English عن التحالف اتصل بنا العدد 23 - تموز/ يوليو 2021 الرئيسسة
تطورات اقليمية

الشعب الفلسطيني الأصلي

لقد حدثت فاعلية نادرة وجديرة بالترحيب في الدورة العشرين للمنتدى الدائم المعني بقضايا السكان الأصليين، الذي انعقد في الفترة من 19 إلى 30 إبريل/نيسان 2021. الاجتماع جاء تحت عنوان السلام والعدالة والمؤسسات القوية: ودور الشعوب الأصلية في تنفيذ الهدف 16 من الأهداف الإنمائية المستدامة (التشجيع على إقامة مجتمعات مسالمة لا يُهمَّش فيها أحد من أجل تحقيق التنمية المستدامة، وإتاحة إمكانية الاحتكام إلى القضاء للجميع، وبناء مؤسسات فعالة وخاضعة للمساءلة وشاملة للجميع). وتحت هذا العنوان، انضمت شبكة حقوق الارض والسكن-التحالف الدولي للموئل HIC-HLRN، إلى عضوي التحالف، مؤسسة الحق، ومركز الميزان، إضافة إلى مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ومركز القدس للمساعدة القانونية، في جلسة على شبكة الإنترنت في 27 أبريل: نحو الهدف 16 للتنمية المستدامة في فلسطين: إعمال الحق الفلسطيني في تقرير المصير، وضمان المساءلة.

وشكل هذا الحدث أول مبادرة يتناول، كل الشعب الفلسطيني كشعب أصلي، في المنتدى الدائم المعني بقضايا الشعوب الاصلية التابع للامم المتحدة UNPFII، غير أن الفكرة ليست جديدة أو غير مسبوقة على الإطلاق. وقد نشأ التحليل المقارن لفلسطين مع الشعوب الأصلية وضحايا الفصل العنصري في الجنوب الأفريقي بالفعل في سياق الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1970، عندما عُرفت الحالات الثلاث جميعها بأنها حالات تمييز عنصري مؤسسي ومنهجي و/أو آثار للاستعمار.

وقد ظهرت في أواخر السبعينات، منظمة دولية غير حكومية ذات مركز استشاري، لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي، لتكرس جهودها لتطبيق ماهية التسمية، وهي اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري. وشمل ذلك بعض من أول تحليل مقارن، للشعب الفلسطيني في ظل الصهيونية، مع الموروثات الاستعمارية المشابهة لشعوب أصلية أخرى، وخاصة من جانب الراحل د. أنيس القاسم.

ونذكر أيضا بالانتفاضة الثلاثية لعام 1988 - في فلسطين، وشعب الكيتشوا Quichua،في سييرا/ الإكوادور، وأمة الموهوك Mohawk، في كاناواكي/كاناساتاكي Kanawake/Kanasatake،- في جميع الأنحاء، هناك عمليات تجريد لأراضيهم من قبل السكان غير الأصليين المهيمنين ومؤسساتهم. وفي ذلك العام في الأمم المتحدة في جنيف، وفي سياق اللجنة الفرعية التابعة للأمم المتحدة التابعة للجنة حقوق الإنسان آنذاك، استلهمت المنظمات الفلسطينية من النقب، جوازات السفر الوطنية للموهوكس التي دخلت بها سويسرا. وقد يختلف اليوم أن بعض الفلسطينيين يحملون جوازات سفر تعترف بجنسيتهم، ولكن بدون ما يقابلهم من تقرير المصير، أو السيادة على أراضيهم ومواردهم الطبيعية، ولا يزالون محرومين من سبل عيشهم.

وهذه التجربة هي التي تربط الفلسطينيين بالشعوب الأصلية الأخرى. وفي السبعينات أيضاً، وفي ذروة إنهاء الاستعمار في معظم أنحاء أفريقيا، دعمت اللجنة الفرعية التابعة للأمم المتحدة ولجنة حقوق الإنسان، دراسة أوضاع الشعوب الأصلية، وأجرتا في نهاية المطاف دراسات عن الأراضي والمعاهدات التي تم نقضها. وأصبحت نقاط التقاطع هذه بين الفلسطينيين، والشعوب الأصلية الأخرى، أكثر وضوحاً بعد بضع سنوات، مع الاعتراف ب تقرير مارتينيز - كوبو واعتماده، الذي حدد المعايير الرئيسية لتعريف الشعب الأصلي وهي:

  1. الوجود المستمر قبل عملية الاستعمار أو الهجرة الجماعية ،
  2. إقليم محدد للسكن الثابت ،
  3. الثقافة المتميزة عن المجتمع المسيطر، و
  4. تحديد الهوية الذاتية بوصفها من الشعوب الأصلية.

