English عن التحالف اتصل بنا العدد 25 / 26 - أيار / مايو 2022 الرئيسسة
تطورات عالمية

تفاؤل حذر: حقوق الإنسان والعمل المناخي

هل يمكن للمقرر الأممي الخاص المعني بحقوق الإنسان في سياق التغير المناخي، أن يساهم في العدالة المناخية والبيئية؟

التقرير الذي صدر عن منظمة الصحة العالمية (WHO)، في شهر إبريل/نيسان الماضي، أطلق ناقوس الخطر بالكشف عن أن 90% من سكان العالم يتنفسون هواءً ملوثاً. كما يقدم التقرير مزيدا من الحقائق القاسية، مضيفاً بأن هناك 6 مليون شخص حول العالم يموتون نتيحة تلوث الهواء.

وهناك العديد من التقارير مستمرة في مناقشة تلك الحقائق، ومنها تقرير منفصل صادر عن الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ (IPCC)، والذي تزامن مع تقرير منظمة الصحة العالمية (WHO)، حيث ذكر بشكل مباشر وصريح، بأننا قد تجاوزنا عتبات التلوث التي من المحتمل أن تؤدي إلى دمار وكوارث وشيكة الحدوث. وأضاف التقرير أن الإخفاق المستمر لحكومات الدول في إعمال التزاماتهم بتخفيض الانبعاثات بشكل سريع وعميق ومباشر قبل حلول عام 2030، سيكون مكلفاً للغاية على البيئة والبشر. وتلك السنوات الثماني القادمة ستكون حاسمة، وفي إنتظار إتخاذ تحرك في أي مكان سوف يؤدي حتماً إلى تقويض أعمال الإصلاح وحقوق الإنسان الأساسية، في كافة أرجاء العالم.

ولا يخفى عليكم اليوم، بأن الظواهر الطبيعية والبيئية، لها تأثير مباشر على حياة الناس، ومن الممكن ترتفع إلى مستوى الكوارث الطبيعية، نتيجة التغيرات المناخية، مثل الجفاف، والفيضانات، وإرتفاع درجات الحرارة، وارتفاع منسوب البحر، ونقص التنوع الحيوي.

والجدير بالذكر، بأن ثروات أصحاب المليارات قد ازدادت وتخطت 3.9 دولار أمريكي في الفترة من مارس/أذار، وحتى ديسمبر/ كانون الأول 2020، فيما تزامن تأثير جائحة كوفيد 19، مع الزيادة الأولى في الفقر منذ أكثر من 21 عاماً، وتزايد أعداد من يعانون الفقر المدقع من 119 إلى 224 مليون شخص.

وقد تشكل هذه المظاهر جميعها، بداية ما يمكن توقعه من تفاقم خلال السنوات القليلة القادمة، والتي قد يموت فيها الملايين من الأشخاص، ويصبحون بلا مأوى، ويعانون من أمراض ناتجة بشكل مباشر عن التلوث، خاصة في العالم الجنوبي، حيث يتوطن الفقر، والدخل المحدود، والأمراض، وانخفاض معدل التعليم، وضعف المؤسسات، والتكنولوجيا العقيمة، وغيرها من أوجه عدم المساواة والفجوات بين الشمال والجنوب التي لا تزال قائمة. ونظرا لأننا لا نشهد تقدم كبيراً لتجنب ذلك الحرمان، فمن المرجح إزدياد حدة الانتهاكات البيئية، وتعميق متطلبات الجميع للحفاظ على حياة الإنسان بكرامة.

ولذلك، فالعمل وفق نهج يتوخى الحذر، ومستند إلى مبادئ حقوق الإنسان، وضمن تعهدات واضحة من قبل الدول والحكومات، في حق الإنسان في بيئة صحية وسليمة، حيث يعيش فيها من أجل التمتع بحقوقنا الأخرى، هو بمثابة هدف، ووسيلة، وإجراء، وكذلك نضال، يجب على جميع النشطاء العمل والسعي من أجل تحقيق ذلك يومياً.

