن الممكن أن تنشأ نزاعات جديدة حول الأراضي الزراعية مما يهدد بإشعال نوع جديد من العنف والتمزق الاجتماعي، وأن العواقب قد تكون وخيمة إذا حاول أي طرف الاستيلاء على امتيازات غير عادلة.

وقد نشبت بعض المناوشات في عدة قرى، بين العائدين والمجتمعات الحالية التي سبق نقلها. و الجدير بالذكر أن في قرية البشير جنوب كركوك، اشتبك التركمان العائدون مع المقيمين العرب الذين رفضوا السماح لهم باستصلاح أراضيهم. و بالفعل في عام 2004، تدخلت  قوات الاحتلال هناك من أجل التوصل الى حل وسط.

أما قضية إعادة الحدود الإدارية السابقة للمناطق الأكراد، والتي تعتبر خطوة رئيسية ضمن عملية الإنصاف والمصالحة، فهي تفتقر إلى وضع معايير محددة تراعي السكان من غير الأكراد، لأنها ستخلف ما يقرب من 15 ألف أسرة أصبحوا من البدون ولا يتمتعون بالجنسية العراقية، نزحوا من المناطق المتنازع عليها، وأنهم متضررون لعدم موافقة سلطات الإقليم في كردستان على منحهم الوثائق الثبوتية الرسمية من مناطقهم الأصلية داخل أراضيه.

وكذلك مدى مراعاة حقوق السكان التركمان الذين يعيشون في تلك المناطق قبل التغيير الديموغرافي الذي أحدثه نظام صدام حسين. وبالتالي من العاجل الآن هو حل الصراع بين الحكومتين المتصارعتين الكردستانية والمركزية وذلك من أجل التوفيق الإجراءات مع المادة 140 لإجراء الاستفتاء المقرر.

للاطلاع على موضوع ذات صلة:

استعادة القيم- التحديات المؤسسية التي تواجه عملية تعويض ضحايا الانتهاك حقوق الأرض والسكن في العراق، (القاهرة، شبكة حقوق الأرض والسكن،2005)


Back
 

All rights reserved to HIC-HLRN