وعليه ، فإن الشعب الفلسطيني

1.   هم هؤلاء الناس الذين سبقوا الاستعمار الصهيوني منذ أكثر من قرن

2.   يتعرف بالأرض وهو نفسه الذي يحمل اسمها: فلسطين.

3.   ويحافظ على ثقافتهم المتميزة المعرب عنها اليوم ، منذ القدم ، المشبعة الآن بروح المقاومة ذات الطبيعة الوجودية والمحافظة على الذات.

4.   ويتجلى تحديد الهوية الذاتية هنا في هذه المبادرة الفلسطينية للمشاركة في منتدى الأمم المتحدة الدائم المعني بقضايا الشعوب الأصلية ، فضلا عن أشكال التعبير الأخرى على نطاق المنظومة الدولية.

وكشف الموضوع الفرعي لجلسة 27 نيسان/أبريل، الشعب الفلسطيني الأصلي في إطار وعود والتزامات أهداف التنمية المستدامة 16: السلام والعدالة والمؤسسات القوية. ولاحظت الجلسة مدى ارتباط الفلسطينيين بهذا الوعد، بما في ذلك الأهداف التالية:

16/3 - تعزيز سيادة القانون على الصعيدين الوطني والدولي وضمان تكافؤ فرص وصول الجميع إلى العدالة

16/6 - إنشاء مؤسسات فعالة وشفافة وخاضعة للمساءلة على جميع المستويات

16/7 - ضمان اتخاذ القرارات على نحو مستجيب للاحتياجات وشامل للجميع وتشاركي وتمثيلي على جميع المستويات

16/9 - توفير هوية قانونية للجميع، بما في ذلك تسجيل المواليد، بحلول عام 2030

16/أ - تعزيز المؤسسات الوطنية ذات الصلة، بوسائل منها التعاون الدولي، سعياً لبناء القدرات على جميع المستويات، ولا سيما في البلدان النامية، لمنع العنف ومكافحة الإرهاب والجريمة

16/ب - تعزيز القوانين والسياسات غير التمييزية لتحقيق التنمية المستدامة وإنفاذها

وفي هذا السياق، ناقش أعضاء فريق المناقشة والمشاركون هدف المؤسسات الديمقراطية، التي تخضع للمساءلة والشاملة للجميع في حالة فلسطين. قبل استعمار أراضيهم، نشأت حركة استعمارية معينة من الحساء البدائي للنظريات العرقية والقوميات العرقية في أواخر القرن 19 أوروبا. وسعت تلك الحركة الصهيونية إلى إقامة دولة فريدة في فلسطين للأجانب من ذوي الديانة اليهودية. مع أنها لم تف بمعايير الدولة وفقاً لما نفهمه الآن من معايير مونتيفيديو (1) إقليم محدد ، (2) سكان دائمون في هذا الإقليم (أي شعب/شعوب) ، و (3) مؤسسات عامة تعمل كحكومة، تعترف بها دول أخرى.

وفي حين أن الأرض المطهرة تعود بالفعل للشعب الفلسطيني، وفكرة الشعب اليهودي المتميزة عن الآخرين ستظل دائما موضع خلاف ، فقد أعطى مؤسسو الحركة الصهيونية الأولوية بدلا عن ذلك لإنشاء مؤسسات تعمل حصرا بما تسميه المواثيق الخاصة بهم العرق اليهودي، أو النسب. والغرض من هذه المؤسسات هو تهيئة الظروف اللازمة للوفاء بالمعيارين التقليديين الآخرين للدولة في النظام الدولي.

وهذه المؤسسات السابقة للدولة هي التي عملت من العواصم الغربية، ومن خلال النفوذ المتزايد كحكومة ظل، خلال الانتداب البريطاني في وحدة تقرير المصير التي حددتها الأمم في فلسطين للسيطرة على الأرض وجميع الموارد الطبيعية التي يملكها السكان الأصليون. وكانت من عمليات القضاء على الشعب الأصلي، 33 مذبحة استراتيجية والتطهير العرقي لأكثر من 500 قرية فلسطينية في النكبة. (كارثة) 1947-48، والتطهير العرقي اللاحق لمنطقة النقب الجنوبية، وتدمير 108 قرى وموائل أخرى لخلق تطويق (سياج) للفلسطينيين الأصليين هناك، والاستحواذ على الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، التي لا تزال محتلة بالقوة العسكرية في عام 1967.