لقد كان العام الماضي عاماً هاماً، فقد شهد العالم بعد جائحة كوفيد-19، أهمية وتأثير التضامن العالمي. والقرارت التاريخية التي تم اتخاذها، ومن بينها قرارات مجلس حقوق الإنسان، والتي كان أهمها، الاعتراف صراحة ببيئة آمنة، نظيفة، صحية، ومستدامة، كحق من حقوق الإنسان، وما تبعه من قرار بتعين مقرر أممي خاص بحقوق الإنسان في سياق تغير المناخ. ومن جهة أخرى أنشأت مؤخراً هيئة الأمم المتحدة ومنظمة العمل الدولية، برنامج تسريع عالمي للمساعدة على ضمان التمويل العالمي، لخلق 400 مليون وظيفة، وتوسيع شبكة الحماية الاجتماعية لتشمل 4 مليار شخص غير مشمولين بتلك التغطية حالياً.

وبنضال وتشجيع من المجتمع المدني، عمل مجلس حقوق الإنسان على معالجة الأثار الجانبية للتغيرات المناخية على حقوق الإنسان منذ عام 2008، من خلال آليات وأنشطة متنوعة. وغم ذلك، كانت تلك التحركات مشتتة هنا وهناك، على الرغم من الضرورة الملحة لأزمة المناخ العالمية، وتواتر آثارها. والمجلس باعتباره هيئة سياسية، لم يكن قادراً على معالجة قضية المناخ بشكل شامل، وفق منظور حقوق الإنسان. وحتى القرار الذي يعترف بحق الإنسان في البيئة، لا يوضح الالتزامات القانونية للدول، ولا يوفر دعماً فعالاً للمجتمعات المتضررة الموجودة على الجبهة الأمامية لتدمير البيئة والتغيرات المناخية.

قد تكون الاجراءات المتخذة، للحد من التلوث البيئي، وحماية الموارد الطبيعية،  والحماية من التغيرات المناخية في سياق حقوق الإنسان، تسير بشكل بطئ إلى حدما، ولكن اتخاذ أية إجراء هو بمثابة انتصار كبير وأساس ثابت لنا للعمل. ولا ننسى أن الرأسمالية المارقة قد ألقت بظلالها القاتمة على كل شئ من حولنا، وحجبت الكثير من الحقوق الحالية للمجتمعات والأجيال القادمة.

وننحن نرحب بتعين د. إيان فراي  توفالو (Ian Frye Tuvalu)، مقرراً خاصاً لحقوق الإنسان في سياق التغير المناخي. حيث يتمتع د.فراي، بخبرة طويلة كمفاوض بشأن المناخ لدول جزر المحيط الهادئ من خلال اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC)، مع سجل حافل في دعم النهج القائم على حقوق الإنسان للتعامل مع التغيرات المناخية، والمساهمة في تحقيق المزيد من إجراءات مناخية منصفة وطموحة، كما لعب دور في حماية المجتمعات من آثار آليات الاتجار بالكربون الضارة. كما يقدم المقرر الخاص الجديد وجهة نظر الجزر الصغيرة النامية، حول المخاطر المتزايدة التي تواجهها المجتمعات الأكثر ضعفاً في العالم، والتي تعتبر كذلك، الأقل في تحمل المسؤولية عن حالة الطوارئ المتعلقة بالمناخ، والسعي وراء العدالة المناخية.

ومع هذا، فإن قرارات العام 2021، من شأنها أن تعزز دور المجلس في تناول التغيرات المناخية، وحماية الناس من أثاره السلبية، وتعزيز احترام مبادئ حقوق الإنسان وحمايتها، في سياق الاستجابات المناخية، تجاه العدالة المناخية والإنصاف.

الصورة في الصفحة الأمامية، هي لشعار الاحتفا بذكرى اليوم العالمي للأرض إبريل 2022، المصدر: جمعية دبين للتنمية البيئية. الصورة في صفحة المقالة، Dr. Ian Frye، الذي تم تعينه حديثاً، كمقرر خاص بشأن حقوق الإنسان في سياق التغيرات المناخية.


Back
 

All rights reserved to HIC-HLRN