English عن التحالف اتصل بنا العدد 23 - تموز/ يوليو 2021 الرئيسسة
المقال الافتتاحي

المشردون

عدد هذا الشهر رقم 23 من نشرة أحوال الأرض/ LandTimes، حافل بالذكريات، والعمليات، التي تجعلنا نفكر في واحدة من أكبر المشاكل على كوكبنا المتصارع والمتغير مناخيا. فالتشريد القسري للسكان، بما في ذلك المستوطنات البشرية بأكملها، هو إرث للنشاط البشري بقدر ما هو إرث للاحتباس الحراري نفسه.

بداية من القباب الحرارية والفيضانات الأخيرة التي لم يسبق لها مثيل، والتي ابتليت بها نصف الكرة الأرضية الشمالي، فنحن نتذكر حديثاً، الخراب الذي ألحقناه بموئلنا الوحيد، وهي الأرض. وعلى امتداد هذا النطاق أيضا، برزت مرة أخرى قصة الاستعمار، وما صاحبها من عمليات تشريد وإبادة جماعية، خاصة مع كشف عن القبور الجماعية لأطفال الشعوب الأصلية في كندا، التي حاولت الأمم الأولى على مدى اكثر من قرن، أن تخبر العالم بها.

فالاستمرار ممارسة التطهير العرقي، ونقل السكان في العالم الأوسط في (شمال أفريقيا وغرب آسيا) - سواء كان ذلك عن طريق احتلال المغرب للصحراء الغربية، وميليشيات داعش، وقوات الحكومة السورية، وإسرائيل، وطالبان أفغان - يذكرنا هذا في الوقت الحاضر، باستمرار ذلك التاريخ المأساوي وإسكات ضحاياه. وفي الوقت نفسه، فإن الاحتفالات التذكارية المتزامنة تجعلنا نتوقف لنأخذ في الحسبان حالات التشريد هذه.

وتتكلم اثنان من تلك الفاعليات، عن استمرارية التشرد وأهميته الحالية: أحدها هو إطلاق الأمم المتحدة هذا العام العقد الدولي الرابع للقضاء على الاستعمار، والذي جاء في الذكرى السنوية الستين، لإعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة (A/RES/1514 XV)، وفي الوقت نفسه، يصادف هذا العام أيضا الذكرى السنوية الخامسة والأربعين للعهدين الدوليين لحقوق الإنسان. (العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعيه والثقافية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية)، والتي تكرس كذلك، التزام الدول بدعم حق الشعوب في تقرير مصيرها، و تحقيق غاياتها، والتصرف بحرية في ثرواتها ومواردها الطبيعية ( المادة العامة 1.2).

وهناك ايضاً في هذا الشهر، الذكرى السبعون لاقرار اتفاقية اللاجئين. ويثير هذا العدد من  نشرة أحوال الأرض/ Land Times، في استعراضه لتلك العلامة البارزة، تساؤلات بشأن وضع المعاهدة في العالم. والأهم من ذلك، بالإضافة إلى تقرير اليوم العالمي للموئل لعام 2020، الصادر عن شبكة حقوق الارض والسكن – التحالف الدولي للموئل. يشير المقال الذكرى السبعين للاتفاقية الدولية لللاجئين،إلى زيادة ثلاثة ملايين لاجئ ومشرد في السنة الماضية فقط، حيث بلغ مجموع المتضررين في جميع أنحاء العالم رقما قياسيا نحو 80 مليون شخص.    

وفي هذا العام الخامس والثلاثين من إعلان الحق في التنمية، نحو تحويل عالمنا: خطة التنمية المستدامة لعام 2030، تدخل عامها الخامس، حيث تلقى المنتدى السياسي الرفيع المستوى، 42 استعراضاً وطنياً طوعياً للدول، بشأن التقدم المحرز نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، أي ثلث الطريق بالكامل إلى جدول أعمال عام 2030. والرسالة في هذه السنة هي، أنه على الرغم من الوباء، العالم يقصر كثيرا عن تحقيق الأهداف الموعودة.

وعلاوة على ذلك، حذرت الرسائل من التحالف الدولي للموئل في عامي 2019 و2020، من أنه على الرغم من الوعود السامية بطريقة منهجية بمواءمة، التعهدات السياسية العالمية مع التزامات حقوق الإنسان، فإن هذا الجهد لم يرق إلى مستوى التوقعات. ومن أجل التعافي من الوباء كوفيد19، وضعت أصوات الموئل (Habitat Voices)، رؤية بديلة لهذا العام، ووجهت دعوة أخرى إلى السعي لايجاد موئل حقوق الإنسان (Human Rights Habitat).

وفي الوقت نفسه، الذي تغض فيه الأهداف والمؤشرات المتعلقة باهداف التنمية المستدامة الطرف عن معايير حقوق الإنسان، المتصلة بالهدف رقم 11، ولا سيما البدائل التي تحول دون إفقار الإخلاء القسري. غير أن الجهود الدؤوبة المبذولة في إطار نظام حقوق الإنسان، مثل الدراسة الجارية، للمقرر الخاص بشأن التمييز والفصل المكاني في السكن، التي قدم تقريراً عنها هنا، تسعى إلى تسليط الضوء على الفجوات، والحاجة إلى تغييرات أكثر جوهرية في سلوك الدولة.

وقد عبر العديد من المراقبين عن أن بدء تنفيذ قمة النظم الغذائية التابعه للأمانة العامة للأمم المتحدة، في سبتمبر/أيلول 2021، يجسد تلك الوعود المتعثرة بتماسك حقوق الإنسان وسياسيات التنمية، على النحو الموضح في مقال العدد تلاشي قمة الأنظمة الغذائية أو إلى أين. وفيما يتعلق بعملية وضع القواعد والمعايير، هي جهود لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التابعة للأمم المتحدة، التي على الرغم من نواياها الحسنة، إلا أنها تخاطر بإرسالنا عدة خطوات إلى الوراء. أما عن ومشروع التعليق العام بشأن الحق في الأرض للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والذي طال انتظاره جاء مخيب للآمال في هيكله ومضمونه. ومع ذلك، ومع استمرار المشاورات، والتشجيع على تقديم المدخلات حتى 27 تموز/يوليه 2021، وتؤكد الشبكة أن التقيد بالعهد، وبقواعد العلم ذات الصلة، يستدعي الاعتراف بحق الإنسان في الأرض.

ولا تزال جهود المجتمع المدني والمقدم عنها تقرير في هذا العدد من نشرة  أحوال الارض/LandTimes، تصحح مسار السياسات العالمية، والمحلية وحقوق الإنسان المتصلة بالموئل. وبككل خاص، يسهم أعضاء التحالف الدولي للموئل في مشروع الإصلاح الزراعي في أنغولا الضروري للغاية، وفي مشروع تحديد الآثار الكمية على النساء اللاتي تم تجريدهن من الأرض والمنزل في زامبيا وزمبابوي، فضلا عن السعي إلى المساءلة عن انتهاكات حقوق الشعب الفلسطيني الأصلي في السكن والأرض، في ظل نظام دائم من الفصل العنصري ونقل السكان، وسط اعتداءات على السيادة الغذائية، ليس أقله مأساة عن قطاع غزة المحاصر والممزق. ولا تزال هذه الجهود تشعل شمعة ضد الظلام، وتتمسك برؤية موئل لحقوق الإنسان دون تشريد.


Back
 

All rights reserved to HIC-HLRN