وهذه المنظمات نفسها - بقيادة المنظمة الصهيونية العالمية/الوكالة اليهودية والصندوق القومي اليهودي - بمواثيق الفصل العنصري المشتركة، وهيئاتها التنفيذية المتداخلة، لا تزال تعمل باسم دولة إسرائيل لتجريد الشعب الفلسطيني الأصلي، من ملكيته واستبداله بالمستوطنين المستعمرين. وقد حان الوقت لاستجواب مؤسسات الفصل العنصري تلك. وهي تواصل أيضا القيام بذلك في حين أنها مسجلة كمؤسسات خيرية غير حكومية معفاة من الضرائب في نحو 50 بلدا في جميع أنحاء العالم.

وإضفاء الطابع الديمقراطي على مؤسسات الدولة، مطلب أساسي لتمكين الشعب الأصلي الفلسطيني، من استعادة ديارهم وأراضيهم ومواردهم الطبيعية الأخرى. وهذه المؤسسات والشركات المنتسبة إليها هي التي تنكر بشدة حق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف والمعترف به دوليا في تقرير المصير.

وفي هذا الصدد ، من المناسب التذكير بسمة أخرى من سمات جدول أعمال عام 2030، تعكس واجبا دائما للدول السابقة، والمستمرة الى ما بعد اهداف التنمية المستدامة. وتعهدت الدول في الفقرة 35 من جدول أعمال عام 2030 بما يلي: اتخاذ مزيد من التدابير والإجراءات الفعالة، وفقا للقانون الدولي، لإزالة العقبات التي تحول دون الإعمال الكامل لحق الشعوب التي تعيش تحت الاحتلال الاستعماري والأجنبي في تقرير المصير، والتي لا تزال تؤثر سلبا على تنميتها الاقتصادية والاجتماعية وعلى بيئتها. وفي عام 2021، وهو ثلث الطريق إلى تنفيذ جدول أعمال عام 2030، لا يتمتع هذا الوعد بأي مؤشر مناظر لأهداف التنمية المستدامة، أو الأهداف المستهدفة أو الرصد. وهذا الوعد المنكوث يتجلى على نحو أفضل من خلال استمرار الاحتلال الاستعماري، والأجنبي، لأراضي الشعوب الأصلية وحرمانها من سبل عيشها.

وتمثل الحالة الفلسطينية، مثالا بارزا على هذا النمط من الانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان والقواعد القطعية للقانون الدولي، الملزمة لجميع الدول، لدعم تقرير مصير الشعوب. ويعكس إعلان الأمم المتحدة لعام 2007 بشأن حقوق الشعوب الأصلية UNDRIP، تطور القانون الدولي، للاعتراف بحق الشعوب الأصلية، في تقرير المصير (المواد 3-4).

وقد تجسد الحدث الجانبي في منتدى الامم المتحدة الدائم المعنى بقضايا الشعوب الاصلية  UNPFII مهمة المجتمع المدني الفلسطيني، ومنظماته في إثارة قضيتهم تضامنا مع الشعوب الأصلية الأخرى، والمستعمرة والمحتلة في هذا العالم. كما أنها تشهد على هذا التحديد الذاتي للفلسطينيين، ومؤسساتهم لا يتسق فحسب مع التعهدات الطوعية لسياسة التنمية العالمية، بل يتسق أيضا مع حقوقهم غير القابلة للتصرف كشعب أصلي في أرضه، فلسطين.

المراجع التالية ذات الصلة:

 

Ahmad Amara and Yara Hawari, “Using Indigeneity in the Struggle for Palestinian Liberation,” al shabaka (8 August 2019);

Reem Barakat, “Ecological Practices of Native Palestinians and Native American Indians,” Maan ();

International Indian Treaty Council (IITC), “The International Indian Treaty Council Calls on Israel, the Biden Administration and the World Community to Support the Rights of the Palestinian People,” IITC (posted 17 May 2021, updated 23 June 2021);

Al-Qasem, Anis. “An International View of Racial Discrimination,” EAFORD Paper No. 15 (1981).

 

الصورة: رفع المؤيدون الفلسطينيون علم فلسطين في يلامو (Yelamo)، إقليم أوهلوني (Ohlone) (سان فرانسيسكو، كاليفورنيا)، في جزيرة ألكاتراز، في اجتماع يوم شروق الشمس التابع لمجلس معاهدة الهنود الدولية، أكتوبر 2019. المصدر: مجلس المعاهدات الهندي الدولي (IITC).


Back
 

All rights reserved to HIC-HLRN