English عن التحالف اتصل بنا الاصدار السابع -آب/ أغسطس 2013 الرئيسسة
تطورات اقليمية

برامج إعادة الإعمار الصراع القادم في سوريا

لا تزال ألة الحرب دائرة في سوريا منذ أكثر من عامين، تحصد أرواح المدنيين وتدمر معظم الاحياء والبلدات السورية، لاسيما وأن  أكثر المدن التي دمرت بشكل جسيم  مدينة حمص، حيث تم تديمر ثلثي المدينة. إضافة إلى أن عدد القتلى قد بلغ نحو 100 ألف بمعدل 5000 شخص شهرياً، وتشريد أكثر من 4 مليون نازح داخل البلاد، فضلا عن 1.8 مليون لاجئ في الدول المجاورة.

 وقد ذكرت مجلس الأمم المتحدة الاقتصادي والاجتماعي لغرب أسيا (الإسكوا)، أن ثلث الثروة العقارية في سوريا قد دمرت جراء عمليات القصف، حيث بلغ عدد المنازل التي دمرت بشكل كامل إلى 400.000 منزل، وتدمير 300.000 بشكل جزئي، فضلا عن تضر البنية الأساسية 500.000 منزل أخرين. وأضاف التقرير بأن النصيب الأكبر من عمليات التدمير تركزت في المناطق غير الرسمية، التي يعيش فيها الفقراء مثل حمص، ريف دمشق، حلب، درعا، ودير الزور. وفي تقرير أخر محلي منشور، هو أقرب لآلية تقدير الحساب الكمي  للخسائر. *  أكد التقرير المحلي أن عدد المنازل المدمرة كلياً بلغ 535 ألف منزل، بمعدل 1200 منزل يومياً، حيث أرتفع عدد المنازل المدمرة كلياً، من 390 الف منزل إلى 535 ألف منزل في خلال أربعة أشهر حتى شهر إبريل/ نيسان الماضي، وتدمير 475 ألف منزل بشكل جزئي، وتركز معظمها أيضا في المناطق غير الرسمية والتي يقطنها الفقراء، وأن العائلات المشردة من تلك المناطق والتي تزيد يزيد عن 700 ألف أسرة لم يعد لديها مسكن لتعود إليه.

 وقد قدر نائب رئيس الوزراء السوري السابق عبدالله الدرديري، والمسئول عن الشئون الاقتصادية، بأن تكاليف إعادة الإعمار قد تتجاوز 100 مليار دولار أمريكي.

 فيما يبدو أن هناك سيناريوهان لخطة إعادة الإعمار، السيناريو الأول وهو إعادة الإعمار في مرحلة ما بعد نظام الأسد، و المعد من قبل الهيئات الدولية سواء منظمة الإسكوا أو الإدارة الأمريكية أو الاتحاد الأوربي، والذي يشرف عليه عبدالله الدرديري، والسيناريو الأخر، المعد خطط من قبل نظام الأسد، بالاتفاق مع شركات روسية وإيرانية وصينية التي تسانده في صراعه مع المعارضة.

 وكعادة الحكومات الغربية في إدارة برامج إعادة الإعمار كما حدث في فلسطين و لبنان ثم العراق من وضع تلك البرامج في إطار التوجهات النيوليبرالية، التي تفتقر إلى الانضباط الذاتي بين المتعاقدين، ومعايير التنافسية، وكذلك تقويض دور الدولة، وعدم إشراك المجتمع في مشاريع إعادة الإعمار. فمشروع إعادة الإعمار في العراق، قد كرس نموذجا لخلق أمثل الفرص للقطاع الخاص، من خلال عمليات التدمير الفائقة للبنية التحتية والمباني.

 للمزيد عن تجارب برامج إعادة الإعمار في المدن المتأثرة بالحروب والنزعات: أنظر المدن العربية تحت تأثير الحروب والصراعات والتحديات التي تواجه التماسك الاجتماعي وإعمال حقوق الإنسان، (القاهرة: شبكة حقوق الأرض والسكن 2009. نموذج العراق صـ 21– 24). 

 في الوقت الراهن أقترحت كلا من  كلا من فرنسا وإسبانيا، وإيطاليا، بأن تجربة إعادة الإعمار في لبنان سوف تكون لها دور في برنامج إعادة الإعمار في سوريا والتحضير لتلك المرحلة في إطار رؤية إقليمية شاملة، كعادة قراصنة إعادة الإعمار في تجربة لبنان والعراق للسعي على وضع القطاع الخاص للهيمنة على تلك الخطط، نظراً إلى حالة الركود في السوق الأوروبي في الوقت الراهن.

 من ناحية أخرى، فعلى الرغم من سياسية هدم المنازل التي يتبعها دائما النظام السوري مع معارضيه، كما فعلها مع الأكراد من قبل، وضع النظام السوري، مجموعة من الإجراءات التحضيرية لخطة إعادة الإعمار، ولكنها تبدو ذريعة لاستعادة سيطرته على المدن والأحياء مرة أخرى، من خلال تفكيك المجتمعات في المدن التي تناهض النظام، وإزالة كافة المناطق غير الرسمية التي تمثل له تهديداً لنظامه. ففي فبراير/شباط الماضي تم إصدار القرار رقم 18905، باستملاك عقارات في بعض المناطق من أجل القيام بمشاريع الطاقة الكهربائية، وهو ما وصفه سكان تلك المناطق بأنه بعد قصفنا لعدة أسابيع، يأتي النظام اليوم ليكمل هدم ما نجا من صواريخه، ويسلبنا رزقنا. في حين صرح رئيس مجلس محافظة دمشق في مارس/آذار الماضي، بأنه تم وضع خطة لإعادة تخطيط المناطق العشوائية، ولن يكون هناك تمليك للمساكن في المناطق العشوائية.

 وعلى الرغم من أن عمليات التدمير لا تزال تمارس بشكل ممنهج و أصبحت خارج نطاق السيطرة، خصوصا بعد التدخل العسكري لأطراف أخرى في الصراع مثل حزب الله، بدأت بعض الهيئات الدولية الترويج لخطط إعادة الإعمار في سوريا، في مرحلة ما بعد نظام الأسد، والتي أطلقها عبد الله الدردري, نائب رئيس الوزراء السوري المسؤول عن الشؤون الاقتصادية السابق في سوريا، وترواحت تكاليف خطة إعادة الإعمار ما بين 60 مليار و 100 مليار دولار. وفي نفس الوقت طالب ستيورات بوين المفتش العام المعنى بإعادة إعمار العراق بالاستفادة من نتائج برامج إعادة الإعمار في العراق، في السيناريو السوري مستقبلا.

وفي كلا السيناريوهان، هناك مخاوف واضحة من العواقب التي تخلفها برامج إعادة الإعمار، خاصة وأن 50 % من المناطق السكنية في سوريا هي مناطق غير رسمية (عشوائية)، أي أن ساكنيها لا يتمتعون بحيازة آمنة لمساكنهم، فضلا عن أن المشردين والمهجرين لن يستطيعوا العودة مرة أخرى إلى مناطقهم التي دمرت وهدمت.

في النهاية يبدو أن خطط إعادة الإعمار هي المعركة القادمة التي ينتظرها السوريون، والتي ستخلف ورائها الكثير من الضحايا من الفئات المستضعفة والمهمشة الذين شردوا وفقدوا ممتلكاتهم ومساكنهم بفعل الصراع السياسي، ولن يكون لهم مكان في سوريا في مرحلة ما بعد الصراع. وستعتمد إعادة التخطيط ليس فقط على النطاق المكاني بل أيضا ستطال النسيج المجتمعي لتزيد التقسيم الطائفي.

 * أدوات شبكة حقوق الأراض والسكن لحساب العواقب انتهاكات التهجير والإخلاء القسري:

طاقم الأدوات لحقوق الأرض والسكن

أداة لتقييم أثار الإخلاء القسري

قاعدة بيانات الإنتهاكات

 


Back
 

All rights reserved to HIC-HLRN